الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحصد ما زرعناه

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2013 / 12 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


إن الحراك الاجتماعي الذي تعرفه بلادنا عموما ومنطقنا على وجه الخصوص، منذ مدة يستمد استمراريته من إرادة الغد الأفضل والمستقبل الأحسن الذي مازال المغاربة يتوقون إليه، مستقبل مبني، بادئ ذي بدء، على العدالة الاجتماعية والحياة الحرّة الكريمة.
هذا الحراك الاجتماعي يستمد سرّ استمراريته من إرادة التاريخ، ومن سنّة التاريخ مهما كانت الأوضاع والمؤامرات واستراتيجيات المكر والهروب إلى الأمام. وإلى من مازالوا لم يعوا بعد هذه الحقيقة نقول لهم أن التاريخ لا يرجع إلى الوراء أبدا، أي التاريخ الذي تصنعه الجماهير والشعوب بإرادتها وعرقها ودموعها وتضحياتها.
والحالة هاته، لا سبيل أمام القائمين على الأمور، إلا الشفافية والنزاهة، حتى لا تسحقهم عجلة هذا التاريخ.
إن ما نعيشه اليوم، هو حصاد ما زرعناه منذ سنوات، وهو بالأساس بذور غُرست في فجر الاستقلال. وذلك باعتبار أن التاريخ هو أفعال وردود أفعال ناتجة عن تفاعل عدة عوامل متشعبة، دارت في مجال زمني غير محدود بلحظة وجود هذه الأفعال والردود، ولكن تمتد لعشرات السنين، بل ولقرون.
وصانعو التاريخ من البشر من البشر، قد يجدون أنفسهم، في كثير من الحالات، غير مختارين في اتخاذ موقف معين، لأن الظروف وحمولة السنين قد تحرمهم هذا الاختيار، فالتاريخ كثيرا ما تخلق نواميسه نوعا من الإكراه.
فجميع ما يجري ويدور اليوم، هو نتيجة أو ثمار ما زرعناه من قبل. هناك مسار تاريخي خرج من جوفه الحاضر المرّ إلي نحياه اليوم، والذي بدوره سيأث على المستقبل. سيما وأن التباين بين أقوال وأفعال المسؤولين السياسيين والقائمين على الأمور قد يتسع إلى درجة الكذب مع سبق الإصرار والترصد.
وليس ببعيد، منذ فترة قصيرة انكشفت أمامنا حقائق مؤلمة في التدبير والتعاطي مع الأمور، واستغربنا – اعتبارا لشدة فظاعتها – كيف تم التغاضي عنها على امتداد عقود. الشيء الذي ألزم إعادة النظر في كيان المجتمع وفي القيم التي عليها تبنى علاقاتنا الاجتماعية وفي منظومتنا الاقتصادية وفي أساليب توزيع ثروات البلاد، لأن القسمة كانت ضيزى، تجعل من ابن الفقير فقيرا أبدا ومن ابن الثري ثريا أبدا، وهذا وضع لا مناص من تعديله اليوم.
في واقع الأمر، مصيبتنا كمنت بالأساس في كوننا عوض الإيمان بمشروع ورؤية نعمل من أجل ترجمتها وتحقيقها على أرض الواقع ، آمنا – دون قيد ولا شرط- بأشخاص وسلّمناهم "شيكا على بياض" ، عتوا فسادا واغتالوا كل أحلامنا الجميلة في التوق لغد أفضل.
نعيش اليوم واقع حزبي فاسد متعفن أدى إلى الكفر بالأحزاب السياسية، هذا في وقت تعيش فيه البلاد معضلات وتحديات خطيرة تستوجب رؤية واستراتيجية واضحة المعالم ومحددة المقاصد. إن واقع الحال اليوم مطبوع بشكل جلي باليأس الذي تعشش في نفوس الكثير من المغاربة، سيما منهم الشباب.
في سنوات الجمر والرصاص كانت السلطة توظف لفظ "السياسة" بمعنى العداء للملك وللمغرب، عندما تعتقل الناس وتحاكمهم أو "تُغبّروهم". وهذا نهج لم يختلف عن ممارسة المستعمر الفرنسي الذي وظف لفظ "السياسة" بمعنى معاداة فرنسا. آنذاك كان الاهتمام بالسياسة والاشتغال بها تهمة خطيرة فد تقلب حياة الفرد وأسرته رأسا على عقب.
لكن دارت الأيام وأصبحت السياسة اليوم، هي أولا وقبل كل شيء، انتهاز الفرص واستغلال الموقع لخدمة المصالح الخاصة والسعي وراء الثراء غير المشروع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ما بعد الحرب.. ترقب لإمكانية تطبيق دعوة نشر قوات دولية ف


.. الشحنة الأولى من المساعدات الإنسانية تصل إلى غزة عبر الميناء




.. مظاهرة في العاصمة الأردنية عمان دعما للمقاومة الفلسطينية في


.. إعلام إسرائيلي: الغارة الجوية على جنين استهدفت خلية كانت تعت




.. ”كاذبون“.. متظاهرة تقاطع الوفد الإسرائيلي بالعدل الدولية في