الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة الى جريدة المدى

احمد عبدول

2013 / 12 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


بعد ان كان العراقيون لا يطالعون سوى جريدتي (الثورة ) و (الجمهورية ) وهما الجريدتان الرسميتان الناطقتان بلسان الحكومة المركزية آنذاك واللتان لم نكن نطالع فيهما سوى أقوال وحكم وصور القائد الضرورة , بعد كل ذلك صار العراقيون يطالعون العشرات من الصحف بشتى توجهاتها ومشاربها وأجندتها . شخصيا كنت وما أزال احرص كل الحرص على اقتناء أكثر من جريدة لا سيما جريدتي (الصباح ) و(المدى ) فالصباح وان كانت تعكس وجهة النظر الرسمية للحكومة وهي جريدة تمول من المال العام إلا إنها تتميز بثراء وتنوع موضوعاتها وطروحاتها الثقافية الهادفة والناقدة على أيدي كتاب ومحللين مرموقين التحق جزء منهم فيما بعد بجريدة المدى كما في حالة الكاتب (احمد عبد الحسين ) و(سعدون محسن ضمد ).
أما المدى فهي جريدة تمثل وجهة النظر المعارضة للحكومة وهو أمر مرحب به ديمقراطيا بل انه يمثل جوهر المسؤولية الصحفية والإعلامية في ظل جميع الأنظمة الديمقراطية لكن ما يؤخذ على جريدة المدى في سنواتها الأخيرة هو خروجها عن مسار عملية النقد المتوازن للجهاز الحكومي حيث بتنا نطالع جريدة كل همها التسقيط السياسي والطعن والتجريح والانتقاص من المالكي على وجه الخصوص حتى يخيل للقارئ ان كتاب هذه الجريدة قد تفرغوا تمام التفرغ لاصطياد كل ما يصدر من المالكي من قول أو فعل أو تقرير ليصل الأمر بأحد كتابها ان يوكل بمهمة تتبع أخطاء المالكي النحوية واللغوية من خلال لقاءاته وحواراته الأسبوعية وكأنه رقيب عتيد وهذا لعمري لا يستقيم بحال من الأحوال مع معايير العمل الصحافي الذي يعتمد المهنية والموضوعية كأسس ثابتة ورصينة في عملية النقد والتقويم .
ولو انك تناولت المدى اليوم لما وجدت فيها سوى اللوم والتقريع والتهجم على المالكي ورجالاته بل انك ستتفاجأ بان ثلاثة أرباع عناوين المدى على امتداد اصداراتها تتضمن اسم المالكي أو كنيته وبهذا فقد ابتعدت المدى عن جل أهدافها ومراميها في عملية النقد والمتابعة لعمل وإجراءات وقرارات الحكومة ومؤسساتها حينما تم اختزال كل شيء في شخص المالكي والشلاه والفتلاوي والموسوي وهي الأسماء الأكثر تداولا في بورصة المدى على مدى الأعوام الأخيرة . لقد وقعت المدى وللأسف الشديد في خانة الصحف المؤدلجة التي لا ترى إلا بعين واحدة كما هو حال أكثر الصحف اليوم وهو خلاف ما عودتنا عليه خلال انطلاقته الاولى .
لا شك إننا نتفق كقراء وككتاب حول الكثير مما تطرحه المدى من ملاحظات هامة على مجمل الأداء الحكومي الرسمي لكننا نختلف معها اشد الاختلاف في عملية اختزالها للمشكل العراقي المتعدد الإبعاد والجوانب في شخص المالكي وفريقه المقرب , وهذا ليس دفاعا عن احد بقدر ما هو تذكير بان مشاكل العراقيين اليوم ليست بهذه السهولة بحيث يتحملها فريق أو حزب أو تكتل او شخص حتى وان كان يشغل كرسي الوزارة .ان الكثير ممن كانوا يحرصون اشد الحرص على اقتناء تلك الجريدة اخذوا يعزفون عن مطالعتها اليوم والسبب هو تكرار وإعادة إنتاج أساليبها في تناول نقد ملفات الحكومة بمناسبة ودونها ولسبب ودون سب .
ولا شك ان رئيس الوزراء وفريقه السياسي يتحملون مقدارا من مسؤولية ما يجري فوق الأرض لكن ان يصاب كادر جريدة المدى بهاجس اسمه المالكي بحيث انك لا تمر على عمود أو مقال إلا ورصدت من خلال عنوانه أو قرأت بين طياته اسم المالكي صريحا مقرونا بشتى التعليقات الساخرة والانتقادات اللاذعة فهذا مما يجب ان تترفع عنه أي جريدة تريد الاحتفاظ بخطها الإعلامي وخطابها الوطني المميز . لقد زجت المدى نفسها طرفا في الصراع الحزبي المحتدم على الساحة السياسية وهي بذلك قد خرجت من كونها جريدة لها سياسة مهنية ووظيفية وطنية إلى جريدة حزبية مع سبق الإصرار والترصد إذا صح التعبير . لقد اخذ كتاب المدى يعيدون نتاجاتهم وطروحاتهم في ذات المورد وهو ما يتلمس القارئ اللبيب اثاره لكنهم وللأسف الشديد لم ينتبهوا لمثل ذلك الأمر الذي يعرض جريدتهم لدخول قائمة الصحف المؤدلجة التي تسعى جاهدة وراء الإثارة والتهويل واعتماد اضعف المصادر الخبرية والإعلامية وبذلك نكون قد خسرنا جريدة لا نريد خسارتها ولا نود التفريط بها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأميركي: دمرنا محطة تحكم و7 مسيرات للحوثيين في اليمن


.. درجات الحرارة بالعراق تتجاوز الـ50 والمختصون يحذرون من الأسو




.. ما آخر تطورات العملية العسكرية بحي الشجاعية شمال غزة؟


.. رقعة| تدمير الحي الإداري برفح نتيجة العدوان الإسرائيلي على غ




.. وزارة الداخلية الإيرانية تعلن التوجه إلى جولة ثانية من الانت