الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهاجر حزين.. و محاكاة الذات

فاروق الجنابي

2013 / 12 / 5
سيرة ذاتية


زارني صديقي في بيتي فسألته لماذا هو مكفهر الوجه اي(كالب خلقته) فاجابني انه باع نصف مواطنته هذا اليوم،فلقد حصل على الجنسيه فقلت له وبلهفه هذا جيد لقد اصبحت اوربيا" وخاصة" انك(ابيض وشعرك اصفر وعيونك زرق) فلا احد يميزك بعد الان ويعرفك انت عراقي او عربي ،وسوف لايفتشوك في المطارات بقسوه وستسمح لك الدول العربيه الدخول لاراضيهم رغم(...). يجب ان تفرح!!! هنا متوفر لك كل شئ، امان، عنايه صحيه،عداله اجتماعيه،مدارس للاحفاد،مساعده ماديه وامور اخرى حرمك بلدك منها، وتذكر ان نصف حكومتك واعضاء برلمانك هم من حملة الجنسيات الاجنبيه ويطلقون على انفسهم(مزدوجي الجنسيه )،فماذا تريد افضل من ذلك ياهذا؟. اجابني وبمراره انه يعرف كل ذلك ولو كان يرغب في جنسيه غير عراقيه لكان قد حصل عليها منذ فتره طويله خلال دراسته خارج العراق عندما كان شابا" ،وان الذي جعله يعود الى العراق في حينها هو الحنين الى الوطن و هذا الحنين مرض لاتستطيع الشفاء منه الا بعودتك الى بلدك. سكت قليلا ثم استدرك قائلا" انه يعرف ان من يسمعه وهو يتذمر مما حصل عليه وما متوفر له هنا سيقول ان هذا الشخص (يدفر نعمته برجله و........فكر اي نكدي)كما يقوله العراقيين بلهجتهم العاميه .لم اقاطعه لانني لاادري ما اجيبه ،هل اقول له( "البقاء في حياتك" على نصف مواطنته التي فقدها نفسيا"!! )، ولكنه استمر بالكلام مع تنهيده،ان الذي يغيضه هو فقدانه للحياة الحلوه التي كان يعيشها في العراق في زمن الخير،وانه يشتاق الى كل دقيقه قضاها مع رفاقه في العمل او الخروج معا" الى الكازينوا او اللقاء بهم في مكاتبهم، و كذلك الزيارات بين العوائل والاهل والاقرباء بالرغم من وجود بعض المنغصات التي تحدث بينهم ولكن المسامحه كانت دائما" موجوده ، انه يشتاق لزيارتهم له عندما كان يمرض او بمناسبات العيدين،انه يحن حتى الى مجالس الفاتحه عندما يقول لك الجميع (الله بالخير بعد قرائتك الفاتحه) ويتقدم لك حامل الماء، ويليه حامل السيكاير، ثم يتبعه ابو القهوه يطقطق بفناجينه ،كنا نرى هناك الاصدقاء الذين لانراهم الا في الفواتح .انفتح صديقي بالكلام دون توقف مع ابتسامه بسيطه على وجهه ممزوجه بمسحة حزن، ان الذي يزعجه هنا هو مشاهدته لاولاده وهم يعانون من امور كثيره، فانهم قضوا خمسة سنوات لمعادلة شهاداتهم التي حصلوا عليها في العراق وتعلمهم اللغه بشق الانفس وبعد كل ذلك لايستطيعون الحصول على وظيفه يمارسوا بها اختصاصهم لاسباب تافهه فاما لان لغتهم ليست بالمستوى المطلوب بالرغم انهم اجتازوا اصعب امتحانات اللغه التي يفرضها عليهم نظام معادلة الشهادات هنا،او بسبب الازمه الاقتصاديه او لانهم عرب من حملت الاحزمه الناسفه ،هنا يستغلون ويشجعون الاجانب على اعمال التنظيف ومسح طاولات الاكل وغسل الصحون في المطاعم فقط الا ما ندر ، أخبرني انه يصاب بخيبة امل وهو يرى احفاده لايتكلمون اللغه العربيه بطلاقه بالرغم من ان آبائهم يحثوهم على تعلم اللغه العربيه قراءة وكتابه باستمرار .نظرني ثم قال،" كنا نتمنى السفر ولكن لاغراض السياحه ليس الا،والان نحن نعيش ونقنع انفسنا بان ما نحن عليه افضل". انه يعرف سيبقى اجنبي(لاجئ) في نظر اهل البلد التي هو فيها مهما طال بقائه خارج وطنه الام .
نعم انك مجنون يا صديقي بحب الوطن وسوف لااستطيع ان اغير مشاعرك فإني والله مثلك ولكنني اتكابر لكي لا اظهر للآخرين اني ضعيف في هذه الغربه ،لي الف سبب لماذا انا ايضا" غير مرتاح بوجودي هنا، ولكن عندما ابدأ بسرد هذه الاسباب يصرخ الجميع بوجهي(يا معود اكعد راحه الخاطر الله) وعندما اعود مع نفسي وانظر الى ما يحدث في بلدي العراق،اقول لهم معكم الحق يااولادي يجب ان انتظر ولو الى بعد حين عسى الله ان يفرجها على العراقيين، ولكن .......... سأعود لانني مشتاق حتى الى بائع الغاز الذي كان يحرمني من نوم الظهيره بصياحه(غاز...غاز)!!.
ودعته عند الباب ورجعت وانا ادندن مع نفسي اغنية حسين نعمه
(لا بيه اعوفن هلي .................ولا بيه عوف هوايه)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ctمقتل فلسطينيين في قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا وسط رفح


.. المستشفى الميداني الإماراتي في رفح ينظم حملة جديدة للتبرع با




.. تصاعد وتيرة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله وسلسلة غارات على


.. أكسيوس: الرئيس الأميركي يحمل -يحيى السنوار- مسؤولية فشل المف




.. الجزيرة ترصد وصول أول قافلة شاحنات إلى الرصيف البحري بشمال ق