الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوروبا والفاشية في الشرق الأوسط

خالد الفيشاوي

2005 / 6 / 9
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


شهدت معركة الانتخابات العامة في بريطانيا تطورا هاما , بتشكيل تحالف يجمع
المعارضين للحرب والجمعية الإسلامية في بريطانيا … يستهدف إسقاط حزب
العمال
البريطاني الحاكم والإطاحة بوزارة " توني بلير" …

الائتلاف المعارض للحرب , تشكل قبيل غزو العراق بدعم من حزب العمال
الاشتراكي البريطاني , ومن شخصيات عامة بريطانية و أعضاء سابقين في حزب
العمال البريطاني الحاكم , أبرزهم النائب " جورج جالاوي" , والعديد من
القيادات العمالية والنقابية .

ومنذ تشكيل هذا الائتلاف , يرتبط بعلاقات وثيقة مع جماعات الإسلام السياسي
في أوربا عموما , وفي بريطانيا على نحو خاص , توثقت هذه العلاقات في
مظاهرات الاحتجاج ضد الحرب على العراق .

ولعب المنتدى الاجتماعي العالمي , المعروف بمنتدى " بورتو اليجرى " ,
والمنتدى الاجتماعي الآسيوي بقيادة " والدن بيلو " دورا أساسيا في التنظير
لهذا التفاعل , وفي دعمه , بدعوى أن المعركة الأساسية على الساحة العالمية
في الوقت الراهن , هي المعركة ضد الحرب الأمريكية على الإرهاب , وأن القوى
الفاعلة في هذه المعركة هي الحركات الإسلامية والقومية في المنطقتين
العربية والإسلامية . ولابد من التحالف معها لعرقلة عجلة الحرب , وتكبيد
الأمريكيين أكبر قدر من الخسائر , يعيقهم عن التقدم في الحرب …

في هذا الإطار , تتفق الدوائر الحاكمة الأوروبية , خاصة في فرنسا وألمانيا
, حيث تخدم هذه السياسات لليسار الأوروبي سياستهم ومواقفهم ضد الحرب
الأمريكية , وحيث ترى أوروبا عموما أن الشرق الأوسط فناء خلفي للاتحاد
الأوروبي , لا يجب أن تنفرد الولايات المتحدة الأمريكية بالسيطرة على نفطه
وأسواقه …

في هذا الإطار أيضا , بادرت بلدان الاتحاد الأوروبي , بتوثيق العلاقات مع
جماعات الإسلام السياسي وعقد المزيد من اللقاءات والحوارات المشتركة معهم
باعتبارهم قوى مناوئة للمشروع الأمريكي في الشرق الأوسط …

ولما كان اليسار الأوروبي , يعمل لخدمة المصالح الأوروبية , بشكل تقليدي ,
وعلى مدار تاريخه , فقد استخدم المنتدى الاجتماعي العالمي , والمنتديات
القارية والإقليمية , لمناهضة الولايات المتحدة الأمريكية , وحروبها
للسيطرة على مصادر الطاقة والأسواق العالمية , دفاعا عن الحقوق الأوروبية
في اقتسام غنائم العولمة …

لذلك استخدم اليسار الأوروبي المنتديات الاجتماعية لمناهضة الحرب على
العراق , التي كادت أن تصبح القضية الوحيدة في اجتماعات المنتديات …

وعقدت عدة مؤتمرات دولية للم شمل اليسار الأوروبي على الجماعات القومية
والإسلامية في المنطقة , فقد عقد اجتماعا في جاكرتا في صيف 2003 للمنتدى
الاجتماعي الأسيوي , لتنظيم صفوف المقاومة ضد احتلال العراق والدعم الشعبي
العالمي لها , وأيضا تهيئة مناخ التعاون بين التيارات القومية والإسلامية
وبعض فصائل اليسار العربي , وفي نفس الإطار , عقدت هذه القوى الأوروبية
والإقليمية ثلاثة مؤتمرات في القاهرة , في السنوات الثلاثة الماضية , وأخر
في بيروت في صيف العام الماضي , تميزت بالمشاركة الكثيفة لجماعات الإسلام
السياسي وهامشية لليسار العربي , ومشاركة واسعة من حزب العمال الاشتراكي
البريطاني والمنتدى الاجتماعي الآسيوي , صاحبا المبادرة في دعم جماعات
الإسلام السياسي ولم شملهم على بعض الفصائل اليسارية والقومية…

تكشف مجمل هذه التحركات , والحوارات , و الائتلافات , عن تحالف يزداد
توثقا
بمرور الأيام , على المستويين الرسمي والشعبي , بين بعض الدوائر الحاكمة
الأوروبية والقوى الشعبية المناهضة للحرب , وبين القوى الإسلامية والقومية
في العالمين العربي والإسلامي…

لاشك أن مناهضة الحرب مهمة ذات أولوية … لكن دعم القوى الإسلامية والقومية
في المنطقة , يطرح مجددا إشكالية , دعم القوى الدولية المستمر للقوى غير
الديموقراطية في المنطقة … فمنذ ثلاثينيات القرن العشرين دعم الاحتلال
الأوروبي القوى الإسلامية في المنطقة ضد القوى الديموقراطية وقوى التحرر
الوطني , وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية , وبزوغ الولايات المتحدة
الأمريكية كقوة عظمى , دعمت التيارات الإسلامية في المنطقة لمواجهة الخطر
السوفييتي والمد الشيوعي , وفي الثمانينيات تم تجنيدهم في حرب تحرير
أفغانستان …

واليوم , تواصل أوروبا الرسمية والشعبية دعم التيارات الإسلامية والقومية
لمواجهة الهيمنة الأمريكية على العالمين العربي والإسلامي … هذا الدعم
لتيارات لم تتحل يوما بالروح الديموقراطية بل تناصبها العداء … يشكل
استمرار لخطر وقوع المنطقة في براثن الاستبداد والذي يبلغ ذروته في نماذج
الحكومات الإسلامية , ومواصلة قمع القوى الديموقراطية والليبرالية ,
والتباكي بعد ذلك على ضعف هذه القوى في المنطقة , وأن الأطراف الفاعلة
الوحيد هي جماعات الإسلام السياسي !! ..

الغريب أيضا , أن جماعات اليسار والتشكيلات الليبرالية في المنطقة , مع
اعترافنا بما تعانيه من ضعف بعد قمع تواصل لعقود طويلة , إلا أنها تكاد لا
تنتبه لمثل هذه التحركات الدولية والإقليمية , بل و الأدهى , أنها ترحب
بها
أحيانا , وتأخذ موقفا ذيليا لأكبر اتجاهين فاشيين في المنطقة … الإسلاميين
والقوميين …









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين في -عيد النصر-: لن نسمح لأحد بتهديدنا والقوات النووية


.. رحلات إنسانية.. الإمارات تنفذ عمليات إجلاء للأطفال المصابين




.. خيانة و قتل من أجل الحب


.. سموتريتش: يجب أن تستمر الحرب حتى القضاء على حماس بشكل كامل




.. استهداف جرافة عسكرية للاحتلال بعبوة ناسفة خلال اقتحام قباطية