الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدفة أحنُ إليها

ناهدة جابر جاسم
(Nahda Jaber Jassem)

2013 / 12 / 5
الادب والفن


صدفة أحنُ إليها

ركضت لاهثة لكي ألحقَ بالباص! ونجحت بتسلق درجات الباص الاثنتين باحثة بعيني عن كرسي فارغ لكي أستريح من لهاثي وقلقي !
كان الباص مكتظاً بالركاب وكل راكب كان مشغولاً بعالمه وشأنه إلا أنا كنت مملوكة لشعور راودني في أزمنة وأمكنة مختلفة. في صباي وشبابي وترحالي في مدن وعواصم دول مررت بها قبل استقراري الأخير هنا في دولة الفايكنغ أو زرتها في سفر. شعور عنيف يجذبني في الحلم والواقع أن أصادف حبيباً أحس بقربه ونبض قلبه وذوبان روحي بروحه والتجلي بعشقه حد الثمالة.
وكأنني امرأة خلقت لكي تعشق وتنعشق!
وفي لحظة نشوتي وحلمي شعرت بعيون تتفحص جسدي الممشوق وبشرتي السمراء وعينيَ السودواين.
كان كرسي فارغ بجانبه! تزحزح محاولا إن يترك لي مجالا لكي اجلس بجانبه!
شعرت به وكأنه يناديني بعينيه الواسعتين ولونهما العسلي تكحلهما ابتسامة خفيفة غازلت روحي وقالت تعالي اجلسي هنا يا سمرائي وحلم حياتي!
* * *
وسيما ورشيقا وحيويا وواثقا كان قلبي يراه! لون عينيه العسليتين كان سر انجاذبي وفرحي به! كانتا تشبهان بل كانتا عيني حبيب صباي ورفيق رحلتي ..هما بكل الحس والكلام الذين كان يخدرني بهما في كل لقاء كنا نخطفه خائفين من شر عادات وتقاليد بدوية ولاتمت بأية صلة الى المشاعر البشرية الحضارية في سنوات ماضيات!
كان يحتضن عدة رياضية! وكأنه أم تحتضنُ طفلها الوحيد! طريقة احتضان لوازمه الرياضية وتمسكه بها, سحرتني. تملكتني سعادة خفية وخاطر حلمي في العثور على جوهرتي في الحب بزغَ شامخا. سمعت صوتا يهمس لي ويخبرني هذا حبيبك الذي حلمت به روحك التائهة.
لوازمه الرياضية أوشت لي انه لاعب كولف وهذه لعبة رشيقة احتكرها البرجوازيون والمرفهون اقتصاديا.
ومن خلال علاقتي العميقة بهذه الطبقة من المجتمع الدنمركي قد تكون تعويضاً عن حنين ودفء حضن حبيبة تمنح هذين العينين ما تستحق من غزل وتأمل وحب!
ابتسم لي قائلاً
- تعالي يا سمرائي وحلوتي , أسكني قلبي.. فروحي ستمنحك ما تبحثين عنه!
- أربكتني عيناه وجرأتهما.
جلست بجانبه سامعة نبضات قلبه وقارئة ما تريد عيناه إن تقولاه .
كان طائرا فرحا و رجلا تتمناها كل أنثى. داخلني شعورا أنني سجينة تقاليدي وتربيتي الشرقية التي تمردت عليها في سبعينيات القرن الماضي…

ـ ماذا أصابني انا الغجرية , البرية, المتمردة على كل تقاليد مجتمع انبثقت من رحمه ولكنني أمقته لشدة احتقاره لبنات جنسي!
لا أدري هل العمر والتجربة والمخاض العسير التي عشتهم جعلوا مني إنسانة مترددة ومتوجسة من كل جديد ومتأنية في خوض أية مغامرة؟.
- لا لا لا تخافي … أنت امرأة عجنت من التمرد على كل بالٍ وحقير محاورة نفسي بصوت خافت .
مرت ثلاثون دقيقة وكأنها لحلاوة وندرة الأحاسيس التي شعرت بها كانت ثلاثين ثانية.
صراع وأسئلة وخوف من روحي التي أتوجس تمردها!

فكرت أن أكون أكثر جرأة ومبادرة في التعرف عليه وطلب اللقاء به وكما فعلت في عزّ شبابي وثورتي في سبعينيات القرن الماضي حين اتصلت بحبيبي ورفيق تجربتي وطلبت منه أن نلتقي متعذرة في طلب مساعدته أو استشارته في المساعدة لحل سوء فهم حصل بيني وبين اخته والتي كانت صديقتي.أنا الآن أرملة وأعيش وحيدة..ما المانع؟
بين الحوار مع الذات والرغبة في اقتناص فرصة محبة إنسانية !
كان الزمن أسرع من تكتيك أخلاقي وتوجسي من خوض تجربة عشق ورحلة مع حبيب عثرت عليه صدفة.
* * *

لماذا الخوف والتردد؟ وأنا أرملة ..ووحيدة ..و غريبة. أكرر وأكرر الحوار مع ذاتي..أنا حرة الآن…. لا عائلة ولا وطن أخاف تقاليده ولا رفاق أنصاراً في وحشية الحياة الجبليه أخشى أحكامهم ! لماذا التردد؟ كوني جريئة يا أنهار!
أكيد أنا في حلم! او لا أريد أن أصدق هناك من أعجب او أحب كياني السومري وعلامات الشيخوخة و خطوط العمر مرسومة على تقاسيم وجهي !
كنت تائهة بين الحب والسفر الروحي مع هذا الجالس بجانبي والتردد في أن أطلق قيود وحدتي ووحشة أيامي .
نزل وودعني بنظرة من عينيه بل من روحه التي أحسست أنها تدعوني للرحيل معه في متاهة السؤال والحياة!
نزلت في الموقف نفسه الذي نزل به ودون أن أشعر رحت أرافقه الطريق دون كلام . رمقني بنظرة شعرت بفرحه وسعادته برفقتي.

كانت السماء معبئة بغيوم تلوح بمطر قبل صعودي الباص وعثوري على عاشقي. وقفنا تحت نثيث المطر ننصت متأملين الصدفة التي جمعتنا.
كان يتأمل بشرتي وينصت إلى قلبي.
كنت أنصت بسعادة ونشوة غير مصدقة لصوته العذب و لهاث أنفاسه..قليلًا قليلاً رحلنا مستمتعين بنشوة الصدفة غير مكترثين بالمارة في الشارع والأرصفة.. فرحينَ بكل حيثيات صدفة اللقاء من حوار العيون وحرارة قبول الآخر ولهفة المشاعر.

لزمنا الصمت.. ملامسين ومتأملين قسمات وجهينا وغائرين في عوالج روحينا نتلذذُ في لحظة التملي ببعضنا ونغور عميقا في عيوننا المسافرة في سؤال صدفة لقائنا.
شعرت في لذة ناعمة ودافئة داعبت روحي وهزت كياني بغرابة الصدفة ودفء الصمت الذي احتوانا وحوار عيوننا المتلهفة للدفء وتداخل عطر جسدينا. أشتعلت بالذوبان في بعضنا هاجرة ولاعنة حزني وخسارتي وبؤس حياتي قبل أن ألتقيه.

في لحظة نشوتي وصمتنا المتأمل في صدفتنا الكونية وحضور حلمي القديم الحديث باغتني في قبلة وضمة الى صدره وقد احتواني كياناً وروحاً.
هو منتشٍ في أحتوائي
وأنا أردد بصمتٍ أغنية جنوبية من هنااااااااااااك
(طيبكم طَيب جروحي)
فجأةً ودون أن أعي قلت له
Du må-;---;-----;--- have en god aften, og jeg hå-;---;-----;---ber at vi snart ses
أتمنى لك مساءً طيباً كما أتمنى أن نلتقي قريباً. قلت له ولكني كنت واثقة بأني لن أجرؤ على لقائه مرة أخرى، أو ربما سألتقي به ذات صدفةٍ أو .... لا أدري

آب 2008








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا