الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التبعات القانونية و السياسية لعدم انتهاء مؤتمر حواراليمن الوطني في موعده

رياض طه شمسان
حقوقي و أكاديمي

(Reyad Taha Shamsan)

2013 / 12 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


شكلت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية مخرجاً واقعياً من الوضع المتأزم في اليمن عقب ثورة التغيير الديمقرطي في فيراير 2011م لما احتوتة من مضامين من شأنها أن تعمل على خلق التوازن والشراكة في العمل السياسي بين جميع القوى و الأحزاب السياسية بهدف الأنتقال السياسي للسلطة بطريقة سلمية و مرنة بما يحقق للثورة اهدافها والشعب اليمني تطلعاته المشروعة.
لكن وعلى الرغم من مرور اكثر من عامين على تاريخ التوقيع على هذه المبادرة (من قبل الحزب الحاكم و المعارضة حينها في 23 نوفمبر 2011 م ) وأن كانت قد حققت بعض المنجزات السياسية إلا أنه ما زالت كثير من الأمور الأكثر اهمية تراوح مكانها أن لم تكن قد ازدادت تعقيداً وتدهوراً. و مؤتمر الحوار الوطني لم ينهي اعمالة حتى الآن على الرغم من انتهاء فترته القانونية منذ اكثر من سبعة و سبعين يوماً.
و السبب الرئيسي للوصول إلى هذه الحالة كما يبدو من خلال كثير من المعطيات يكمن في رغبة بعض القوى و الأحزاب السياسية اما في ابقاء الأوضاع الحالية على حالها او اعادت الأمور إلى سالف عهدها، يرافق هذا سوء ادارة الحكومة و ضعف دور قوى التغيير الديمقراطي.
و كما يلاحظ في الأونة الأخيرة و بالذات من قبل انتهاء الفترة القانونية لمؤتمر الحوار بقليل محاولة بعض ممثلي القوى و الأحزاب السياسية البحث عن مخارج من خلال خلق بعض الملابسات فيما يتعلق ببعض المفاهيم ومن بين اهمها:
- تحديد الفترة الزمنية للمرحلة الأنتقالية.
- الصلاحيات التي تمنحها المبادرة الخليجية لمؤتمر الحوار الوطني.
- المقصود بمفهوم المرحلة التأسيسية.

فمن ناحية عدم إطلاع غالبية المواطنين بمن فيهم اعضاء في مؤتمر الحوار الوطني على مضمون المبادرة الخليجية وأليتها قد ساعد في تسهيل اثارة هذا الألتباس ، و من ناحية أخرى عدم انشاء اللجنة التفسيرية الخاصة بتسوية المنازعات التي من الممكن أن تبرز فيما يتعلق بتنفيذ بنود المبادرة الخليجية و آليتها، و التي كانت قد نص عليها الجزء الخامس الفقرة 25 من الآلية التنفيذية للمبادرة، و وجود بعض المواد في المبادرة الخليجية غير و اضحة التعبير للمواطن العادي وخاصة فيما يتعلق بالأطار الزمني للمرحلة الأنتقالية اعطى الفرصة للقوى و الأحزاب السياسية في الترويج لهذه الملابسات والأجتهاد في وضع التفسيرات السياسية التى تلائمها و لا تتجاوب مع مضمون المبادرة و التي من كل بد أن لم تحقق اهدافها التي تعبر عن مصالح حزبية ذيقة من حيث المضمون فهي على الأقل ستولد الأختلاف والخلاف وهذا بدوره سيعرقل سير عملية الحوار مما يعني تطويل الفترة الأنتقالية و هذا سيلبي طموحات بعض القوى و الأحزاب السياسية، او يحرف مؤتمر الحوار عن مسارة وهذا يتجاوب مع رغبات اخرين و لكنه يتناقض مع مضمون مفهوم المصالحة الوطنية و العدالة الأنتقالية و يشكل خطراً على المصالح الوطنية في كلتى الحالتين.
و قبل الخوض في التفاصيل ينبغي التنويه هنا إلى أن اهمية المصالحة الوطنية و العدالة الأنتقالية تتعدى الحدود الوطنية، و استقرار اليمن في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية الراهنة يحمل ابعاد وطنية واقليمية و دولية وهذا ما يفسر اهتمام المجتمع الدولي في تحقيق العملية الأنتقالية في اليمن، و ما مشاركة الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن و الأتحاد الأوروبي والدول الخليجية إلا تأكيداً واضحاً على ذلك .
بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية هي عبارة عن قواعد قانونية تنظم عملية انتقال المجتمع اليمني من نظام الفساد و المحسوبيات و الأدارة السيئة إلى النظام الديمقراطي والحكم الرشيد التي تشكل اساسة الدولة المدنية الحقوقية - دولة النظام و القانون. و كل هذا يشكل مضمون و هدف العدالة الأنتقالية.
صدور قراري مجلس الأمن الدولي (2014 و 2051 ) اعطى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية اضافة إلى الخصائص السياسية خصائص قانونية دولية ملزمة لجميع الأطراف الفاعلة على الساحة اليمنية.
و الأستفتاء العام للشعب على تولي الرئيس الحالي و لايته في فبراير 2012 م اعطى المبادرة الخليجية و آليتها الموافقة الضمنية على شرعيتها الوطنية. و هذا ما يجعل نصوص المبادرة الخليجية وآليتها من حيث القوة القانونية تتساوى مع نصوص الدستور اليمني، وفي حالات معينة تعطل بعض المواد الدستورية التي تتعارض مع مضامينها. و في حالة تنازع مواد المبادرة الخليجية وآليتها مع القانون اليمني الأولوية للمبادرة.
وهذه حالة قانونية استثنائية نتيجة الظروف الغير اعتيادية التي يمر بها اليمن ولكنها مؤقتة و مزمنة بالمرحلة الأنتقالية التي استدركتها المبادرة الخليجية التي من المقرر لها أن تنتهي في فيراير 2014م بالحد الأقصى.
النظام الداخلي لمؤتمر الحوار الوطني ينبغي أن يتجاوب مع نصوص المبادرة الخليجية وآليتها و لا يتعارض مع الدستور والقوانين اليمنية النافذة.
والمهمة الأساسية لمؤتمر الحوار محددة وتتمثل بأيجاد توافق بين القوى السياسية اليمنية المشاركة في الحوار في معالجة المشاكل القائمة وتحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية و الشراكة في وضع الأسس لبناء الدولة المدنية التي تمثل هدفاً رئيسياً اجمع عليه كل اليمنيين و قامت من اجلة الثورة.
ويحق لمؤتمر الحوار أن يناقش كافة القضايا الهامة بدون أي تحفظات وبكل حرية وشفافية و موضوعية، ولاكن لا يحق له أن يضع حلول جاهزة من شأنها المساس بالسيادة الأقليمية، او فرض الوصاية على الشعب و مصادرة ارادتة، او منح نفسة الصلاحيات التي ليست من حقة، لأن الشعب هو مصدر السيادة و الشرعية. وقد حدد الجزء الرابع من الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية الفقرة (19) مهام مؤتمرالحوار بالتفصيل.
بكل تأكيد لا يوجد مؤتمر دائم للحوار و لا توجد مراحل انتقالية مطلقة وهذه حقيقة ثابته. المرحلة الأنتقالية في اليمن محددة بعامين بالحد الأقصى وتبدأ من بداية تولي الرئيس الحالي ولايته كما نصت علية المادة «7 - ب» من المبادرة الخليجية. اما فيما يتعلق بعدم استكمال المؤتمر الوطني اعمالة في الفترة المحددة التي اقرتها المبادرة سلفاً و هي ستة اشهر بحدها الأقصى فهذه مسألة أخرى . ففي الحالة الأولى الحديث يدور بدرجة رئيسية حول مسائل قانونية بحتة ذات اهمية بالغة وطنية و دولية، و في الثانية عن مبررات قد تكون موضوعية وقد تكون ذاتية مقصودة ولأسباب ليس بالضرورة أن تكون سياسية و من بينها. :
- سياسة بعض القوى السياسية التي لها مصلحة إما في تمديد الفترة الأنتقالية او اعاقة الحوار .
- رغبة بعض الأفراد المشاركين في الحوار استمرار الحوار إلى مالا نهاية لمصالح شخصية مادية خالصة.
- قصور في دور القائمين على مؤتمر الحوار وعدم تسوية الأمور في الوقت المناسب.
- سوء إدارة الحوار.
- عدم قدرة او عدم جاهزية المشاركين في مؤتمر الحوار على التعامل مع المشروع الوطني الديمقراطي.
- الأخفاق او فقدان الموضوعية من قبل القوى و الأحزاب السياسية المشاركة في مؤتمر الحوار في التعاطي مع المشاكل القائمة، وبالتالي عجزها في ايجاد الحلول العملية و البناءة. ... الخ.
وهذه مسائل بحاجة إلى الدقة و الموضوعية و تحديدها يجب أن يستند على ادلة صحيحة تستند على حقائق واقعية في كل حالة على حدة و ليس على افتراضات وتصورات شخصية حتى يمكن تحديد المسؤولية الفردية او الجماعية.
و في جميع القضايا العامة لا يوجد حوار فاشل، و أنما من الممكن أن يوجد متحاورون أما يصرون على مصالحهم الشخصية التي تتعارض كلياً مع المصالح الوطنية، اومتحاورون فقدوا القدرة على التعاطي مع الأحداث ولا يستطيعوا مواكبة التغيير و مجارات وتيرة التطورات المتسارعة و ديناميكية الواقع بأبعاده المتعددة .
و بالنسبة للدول الداعمة للحوار فهي قد قامت باتخاذ كافة التدابير اللازمة و انفقت ملايين طائلة من الدولارات سواءً في اعداد وتأهيل اعضاء الحوار او توفير كافة الأمكانيات اللازمة فوق الضرورية و إلى حد كبير لهؤلاء الأعضاء المشاركين حتى يتمكن مؤتمر الحوار الوطني انجاز اعمالة في فترة محددة بعناية و دقة، لكن مسألة و جود افراد ضمن اعضاء مؤتمر الحوار الوطني ليس لهم بالضرورة مصالح سياسية وانما شخصية، وغياب ضمن طاقم الحوار الكوادر المتخصصة من ذوي الكفاءة في مجال القضايا التي يجري مناقشتها في مؤتمر الحوار مسألة مؤكده و لا يمكن استثائها، و هذا اثر سلبياً إلى حد كبير على سير الحوار و التباطؤ في انجاز مهامه حسب ماهو مخطط له في المبادرة الخليجية. و هذا التأكيد يأتي من خلال قراءة و تحليل بعض التصريحات او التقارير او القرارات لمؤتمر الحوار التي لا تتجاوب مع معايير الديمقراطية و حقوق الأنسان.
و مهما كان الخلاف بين القوى السياسية عميقاً، و مهما بدأ عدم التجانس الفكري او الأيديولوجي واضحاً وتنوعت وتعددت المصالح فدائماً من الممكن الوصول إلى توافق شامل في حالة ما تكون الأطراف المشاركة بالفعل حريصة على المصالح الوطنية، لأن ضمان هذه المصالح العامة يشكل حماية دائمة للمصالح الشخصية او الحزبية المشروعة.
بالطبع الوضع الذي يعيشه اليمن غير طبيعي على الأطلاق، خاصة في ظروف نظام المحاصصة و في ظل غياب المؤسسات الدستورية و التشريعية و ضعف السلطة التنفيذية و القضائية بالأضافة إلى :
- ازدواجية المعارض والحاكم في آنٍ واحد.
- غياب الرقابة على نشاط الحكومة و مؤسسات الدولة.
- انتهاء شرعية مجلس النواب و الشورى و السلطة المحلية، ناهيك على أن آخر انتخابات برلمانية و إن كانت شكلية كانت قبل أكثر من تسع سنوات.
- انتهاء الفترة القانونية لمؤتمر الحوار منذ اكثر من شهرين.
- قرب انتهاء شرعية ولاية الرئيس الحالي.
يوازي هذا ايضاً تدهور الأوضاع الأقتصادية والأمنية والأنسانية وزيادة الفقر والبطالة والفساد و العبث بالمال العام و عدم المسؤولية ... الخ وهذا ما تؤكده التقارير الدولية
و كل هذا أن استمر خارج النطاق الزمني القانوني يتعارض بكل المعاني و المقاييس مع مبادئ الديمقراطي والشرعية و مبدأ سيادة القانون ويمثل انتهاكاً لحقوق الأنسان ويهدد استقرار و أمن البلد الذي يعد جزءاً لا يتجزأ من استقرار المنطقة و العالم.
أن قضايا الديمقراطية و حقوق الأنسان و الأستقرار في أي بلد كان لا تعتبر شأناً داخلياً و انما ايضاً شأناً دولياً. لما لهذا من انعكاسات على مستوى الأمن والسلم الدوليين. وعلى جميع القوى السياسية اليمنية أن تعي جيداً هذه الحقيقة القائمة، و أن تدرك تماماً أن البقاء والأستمرار في هذا الوضع امراً غير ممكن ، و العودة إلى الوراء من المستحيل.
و يمكن القبول بهذه الحالة الغير الطبيعية على المستوى الوطني و الدولي ابأعتبارها مؤقته و مزمنة بتواريخ محددة ومؤقته . و على الجميع احترام مبدأ سيادة القانون.
وفي ما يتعلق بمفهوم الفترة التأسيسية التي لم يرد ذكرها لا في المبادرة الخليجية و لا في آليتها والذي اصبح يستخدم في الخطاب السياسي و الأعلامي و الأكاديمي بين فترة و أخرى، المقصود فيه الفترة التي تلي مباشرة الفترة الأنتقالية التي من المقرر أن تنتهي في فبراير من عام 2014م وتعني بالتحديد - فترة بناء الدولة المدنية ، وعندما الحديث يدور فقط عن القضية الجنوبية و شكل البناء الأقليمي لأدارة الدولة الأقليمي او الفدرالي. ولا يعني مطلقاً فترة انتقالية جديدة .
و من كل بد التباطؤ في انهاء مؤتمر الحوار سيؤدي إلى تأخير موعد انتهاء الفترة الأنتقالية وسيفقد المؤتمر إلى جانب تجاوزه الفترة القانونية بحدها الأقصى صلاحياته السياسية ، لأن هذه الصلاحية مرهونه بأنتهاء فترة المرحلة الأنتقالية التي لم يتبقى منها إلا القليل . وانتهاء فترة المرحلة الأنتقالية القانونية يعني انتهاء الشرعية للسلطة السياسية في اليمن. وانتهاء الشرعية في مثل هذه الحالة يفتح المجال واسعاً لجميع الأحتمالات التي تهدد امن و استقرار اليمن و سيخرج الوضع العام عن السيطرة تماماً، وستصبح الحرب الأهلية التي قد بدأت بوادرها في شمال الشمال او الأنقلاب العسكري امور واردة.
لهذا من الضرورة الانتهاء من الحوار و الاسراع باستكمال اهداف الفتره الانتقاليه و اجراء الانتخابات وفقا لمانصت عليه المبادرة الخليجيه واليتها التنفيذيه وكما أكد علية من جديد البيان الأخير لمجلس الأمن الدولي. خاصة و أن الحوار قد انجز 90% من مهامة حسب التصريح الرسمي اشهر للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة السيد جمال بن عمر.
و مهما بدا الوقت قصيراً و تعقدت المشاكل، فالرئيس الحالي السيد عبده منصور هادي ما زال يتمتع بثقة الشعب ولدية الشرعية الكاملة و هذا ما سيمكنه من حسم كثير من الأمور قبل فوات الآوان. وسيكون من الحكمة:
- تعليق الأحتمالين لشكل البناء الأقليمي لأدارة الدولة - الأقليمي او الفدرالي إلى ما بعد الخمس السنوات الأولى لبناء الدولة المدنية
- تشكيل هيئة دستورية بخبراء في القانون دوليين و يمنيين و تقديم
جميع مواد المؤتمر لدراستها وتحليلها لهذه الهيئة من اجل صياغة دستور الدولة المدنية الذي يتجاوب مع متطلبات حاجة التطور الداخلي و الخارجي لليمن، والأستفتاء علية.
- تشكيل حكومة كفاءات لا تمت بأي صلة للأحزاب.
- اجراء الأنتخابات البرلمانية.
- التوافق على اعادة الأستفتاء بتولي الرئيس الحالي السيد عبده ربه منصور هادي ولايتة الجديدة خلال فتره من ثلاث إلى خمس سنوات....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة