الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجنجويد من دارفور إلى القامشلي

مسعود عكو

2005 / 6 / 9
الارهاب, الحرب والسلام


ربما هو القدر لأن تتشابه مصائب البشرية وخاصة عندما تتعلق هذه المشاكل بالأقليات العرقية والطوائف الدينية وبأخصية أكثر عندما تتواجد هذه الأقليات والطوائف في عالم أوحد كالعالم العربي وتحت نير قوموية طاغية في تخليد نسبها القومي وتواجدها الأوحد المزمع على أراضيها التاريخية وما كانت مشاكل العالم العربي وخاصة المتعلقة بأمور الأقليات إلا رسائل مبطنة تهدد الوحدة الوطنية لهذه القوميات والطوائف المتعايشة مع بعضها منذ ولادة الحدود السياسية الجديدة للدول التي تحتضن هذه القوميات وهذه الأقليات.

نشأة الجنجويد في الأساس قامت بغرض الانتصار للقبائل العربية عندما تدخل قبيلة عربية في حرب مع قبيلة أخرى غير عربية ودون أن يطلب منهم ذلك ثم استمر هذا النمط حتى صاروا يهاجمون ويقاتلون لأنفسهم كسباً للغنائم والسلاح ولم تسلم منهم حتى القبائل العربية نفسها فجعلوا من أنفسهم قبيلة تشترى وتبيع الحرب لمن يشتري ويبيع وهذا ما فعلوه مع الحكومة فبعد ان فشلت الحكومة في احتواء حركة تحرير السودان وانهزمت في الفاشر ومليط وكتم وشعيرية وبرام وغيرها من المناطق لجأت إلى توكيل غيرها بالحرب لها وكان الوكيل جنجويد بالرغم من نفي الحكومة المتواصل بأنهم ليسوا من جيوشها وإن الذين يقاتلون معها أنما هم يقاتلون تحت لواء الدفاع الشعبي والسؤال هو لماذا يقاتل الجنجويد لصالح الحكومة؟

ربما كانت الإجابة من جزأين الأولى منها ان لهذه الفئة أطماعاً ذاتية في المغانم والمكاسب كانوا يتخذون لها طرقاً غير شرعية للوصول إليها والآن صارت لهذه المطامع رخصة ممارسة من الحكومة التي كانت تمنعهم من هذه الممارسة.

الثاني: خشيتهم من ان انتصارات الحركة على الحكومة في المناطق التي دخلتها لو قدر الله لها ان تنجح في كل دارفور أو أدت هذه الانتصارات إلى امتياز سياسي نالته الحركة عبر اتفاق ما سوف يجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية في أحسن تقدير أو اللجوء إلى بعد آخر بعيد عن دارفور وهذا التحليل لن يستطيعوا أولئك الجنجويد ببساطتهم إلى بلوغه وهنا قد تدخل توجيهات من السن ذات طابع حديث مدرك بتداعي الأحداث ونتائجها.

وبالرغم مما تعهدت به الحكومة السودانية مراراً من "تحييد" ميليشيا الجنجويد وتجريدها من السلاح، فإن محققي هيومن رايتس ووتش في غرب دارفور وشمالها تمكنوا من جمع معلومات عن الشبكة الواسعة النطاق من قواعد الميليشيات؛ وقالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي على مجلس الأمن الدولي توقيع عقوبات على مسؤولي الحكومة السودانية لتقاعسهم عن نزع أسلحة ميليشيا الجنجويد وكبح جماحها، بما في ذلك أولئك المتواجدون في معسكرات الميليشيا.

أما الجنجويد الجدد واللذين انطلقوا منذ آذار من العام المنصرم في الجزيرة السورية وخاصة بعد الأحداث الدامية والذين انفلتوا إلى نهب وسرقة وقتل المواطنين الأكراد وعلى مرأى من أعين الأجهزة الأمنية لا بل أكد الكثير من شهود العيان بأنهم كانوا من يحميهم عند النهب والسرقة وقد كانت محصلة ما قاموا به في الحسكة ورأس العين سرقة وحرق أكثر من مائة وخمسين محل تجاري وعشرات السيارات هذا بالإضافة إلى قتل العديد من المواطنين الكرد وبأيدٍ عربية.

وتحولت في هذه السنة تلك العصابات الجنجويدية إلى مدينة القامشلي وبدأت بتنفيذ عمليات السرقة والنهب والتخريب ومحاولات القتل وحتى اغتصاب فتاة كردية على مرأى من أعين الأجهزة الأمنية لا بل تناقلت العديد من مواقع الويب الكردية والعربية خبراً بأن الأمن كان يسير أمام وخلف الجنجويد لحمايتهم وأفاد العديد من المتضررين بأنهم حاولوا أن حماية أملاكهم إلا أنهم جوبهوا بتهديدات أمنية وطردهم من أمام محلاتهم التي كانت تنهب وتسرق بحماية أمنية.

هذه العصابات الجنجويدية التي انطلقت من دارفور إلى القامشلي ولا أحد يعلم هل ستتوقف هنا أم ستنتقل إلى أماكن أخرى وخاصة في البلدان العربية والتي تحتضن بين طياتها العشرات من الأقليات والقوميات المغايرة للقومية العربية وهذه الاختلافات تشكل أرضية ملائمة لنشوب هكذا أعمال نهب وسرقة وقتل وتخريب لا بل هي بالأساس سبب نشوب هكذا خلافات وتحاول قوى كثيرة ومتعددة تحويلها إلى صراعات عرقية أو طائفية المستفيدون الوحيدون منها هم أعداء الشعب والوطن.

إن الاستمرار في الصمت تجاه هؤلاء الجنجويد وعدم محاسبتهم من قبل الأجهزة القضائية الحكومية ولا حتى على الصعيد العشائري والذي يتأسف المرء عليه هي أقاويل رخيصة على ألسنة العديد من الوجوه العشائرية فهل تتمكن السلطة من قمع هكذا ممارسات خطيرة تنتهك فيه حرمات الشعب الكردي والاعتداء على كرامته وأمواله وعياله ولا زالت السلطة تلتزم الصمت من ممارسات هذه العصابات الجنجويدية وإلا فأن هكذا ممارسات قد تفتح طرق أخرى للتعامل معها وليس ببعيد أن تتحول هذه المشاكل إلى ذرائع للتدخل الدولي لحماية الشعب الكردي والذي لا ترضى به السلطة بكل تأكيد.

إذاً على السلطة التسارع في حل هذه المشاكل وتنقية هذه الشوائب من الحياة الاجتماعية وتبقى المسائل الأساسية هي صراع بين الحركة السياسية الكردية والسلطة التي تتجاهل على الدوام نداءات الأحزاب الكردية على الرغم من افتقارها إلى الدقة والمنطق أحياناً لكنها تبقى هي المرشح الوحيد للتفاوض معها لنيل الحقوق الإنسانية الأساسية للشعب الكردي في سورية. فهل من مجيب؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين يعرض شروطه لوقف الحرب في أوكرانيا • فرانس 24


.. انطلاق مناسك الحج في مكة المكرمة وسط درجات حرارة قياسية




.. سلسلة هجمات لحزب الله على إسرائيل وواشنطن وباريس تسعيان لوقف


.. ما بين هدنة دائمة ورفع حصار.. ما هي تعديلات حماس على مقترح ب




.. جبهة لبنان وإسرائيل المشتعلة.. هل تحولت إلى حرب غير معلنة؟|