الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المواطن الإيجابي

فريدة النقاش

2013 / 12 / 4
مواضيع وابحاث سياسية



المواطن الإيجابى ليس تعبيرا إنشائيا يعبر عن الأمنيات ولا يمثل الواقع، ولكنه تعبير موضوعى عن حالة المصريين الآن اخترته لأنه يعكس مردود ثلاث موجات ثورية عارمة بدأت فى الخامس والعشرين من يناير 2011 وصولا إلى الثلاثين من يونية 2013 ثم السادس والعشرين من يوليو من هذا العام نفسه.

وقبل هذه الموجات الثورية الهائلة كانت البلاد قد دخلت فى سلسلة من الاحتجاجات التى تنوعت أشكالها من الإضراب للاعتصام للتظاهر لتقديم العرائض، ومهدت هذه الاحتجاجات الأرض لثورة 25 يناير، وتراكم معها الوعى الثورى لدى جماهير تتزايد يؤكد الحاجة إلى التغيير لا مجرد الإصلاح، وهكذا استطاعت هذه الجماهير عبر الوعى المتنامى والعمل الجماعى أن توسع أفق مطالبها فى ظل الثورة بعد أن تحول الشأن العام إلى شأن شخصي، فبدأت بالعيش إذ كان تدهور المعيشة قد بلغ حدا شائنا، وكان العيش تعبيرها الرمزى عن هذا التدهور، لتنتقل بعد ذلك إلى الحرية ثم العدالة الاجتماعية وصولا إلى الكرامة الإنسانية فى منظومة متكاملة هى تلخيص عبقرى لشخصية الثورة التى اتسمت بطابعين معا، أحدهما ديمقراطى “الحرية”، والآخر اجتماعى “العدالة الاجتماعية”، وتوجتهما معا بالكرامة الإنسانية والتى صممت الجماهير المصرية على الذود عنها وإعلائها بعد المقتل الوحشى والمأساوي للشاب “خالد سعيد” فى الإسكندرية.

لهذا كله ولمئات الأسباب الأخرى أرى أن وصف المواطن المصرى الذى أنضجته الثورة بـ “المواطن الإيجابي” هو وصف موضوعى وتعبير عن حالة عامة دخلت فيها الجماهير المصرية بكل ثقلها، وصممت على ألا تغادرها لأنها وسيلتها الأولى لإنجاز أهداف الثورة.

وتصب كل جهود الثورة المضادة الآن فى محاولة منظمة لتشويه هذه الحالة، لكى تصل بالجماهير فى آخر المطاف إلى فقدان الثقة فى خريطة المستقبل بالارتداد إلى حالة من اللامبالاة بالشأن العام، واللامبالون فى مثل هذا الوضع هم أشد خطرا من الأعداء، وتجعل بعض الممارسات الحكومية فى بطئها وترددها مثل هذا الخطر واردا، مثلما حدث مع الامتناع عن إجراء تحقيقات عاجلة مع المتهمين بقتل المتظاهرين، وإذ تبين دلائل كثيرة أن جماعات الإخوان وحلفاءهم متورطون فيها، ولا يبالغ من يقولون إن هناك “لوبي” داخل الحكم يفرض نوعا من الحماية لهؤلاء المجرمين بتكرار الدعوة للمصالحة مع الإرهاب، والامتناع عن تنفيذ حكم المحكمة بحظر الجماعة ومصادرة ممتلكاتها وحل منظماتها.

ولا ينتبه هذا “اللوبي” الذى يعمل بسوء نية أو بحسن نية إلى هذه الحملة المسعورة المنظمة الممولة تمويلا جيدا الذى يشنها الإرهابيون لحشد المواطنين للتصويت ضد الدستور مستغلين أخطاء الحكم وعلى رأسها المسارعة بإصدار قانون التظاهر دون توافق مجتمعي.

ويقع العبء الأساسى الآن للحشد من أجل الموافقة على الدستور كخطوة أولى فى بناء خريطة المستقبل، على كل من مؤسسات الدولة والقوى السياسية الديمقراطية كافة، المطالبة جميعها بأن تقوم بعمل علمى منظم طويل النفس وصبور لشرح الدستور، والبناء فى هذا السياق على حالة المواطن الإيجابى وتحرير هذه الحالة من الشوائب التى لحقت بها نتيجة ممارسات الحكم وصعوبات الواقع.

أكاد أكون على ثقة أن المصريين سوف يصوتون بنعم للدستور، ولكن علينا ألا نترك هذه النتيجة للمصادفات، بينما تعمل الثورة المضادة لإحباطها، تساندها أطراف إقليمية وعالمية قوية تراهن جميعا على جرجرة الجماهير المصرية إلى حظيرة السمع والطاعة والتلاعب بوعيها وقدرتها على صنع مصيرها والتقدم إلى الأمام نحو إنجاز أهداف ثورتها.

والوعى بهذه الحقائق كلها ووضعها متكاملة أمام بعض الأطراف التى تنسب نفسها للثورة، بينما تصب ممارساتها المياه فى طاحونة الثورة المضادة.. هذا الوعى هو الضرورة الملحة الآن.

وسوف ينجح الشعب المصرى فى اختبار الدستور نجاحا باهرا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المواطن الايجابي هو من يقف ضد الانقلابيين
عبد الله اغونان ( 2013 / 12 / 4 - 20:18 )

الانقلاب لاشرعية له
لاتتحدثي عن الشعب فمن هؤلاء الذين يتظاهرون من طلاب وعمال ونساء؟
المواطن الايجابي هو من يقاوم الانقلاب والانقلابيين حت فنيا وفكريا
الشعب أو المواطنين بما رأوه من السلوك الانقلابي الذي لايعتمد الا على الدبابات والارهاب لذلك من المنتظر افشال التصويت على دستور يعتمد الطائفية والكوطا وحصانة العسكر والفساد بدعوى حسن النية
الانقلاب الى زوال
والانقلاب هو الارهاب


2 - لو كنت مصري
حسنين قيراط ( 2013 / 12 / 5 - 01:54 )
الأستاذ عبدالله أغونان
بعد سلام الله عليك
لوكنت مصري ياأخي الكريم لتمنيت أن تقف مصر وتسترد عافيتها التي أنهكت بهذه الوقفات الإحتجاجية والتي لا تفيد إلا أعداء مصر ولا تؤدي لشئ بل تجعل الشعب المصري كله علي يقين بضرورة الخروج للتصويت علي الدستور وهو أولي الخطوات نحو الأستقرار رغم أنف كل كاره لمصر وللمصريين وغدا لناظره لقريب وستري معدن الشعب المصري وتسمع كلمتهالتي لا بديل عنها نعم للأستقرار
شكرا للرائعة الأستاذة فريدة النقاش علي هذا المقال الأكثر من رائع ونوعدك أننا سنكون إيجابيين يإذن الله وعونه

اخر الافلام

.. غزة: انتعاش الآمال بالتوصل إلى هدنة في ظل حراك دبلوماسي مكثف


.. كتاب --من إسطنبول إلى حيفا -- : كيف غير خمسة إخوة وجه التاري




.. سوريا: بين صراع الفصائل المسلحة والتجاذبات الإقليمية.. ما مس


.. مراسلنا: قصف مدفعي إسرائيلي على بلدة علما الشعب جنوبي لبنان




.. القيادة الوسطى الأميركية: قواتنا اشتبكت ودمرت مسيرة تابعة لل