الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميثاق الجبهة الأسلامية بين المصداقية ودجل المعارضة السياسية السورية

محمد الشمالي

2013 / 12 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


عندما سمعت بميثاق الجبهة الإسلامية الذي صدر بتاريخ 22 ـ 11 ـ 2013 حضرت نفسي لقراءة وثيقة سياسية من عشر ‏صفحات على أضعف تقدير ، عشر صفحات ( كالتي عودنا عليها منظري الأحزاب ) من التحليل والتأويل والجمع بين ‏المتناقضات . المتناقضات التي تعكس لنا التملق السياسي الذي يريد من خلاله سياسيو الثورة إرضاء اليمين واليسار ‏والقومي والوطني والمسيحي والمسلم والعلماني والمتدين والكردي والعربي والعلوي والدرزي والشيعي والإسماعيلي ...‏
‏ وكانت دهشتي كبيرة عندما وجدت أن الرؤية السياسية للجبهة الإسلامية وموقفها من مفاهيم شغلت السوريين كثيرا ‏كالعلمانية والديمقراطية والدولة المدنية لم تتعدى عدة اسطر. الميثاق سريع وواضح ومختصر ويتمتع بدقة الجراح الذي ‏يذهب بمبضعه إلى هدفه مباشرة ودون مراوغة أو تأويل أو تردد . وهذا يدل على عدة أشياء أتمنى أن أتوقف عندها قليلا ‏ليس بقصد الإطراء والتبجيل ولكن رغبة مني بإنصاف من صاغوها لما لطرحهم من وضوح ولما لثقتهم بنفسهم من قوة ‏ولما لإيمانهم بكل حرف خطه قلمهم من رسوخ .‏
‏1 ـ الانسجام في الرؤية الفلسفية أو السياسية يعكس حتما وحدة الهدف وروح التآلف بين فصائل الجبهة السته . صاغ قادة ‏الفصائل المشروع وكأنهم رجل واحد . وهذا ما دفعني للمقارنة بين الذهنية والروح اللتين سيطرتا على كتابة هذه الوثيقة ‏من جهة وبين الجو المسموم الذي عشت تجربته ( شخصيا ) مع عدد من الأخوة أثناء إعداد وثائق مشروع سياسي لتجمع ‏ما . فبعد عدة أسابيع توصلنا لكتابة وثائق مأساوية محشوة بالمتناقضات والحذلقات ، ولكن سرعان ما ذهبت لسلة ‏المهملات حتى قبل انعقاد ما سمي بالمؤتمر التأسيسي لهذا التجمع . ‏
‏2 ـ من الواضح أن هذا الميثاق ( من حيث شكله وأسلوب صياغته ) جاء ليترجم واقعا تعيشه فصائل وقادة عسكريين ‏مقاتلين وليسوا سياسيين منظرين بالمعنى التقليدي للكلمة، كهؤلاء الذين يكتبون من داخل شقة باريسية أو من غرفة في ‏فندق استانبولي فخم . طبيعة حياتهم اليومية لها إملاءاتها وأولوياتها : العمل على الأرض على وقع القنابل ، التفكير و ‏التخطيط للمعارك وتنفيذها... وانتظار الشهادة ... هذا الواقع لم يترك عندهم حتما المجال لترف التأويل والتمييز والتدقيق ‏على الفاصلة والنقطة . وهذا شيء بديهي أن لا نجد عندهم في لغتهم من ثرثرات كلامية وحشو لغوي متخصص يرضي ‏مزاج أبطال المدنية والديمقراطية والعلمانية . جاء النص خاليا فعلا من عدة النفاق السياسي الذي يبتغي إرضاء جميع ‏الأطراف على حساب القضية الأساسية التي يعاني بسببها السوري . الفصائل تعمل لمشروع وطني وليس لهدف شخصي ‏وهذا ما يبرر( في خطابها السياسي البسيط )هذه اللامبالاة التي قاربها السيد غليون من تشدد البعث وشموليته .‏
‏3 ـ المرونة في النظرية لا يعني حتما المرونة في التطبيق . عندما جمع البعث ، يا سيد غليون ، بين الإسلام و الاشتراكية ‏العلمية ، بين الوحدة الوطنية والوحدة القومية بين حقوق الإنسان وحرمان الأكراد من حقوقهم الوطنية ...إلخ كل الشعب ‏السوري انقاد بطيبة وراء هذه التناقضات المطلية بطبقة من الحرية وتحرير فلسطين... ( تماما كالخروف وراء الجزار) ‏الذي قاده شيئا فشيئا إلى مسلخ الطائفية ومحاربة الإسلام وسرقة أموال الدولة وحصرها بفئة محدودة ومصادرة الحريات ‏وتعبئة السجون بالمعارضين ... لا أعرف كيف يحق لنا أن نقارن فكرا وكلاما مقاوما تنتجه الثورة السورية التي تضحي ‏بخيرة شبابها ( حتى ولو كان لا يواكب مبدأ الحداثة ) بنظريات البعث التي دمرت نسيج المجتمع السوري ! هذا لا يمكنه ‏أن يكون سوى دجل سياسي لا يهدف في نهاية المطاف إلاّ الدفاع عن أجندة شخصية بائسة أو خطأ في تشخيص المرحلة .‏
‏4 ـ لنترك جانبا المعنى العميق لكل كلمة جاءت في الميثاق ، فهي تستحق لوحدها كتبا من التحليل والنقد ، ولنتناول فقط ‏الإطار العام للمشروع ومدلولاته ومصداقيته وإنسجامه مع هذه المرحلة من الصراع التي تمر فيها سوريا . ‏
الجبهة هي المكون السياسي الوحيد الذي يقدم برنامجا يربط النظرية بالتطبيق مباشرة . قادته مقاتلين وكل واحد منهم ‏مشروع شهادة . ‏
الجبهة الإسلامية هي التي وقفت بوجه جبروت النظام وإجرامه ومخططه لتصفية الثورة .وهي التي فتحت حلب وادلب ‏والغوطة ودرعا والدير وحمص ... ولولا فصائل الجبهة ومقاومتها وتضحياتها لما كان هناك معارضة سياسية تستطيع ‏التكلم على المنابر الدولية . هم يصنعون الثورة والمعارضة أو " نخبة الفنادق كما يقولون " تقطف ثمار انتصاراتها مالا ‏وجاها . هذه الإنتصارات المكلفة في الأرواح هي التي تعطي لمشروع الجبهة السياسي المصداقية في الشارع السوري ‏بالرغم من تشدد طرحها ورؤيتها السياسية . الشعب السوري سئم الكذب والدجل والمتاجرة بالفكر وبالمثاليات . الشعب ‏يدفع يوميا ضريبة النصر ...يجوع ، يعطش ، يموت ، والأخوة في الخارج بين حمام بخار وبوفيه مفتوحه وسياحة ثورية ‏في المساء في شوارع استانبول ...‏
التناقض كل التناقض يأتي في خطاب المعارضة السياسية وأدائها . ميشيل كيلو بطل في فلسفة المدنية والديمقراطية ويفاجأ ‏السوريين بتشكيل تجمع مسيحي تحت ذريعة دعم الثورة ... توفيق دنيا وجماعته العلويين المعارضين ، "ضحايا الفكر ‏الإقصائي الطائفي الأبدي " لا يتورعون عن تأسيس مؤتمر خاص بطائفتهم العلوية (تحت نفس الذريعة ) ،ويدعون ‏لحضوره هواة المؤتمرات والعاطلين عن العمل من الأقليات الأخرى أملا في إعطائه شيئا من العلمانية وقشرة من الوطنية ‏المفضوحة ... التناقضات لا تحصى والسلوكية تثير الشفقة مع الأسف الشديد .‏
إذا لماذا هذا الهجوم على الجبهة الإسلامية ؟ لاسيما وهي الأفضل أداء وفاعلية على مستوى الثورة ؟ الجواب على هذا ‏السؤال يسيل له اللعاب . أترك لقرائي حرية الجواب عليه . ‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض الضغوط الدولية لوقف الحرب في غزة


.. أثار مخاوف داخل حكومة نتنياهو.. إدارة بايدن توقف شحنة ذخيرة




.. وصول ثالث دفعة من المعدات العسكرية الروسية للنيجر


.. قمة منظمة التعاون الإسلامي تدين في ختام أعمالها الحرب على غز




.. القوات الإسرائيلية تقتحم مدينة طولكرم وتتجه لمخيم نور شمس