الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايران النووية ... في الاستراتيجية الأمريكية الجديدة ... (1)

علي الأسدي

2013 / 12 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


( سنناقش على حلقات في هذا المقال الطويل نسبيا حق ايران في الحصول على السلاح النووي في مقابل اعتراضات تقودها اسرائيل والسعودية ودول غربية)

قدم عدد من الشخصيات السياسية من أعضاء مجلسي الكونغرس الأمريكي رسالة للرئيس أوباما تأييدا ودعما لسياسته الخارجية تجاه ايران وبخاصة مفاوضاته الجارية حول البرنامج النووي الايراني. حيث تصاعدت الانتقادات للسياسة الحالية للرئيس أوباما من جانب مجموعات الضغط الموالية لإسرائيل في الكونغرس الأميركي بمجلسيه الشيوخ والنواب. فقد صرح السيناتور الجمهوري Saxby Chambliss انه الوقت لتشديد العقوبات على ايران. وقد طالب هو وعددا من الجمهوريين مع واحد على الأقل من الديمقراطيين هو Chuck Schumer بتشديد ما أمكن من العقوبات على ايران.(1)

وترمي مجموعات الضغط عرقلة خطوات الرئيس الإصلاحية بل وتتقدم بمشاريع قرارات جديدة لفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية والسياسية على ايران والتي بلغت قبيل المفاوضات الأخيرة في 24 -11 - 2013 حوالي 115 عقوبة على الرغم من انخراطها في عملية انفتاحية على الغرب عموماً والولايات المتحدة الأميركية خصوصاً.

لكن السيناتور الديمقراطي Morphy Chris وعلى العكس من مطالب المتشددين صرح بالقول ، ان اية عقوبات جديدة بعد اتفاق 24 - 11 بين ايران ومجموعة 5+1 ستقضي على الثقة التي بدأت تظهر بين الطرفين والتي طال انتظارها. أي عقوبات جديدة سترسل رسالة سلبية الى الشعب الايراني الذي تميل أكثريته نحو أمريكا بعكس ما يتصور البعض. وبنفس الوقت ستمنح المتشددين الفرصة لتعزيز مواقعهم ، بينما الاتفاق قد عزز الثقة في المفاوضات.

وتزامنا مع توقيع الرسالة المؤيدة للرئيس أوباما أعلنت لندن رغبتها في كسر الجمود الدبلوماسي مع إيران عبر رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي وافتتاح قنصليات جديدة في إيران وانكلترا، ما يهيئ مناخاً أفضل للرئيس أوباما في إدارة صراعه في الداخل الأميركي على اعتبار أن دولاً غربية نافذة تؤيد سياساته حيال إيران.

وقد أشادت الصحف الأوربية والبريطانية بالاتفاق الأخير مع ايران. فقد كتبت دير شبيغل الألمانية " ان الاتفاق الذي تم في جنيف أظهر أن ايران تعود الى المسرح الدولي ، وانها تنتقل من التطرف الى موقع الشريك المهم للولايات المتحدة وأوربا وهو بحد ذاته يعتبر نجاحا خاصا لسياسة الريئس أوباما. (2)

وكتبت صحيفة Spectator The البريطانية مقالا رئيسيا في صفحتها الأولى مشيدة بمبادرة الرئيس أوباما بمحادثة الرئيس أوباما التلفونية مع الرئيس حسن روحاني ، وبالنجاح الذي تحقق في المفاوضات الأخيرة التي أثمرت عن الاتفاق مع ايران بخصوص برنامجها النووي المثير للجدل.(3)

وفي المقابل، يحتاج الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى هذه الرسائل لتسويق انفتاحه المدعوم بقوة من المرشد الأعلى السيد علي خامنئي داخل ايران ، لقطف ثمار سريعة من الغرب لخطواته الانفتاحية.

ومن الجانب الآخر اتسمت ردود الأفعال السعودية والاسرائيلية بهستيريا غير عادية ، نتجت عن الخشية من تصاعد النفوذ الايراني في الاستراتيجية الأمريكية على حسابيهما الذي قد يعزز من سعي ايران لحيازة السلاح النووي. تلك المخاوف على مايبدو لا تقلق الأمريكيين فلها مع الدولتين علاقة تعاون وتفاهم تمسك هي بمفاتيح التحكم بهما.

فاسرائيل وعلى مدى أسابيع قبل موعد أول اجتماع علني بين ايران ومجموعة 5+1 في جنيف كانت تحذر ايران من حيازة السلاح النووي معبرة عن تصميمها بانها لن تسمح أبدا لايران ان تبني سلاحا نوويا. وقد انعكست تلك التهديدات على لسان رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو ومسئولين كبارا في الجيش والاستخبارات وفي الصحافة الاسرائيلية.
ففي مقال في صحيفة معاريف الاسرائيلية حذر كاتبه ايران بالقول ) 4)
" سنعمل مع شعوب المنطقة، الشركاء في الطريق الجديد، كي لا تعطي ارض ايران للايرانيين المزيد من خيراتها وسنغلق لهم صنابير النفط والغاز ونضربهم في النهار وفي الليل. الايرانيون لا يمكنهم ان يحموا أنفسهم منا وغازهم ونفطهم يمران بالاف الكيلومترات من الانابيب المكشوفة بين مئات نقاط الحفر ورؤوس الابار وموانئ التصدير. سنضرب في الاسبوع الاول نحو 50 في المائة من قدرة الانتاج والتصدير الايرانية. وفي الاسابيع التالية نواصل ضربها بكل قدراتنا العسكرية. بالطائرات المأهولة وبالقصف الى أن ينهار الاقتصاد الايراني تماما."

حيازة السلاح النووي من دول خارج النادي النووي لم يكن ممكنا دون علم أومساعدة أحد الدول الخمس النووية الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين. فالدول الخمس حصلت على السلاح النووي في تاريخ سابق منذ أربعينيات القرن الماضي. وكحقيقة تاريخية فانه من غير الممكن احتكار امتلاك السلاح النووي من قبل أي دولة ، فالولايات المتحدة وهي الأولى في حيازته خططت لاحتكاره ، لكنها فشلت.

فبعد أربع سنوات من القائها أول قنبلة نووية على مدينة هيروشيما اليابانية في أب – اوغسطس 1945 فجر السوفييت أول تجربة نووية لهم في 29-8-1949 تلته بريطانيا عام 1952 ، ثم فرنسا في عام 1960، وأخيرا الصين عام 1964.

وتحاشيا لانتشار السلاح النووي الى دول أخرى أعدت الولايات المتحدة مشروع معاهدة دولية عام 1968 تم الاتفاق حول بنودها بين الدول المالكة الخمس تمنع الدول الأخرى من حيازة السلاح النووي سميت بمعاهدة NPT) ) None Proliferation Treaty. الباكستان والهند واسرائيل لم توقع على المعاهدة.(5)

حاول العراق وليبيا سرا تنفيذ برنامجا نوويا بداية التسعينيات وفشلا ، بينما اعلنت كوريا الشمالية انسحابها من المعاهدة في كانون الثاني- يناير عام 2003 ومنذ ذلك الحين تجري تجارب على السلاح النووي برغم معارضة الولايات المتحدة والعقوبات الدولية.

وقد أجرت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي مفاوضات لوضع حد للتسلح النووي بناء على جهود الأخير لوقف التسلح النووي انطلاقا من حقيقة ان ما بحوزة الدولتين من تلك الأسلحة يكفي لتدمير العالم أكثر من ألف مرة. وبناء عليه فان الوقت قد حان لتخفيض ترسانتهما النووية ، وبعد مفاوضات طويلة وشاقة نجحوا في تحقيق خفض نسبي فيها وكذلك في عدد الصواريخ الحاملة والناقلة لها لدى الدولتين.

تمتلك الدول النووية عددا من الأسلحة النووية استراتيجية وتاكتيكية ، ويقدر ما تمتلكه الصين من الرؤوس النووية حوالي 240 رأسا , وفرنسا أقل قليلا من 300 رأسا نوويا. في حين لروسيا حوالي 1480 رأسا نوويا ستراتيجيا ، ويقدر الأمريكيون أن لروسيا 1022 رأسا نووييا ستراتيجيا آخر ، وحوالي 2000 رأسا نوويا تاكتيكيا ، بينما لها حوالي ألف على قائمة الالغاء.

أما بريطانيا فتمتلك حوالي 169 رأسا نوويا ستراتيجيا وحوالي 225 رأسا تاكتيكيا ، بينما تمتلك الولايات المتحدة 5113 رأسا ستراتيجيا وتاكتيكيا ، وبحسب آخر الأخبار فانها تنشر حاليا 1654 رأسا نوويا على 792 قاعدة وطائرة قاذفة وسفينة حربية. وبحسب اتحاد العلماء الأمريكيين فان ما يقارب من 2800 راسا نوويا ستراتيجيا و500 رأسا تاكتيكيا جاهزة للتحميل. وهناك عددا من الرؤوس تنتظر تفكيكها.

ومن غير المعروف علنا كيف تمكنت دولا مثل كوريا الشمالية والهند والباكستان واسرائيل من الحصول على التقنية النووية لصنع أسلحة نووية ، فالرقابة الدولية على تصنيع واجراء التجارب على أي صنف من الاسلحة النووية قادرة على كشف ذلك دون صعوبة بالغة. فالجهود في مجال البحوث والتجارب لابد وتصل الى لجنة الطاقة الدولية التي تراقب تنفيذ معاهدة عدم حيازة السلاح النووي من قبل الدول الموقعة عليها والدول غير الموقعة عليها.

ويمكن الجزم بان اسرائيل ما كانت ستتمكن من حيازة السلاح النووي دون علم وموافقة الولايات المتحدة وفرنسا. ففرنسا كان لها دورها في دعم قيام اسرائيل وتسليحها وتدريب أفراد جيشها قبل اعلان وبعد قيام دولة اسرائيل. وهذا ما أكده رئيس دولة اسرائيل أخيرا أثناء استقباله الرئيس فرانسوا هولاند في زيارته الأخيرة لاسرائيل.

حيث جاء في كلمة رئيس دولة اسرائيل شمعون بيريز بعد ترحيبه بالرئيس الفرنسي : “ إن مواطني اسرائيل مدينون تأريخيا لفرنسا على مساعدتها لبناء قوات الدفاع الاسرائيلية بعد تشكيل الدولة ، وان فرنسا ساعدت في كسر الحظر المفروض على الأسلحة ضد إسرائيل في السنوات الأولى من قيام إسرائيل". (6)

واذا كانت الولايات المتحدة أو فرنسا أو كليهما دورا في مساعدة اسرائيل في مجال التسلح النووي فنفس الشيئ ينطبق على الباكستان والهند وكوريا الشمالية. فهذه الأخيرة تجد دعما غير رسمي من جانب حليفتها وجارتها الكبرى الصين. ويشك بأن كوريا الشمالية قد قامت بمساعدة دولا كايران وسوريا على اعداد برنامجهما النووي.

أما الباكستان التي تحتفظ بعلاقة صداقة حميمة مع الصين ربما كانت حصلت على المساعدة الصينية ابان توتر علاقات الصين مع الاتحاد السوفييتي في الستينيات وربما حصل ذلك بموافقة الولايات المتحدة. لأن الباكستان تحتفظ بعلاقة عسكرية وثيقة معها بكونها عضوا في الحلف الاطلسي وتحتل موقعا جغرافيا في الطوق الاستراتيجي المحاذي للستار الحديدي ممثلا بالاتحاد السوفييتي الشيوعي قبل انهياره نهاية الثمانينيات.

الصين التي ربما ساعدت الباكستان على قاعدة عدو عدوي صديقي ، فالهند عدو تاريخي لكل من الصين والباكستان. وخاضت مع الدولتين حروبا مريرة عبر الحدود سالت بسببها دماء غزيرة ، ومازالت جذور العداء عميقة بين الدول الثلاثة يمتزج فيها السبب العقائدي بالديني بالأطماع الجغرافية على طول الحدود المشتركة بينهم فهي الأخرى لابد وحصلت على الدعم من دول النادي النووي الخمس.

لقد أجرت الهند أول تجربة نووية لها عام 1974، ويعتقد أن في حوزتها 100 رأسا نوويا. مما دفع العربية السعودية لاغداق المال للباكستان للاسراع بتنفيذ برنامجها السري النووي في مواجهة الهند الهندوسية العدو لكل من باكستان والسعودية. وكان ذلك مقابل نشر النسخة الوهابية للاسلام السعودي بين الباكستانيين الفقراء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب