الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللحم البشري الحي وقود الصراعات والحروب الأهلية والإقليمية

زرواطي اليمين

2013 / 12 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


لم أجد أحسن من اليوم للكتابة عن واقع الكراهية والتعصب الإنساني، أو ربما هو الحنين للكتابة والتعليق والوقوف عند ما يستجد من أجداث سياسية واجتماعية دولية، فاليوم رحل عن الحياة، عن الأرض، عن الوجود، أحد أكبر المدافعين عن جريمة "التعذيب" الجنرال بول أوساريس الذي اعتبر بفعل مواقفه أحد رموز التعذيب في الجزائر إبان احتلالها من الإدارة الاستعمارية الفرنسية، خصوصا خلال فترة الحرب التحريرية ما بين 1954 و1962.
ليس الموقف اليوم هو للشماتة طبعا وليس لسل سيف الكراهية والحقد ضد طرف أو آخر، بل العكس تماما، إنه موقف مشترك لنا جميعا كبشر، وانطلاقا من هذا التاريخ، الرابع من ديسمبر 2014، أرى أن على الجزائريين والفرنسيين أن يقفا لمرة واحدة موقف رجل واحد وعقل واحد وقلب واحد، لا لشيء سوى للتصارح، ثم للتحاور والتصالح، لطي صفحة أليمة من الأحقاد المشتركة المتبادلة، والتي تعتبر واحدة من الأوراق الكبرى التي تلعب عليها اللوبيات وأصحاب المصالح الضيقة من أجل ربح دورات انتخابية وكسب مقاعد تحت قبة البرلمان عند كلا الطرفين أكيد.
إنها لحظة تاريخية للوقوف أمام لوعة وألم الحرب، من أجل تعبئة، تجميع، توحيد، تلك الكراهية وتوجهيها نحو عدونا المشترك، ألا وهو "الحرب" فالواقع أننا اليوم ومع ما نعيشه من تبعات الأزمة الاقتصادية، لفي أمس الحاجة إلى العمل الإنساني المشترك من أجل إطعام مليار إنسان جائع، هذا الرقم ولحجمه الضخم هو رقم خيالي، لكنه بسبب الفشل الذريع الذي نعيشه كبشر، أصحب رقما حقيقيا، أصبح واقعا ممكنا، المجاعة أصبحت أيضا ظاهرة وآفة عابرة للحدود والقارات، المجاعة هنا على أبواب القارة الأوربية أيضا، وما نراه في اليونان وبعض الدول الأوربية دليل دامغ على ذلك.
وأمام كم هائل ومروع من التقتيل والتجويع والكراهية المتنامية عبر الدول والأوطان، تتشتت الشعوب هي الأخرى وتتفشى آفة التعصب مع ما نرى من حروب أهلية تشن تحت مسميات مختلفة، أحيانا يتحول مقدمي الأخبار وحتى الكتاب والصحفيين إلى صناع الخراب ولنقل بكل جرأة وواقعية إلى مجرمي حرب مدركين ذلك أو عن دونما قصد، فما نراه من مسميات وأسباب لما نرى من ذبح وقصف وإحراق للحم البشر الحي، ليدفعنا كمثقفين وأهل مهنة، إلى التحلي بالمسؤولية التاريخية أمام هذا الواقع المخزي، فكيف يتحول الصحفي والإعلامي والمثقف من ناقل للخبر وعنصر حيادي إلى عنصر فعال ومقاتل إلى جانب طرف أو آخر، فنرى إذا أسماء جديدة للحروب الأهلية والحروب الإقليمية، من ذلك "الربيع العربي، الثورات الشعبية، موجة التغيير، الحركات الاحتجاجية، المظاهرات المطالبة بالديمقراطية، الانتفاضات العربية.
إن تعدد المصطلحات التي أطلقت على ما يجري من حروب أهلية وحركات "تفتت" جديدة للدول العربية التي تعاني حالة متقدمة من التخلف الاقتصادي والتبعية للأجنبي، وحالة متعفنة من الفساد السياسي والمالي، لهو دليل على ما يجري من دعاية لا تمس بصلة لأبجديات العمل الإعلامي المحترف والأخلاقي، ما يجري هو مجرد صب للزيت على النار، وهنا فإن الدم العربي للمواطن البسيط، مستقبل أجيال كاملة، حياة عائلات وأسر مشتتة في المهجر واللجوء عبر دول العالم، لهو الزيت الذي تستخدمه تلك اللوبيات لتأجيج الصراع وتغذية الأحقاد ورفع حدة وضراوة المعارك.
هذا وصف بسيط لما يحدث فهمجية ما نراه اليوم لأسباب سياسية واضحة كنا جميعا قادرين على حلها فوق طاولة الحوار كبشر وكأناس متحضرين، أكبر من كل وصف وتفكير علمي منطقي، أقله في الزمن الحالي، ونحن لا نزال نرى هذا الحقد وتلك الأحقاد والضغائن تحصد مزيدا من الدماء، وتلعب بمصير ومستقبل شعوب ودول برمتها، إن لم نقل أمم كاملة، أما المحصلة في الزمن البعيد، فهي استمرار وتعمق الأزمات الإنسانية المشتركة طبعا، فالدول التي تعيش رخاء اقتصاديا وأمانا واستقرارا سياسيا اليوم، قد تدفع الثمن مستقبلا أو على الأكثر في بعد بضع سنوات، طالما أن طبيعة النسق البشري العام في حركته واتجاهاته ونزعة "البقاء" تجعلنا واثقين وعلى يقين من أن حركات اللجوء والنزوح والهجرة السرية والآفات البشرية وعلى رأسها ظاهرة "الإرهاب" إلى ارتفاع، والثمن هو استقرار وأمن دول ومجتمعات من بينها على وجه خاص، الولايات المتحدة الأمريكية، الإتحاد الأوربي، المملكة المتحدة، دول الشرق الأوسط، منطقة شمال أفريقيا.
أتمنى أن أخطئ في قراءتي وأن تخيب توقعاتي حتى لا أعيش لأرى أجيال أبناءنا غدا تعيش تبعات سياسات لا ناقة لها فيها ولا جمل، أو دعوني أكون متفائلا أكثر وأتوقع أن يحل الزمن والنسيان أزمات أمم عجزت المنظمات والمؤسسات والجمعيات الدولية عن حلها أو على الأقل اقتراح حلول أو مقاربات لحلحلتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التعبئة الطلابية التضامنية مع الفلسطينيين تمتد إلى مزيد من ا


.. غزة لأول مرة بدون امتحانات ثانوية عامة بسبب استمرار الحرب ال




.. هرباً من واقع الحرب.. أطفال يتدربون على الدبكة الفلسطينية في


.. مراسل الجزيرة: إطلاق نار من المنزل المهدوم باتجاه جيش الاحتل




.. مديرة الاتصالات السابقة بالبيت الأبيض تبكي في محاكمة ترمب أث