الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جان دمّو: شاعر من زمن آخر

حاتم الشلغمي

2013 / 12 / 5
الادب والفن


هو جان دمّو أو يوحنّا دمّو يوسف, راهب الكلمات الحالمة و رائد الشعراء الصعاليك في العراق. مؤّسس"جماعة كركوك الشعرية" الى جانب فاضل الغزاوي و سركون بولس و مؤيّد الراوي و غيرهم.
هو الموسوعي بعقله و المتمكّن و المتمرّس بفكره و المطّلع على الأدب و الفن العالمي بعامة و الانجليزي بخاصّة.
هو الشاعر الثائر بصمته و المتمرّد في هدوئه و الجدّي في سخرياته.
كان جان دمو غزير الانتاج قليل النشر, فمن أشهر قصائده المعنونة نجد:
-حبيبتي
فمك حمار كهربائي
-حيث أسناني تسافر مع الريح
و نشر له بعد وفاته مجامع شعرية عديدة أبرزها
-سقةطي يمتّع جوهر الروح
-بين الشعر و الحياة
-حذاء في الجهة
كان يكتب عن الحب و الحياة (ان نضحك ثانية و ثانية / ان نستفزّ الحاكمين / أن نرفض...) و عن الموت و الميلاد ( ينتظر مخلّصا ما / لن نغامر بالجواب / أن يكون الموت غياب الذاكرة ...)
كانت كتاباته تعكس مزاجيته و عبثيته و علاقته العميقة بالثلاثي المكاني: الشارع, المقهى و الحانة. هناك تألّق سخر و احتجّ.
من مشاكساته و عبثياته أن كان شعره غرائبيا من حيث البنية و التركيبة , ضاربا عرض الحائط كل ما هو تقليدي و سائد في الشعر عموما و في الشعراء من أبناء جيله خصوصا, لهذا كان له صدى و لديه متابعين رغم قلّتهم, فوصفه بعض النقّاد بالمتشرّد, الصعلوك و المتسكّع.
عكست قصيدة "أسمال" عبثيته, قلقه و مأساته فضلا عن روحه و نيّاته الصادقة الحالمة. فنصوصه تعكس حياته التي تؤشّر بدورها أنه كان متفرّدا, حالما بكلّ شيء بما فيها فانتازيا الحياة و تداعياتها.
كانت نصوصه رشيقة ضمن سياقات تعكس ذاتيته التي تحمل ارهاصات غرائبية...
كان شاعرا انسانا. أثبت شعره آدميته و انسانيته التي تحمّلت ذلك الهمّ الوجودي بين ثناياها المتشرّدة فيقول في أروع نصّ (برايي) يعكس ذلك القلق الذاتي
" ها أا في سبيلي الى ممارسة انسانيتي
الغرفة مظلمة و كذلك القلب
مع آخر سجائري يتّخذ القلق مكانه الأشدّ توحّشا..."
و هو نصّ يبرز تلاعبه الرهيب بالألفاظ الذي يعكس تمرّده الذاتي و الشعري.
هو كما قال فيه الناقد العراقي علي حسن الفوّاز:
"وحده يفرّط بالحياة دونما أسئلة, انّه يدرك لعبتها السرّية و أفقيّتها المروّعة, يمارس ازاءها كلّ التوغّل و التوحّش, ربّما تمنحه عشيّتها القديمة التي أضاع كلكامش من أجلها أسطورته و شهواته.."
كان جان دمّو يسخر بمرارة و يضحك احتجاجا أو توهّما, فكان الانسان فيه أكثر حضورا من الشاعر.
هو ظاهرة حياتية و شعرية متميّزة رغم أنّها منسية.
جان دمّو كان شاعرا ... من زمن آخر.


تونس في 30-11-2013
مداخلة مقتضبة ألقيتها في إطار تظاهرة "تُنسى كأنّك لم تكن" لنادي الابداع الأدبي بسوسة احتفاءً بذكرى الشاعر العراقي جان دمّو.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدكتور حسام درويش يكيل الاتهامات لأطروحات جورج صليبا الفكري


.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس




.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن


.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات




.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته