الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يا برهان غليون ؟

محمد الشمالي

2013 / 12 / 6
مواضيع وابحاث سياسية







كتب السيد برهان غليون بوستا على صفحته مقالة أعطاها العنوان التالي : " الثورة بين الأقوال والأفعال "وهذا هو نصها ‏كاملا :
‏" يحيرني ذاك الذي يرد دائما على ما أكتبه في هذه الصفحة بجواب واحد لا يتغير: مليح، لكن نريد أعمالا لا أقوالا. وهو ‏في الغالب لا يفعل شيئا.
من قال إن العمل يفترض غياب التفكير، أو أن من يفكر في مجريات الأمور وسبل تحولها، ويعمل على تطوير المواقف ‏والتوجهات، ويسعى إلى مناقشتها مع الآخرين، يمتنع حتما عن أداء أي واجبات عملية أخرى في الإغاثة والسياسة ‏والمجهود الحربي؟
ليس هناك عمل ناجع وناجح من دون تفكير، ولا يمكن أن يكون هناك فكر سليم من دون الارتباط بالعمل. لكن للعمل مراتب ‏ومستويات وميادين مختلفة. وفي كل ميدان هناك من يغلب على عمله طابع التنفيذ، وهناك من يخطط، وهناك من يصمم، ‏وهناك من يصوب الأخطاء. وهذا ينطبق على كل الأعمال من صناعة الإبرة إلى صناعة الذرة، وييدأ في المجتمع من ‏مستوى تنظيم الفرد لمشروع حياته، إلى الاسرة إلى الحرب والسياسة والخطط الكبرى، التي تتطلب باستمرار ارتقاءا ‏مستمرا في مستوى النظر وطرائق التحليل والتركيب، وتحتاج جميعا إلى الرأي السديد
العمل من دون تفكير لا يثمر ولا يقود إلى شيء، وربما انقلب على صاحبه، والتفكير غير المرتبط بعمل ومشروع عملي ‏يخشى عليه أن يتحول بسرعة إلى سفسطة وكلام سائب وتنظير منفصل عن الواقع والعقل السليم.
ومعظم نقائص عملنا اليوم في الثورة، وتأخر إنجازنا فيها، ناجم عن الانفصال بين النظر والعمل، وضعف التفكر، ‏الأخلاقي والانساني والسياسي والعسكري. ولولا الايمان بالله والثقة بنصره لما شهدنا ما شهدناه من صمود اسطوري قام ‏بشكل رئيسي على التضحيات العظيمة بالروح والنفس، التي يقف وراءها الايمان بعدالة القضية والحق، ويغذيها الاعتقاد ‏الصادق، والثقة بالله، والحماس الديني الذي أصبح اليوم المحرك الانفجاري الحقيقي لروح الصمود والتصميم والأمل ‏بالنصر."‏

‏ جاء هذا المقال وكأنه رد على ما كتبتهُ ـ أنا ـ في موقعي على الحوار المتمدن منذ ثلاثة أو أربعة أيام تحت عنوان : " ‏الجبهة الإسلامية بين المصداقية والدجل السياسي " . كتبتُ هذه المقالة كرد على نقد السيد برهان غليون نفسه لميثاق ‏الجبهة الإسلامية الذي نشره ـ هو ـ قبل ذلك بعدة أيام تحت عنوان: " ملاحظات حول ميثاق الجبهة الإسلامية ". وقد ‏توجهت للسيد برهان غليون مباشرة ناقدا تشبيهه لميثاق الجبهة الإسلامية بالمنطلقات النظرية لحزب البعث من حيث ‏تشدده وشموليته ومن بين ما كتبت : " الجبهة الإسلامية ربطت الكلام بالفعل والنظرية بالتطبيق وهي التي صنعت ‏انتصارات الثورة التي أعطت الحياة للمعارضة السياسية التي تنتقدها اليوم بسبب خطأ بتشخيص أمراض المرحلة أو ‏لمصالح شخصية ..."‏
لا أعرف إن كان السيد غليون ، الشخصية العامة التي تخيلها السوريين يوما سيدة قصر المهاجرين ، أنف الرد على ‏مباشرة ،و بالتالي افتعل قصة هذا القارىء الغليط الذي ينتقده على العمال والبطال أم أنه يعاني فعلا من مضايقات يومية ‏تجعله أحيانا يخرج عن طوره ويكتب مقالا قد لا يقرأه أبدا هذا السادي المجهول . ‏
المهم سأتقمص شخصية هذا القارىء الغليظ وأرد على السيد غليون بموضوعية كوني أحترمه شخصيا ودافعت عنه في ‏عدة مواقف عندما لزم الأمر .‏
أولا ، لا شك أن النقد سهل والتنظير أسهل ، وكل كل الصعوبات في الحياة تبرز أمامنا عندما نريد الانتقال من حيز ‏أفكارنا وأمنياتنا وأحلامنا إلى حيز تجسيد ها وتنفيذها وتطبيقها .‏
ثانيا ، كلما ارتفع مستوى المجال الذي نعمل فيه ، كلما ارتفع حجم الضغط علينا، وكبرت مسؤولياتنا ، وأشار الناس علينا ‏بأصابعهم، وارتفعت احتمالات عدم التوافق بين ما ينتظره الناس منا وبين ما استطعنا تنفيذه . وهنا تبرز جليا نسبة النجاح ‏ونسبة الفشل. وهنا يبدو جليا مقدار الفرق بين النظرية والتطبيق وبين ما أعلنا عن تنفيذه من مخططات و بين ما قمنا ‏بتنفيذه فعليا على المستوى العملي . فصناعة الإبرة ترتكز من حيث التنفيذ على آلية محدودة في الورشة يمكن لأي فتى ‏تنفيذها أما صناعة الثورة فتتطلب حضورا بشريا ومسؤوليات أمام الله والبشر والتاريخ . ومع ذلك عندما تخف الجودة ‏بمواصفات الإبرة فهناك محاسبة أو توبيخ للمهندس الذي صممها أو للعامل الذي قام بصناعتها . فما بالك يا سيد برهان ‏غليون بحجم التوبيخ والمسؤولية والعقاب عندما يتعلق برقبة الشخص مصير وطن وحياة مواطنين أبرياء يقدمون يوميا ‏على مذبح الوطن بمئات الآلاف ؟ ‏
اذا المشكلة ليست مشكلة نظرية وتطبيق أو مخططات وتنفيذ . المشكلة هي مشكلة نجاح أو فشل . وخاصة عندما تكون ‏المسؤولية بحجم التي هي ملقاة على عاتق قادة المعارضة السياسية السورية . ‏
ثالثا ، ألا يحق للسوريين مساءلتكم : ماذا قدمتم للثورة السورية يا سيد برهان ؟ وعندما أتوجه إليك أوجه كلامي لكل قيادي ‏في المعارضة السورية . تكلمت يا سيد برهان في مقالتك عن أسباب تأخر انتصار الثورة وقلت :"تأخر إنجازنا في ‏الثورة ناجم عن الانفصال بين النظر والعمل، وضعف التفكر، الأخلاقي والانساني والسياسي والعسكري " بالرغم مما ‏يحوي هذا الكلام من لخبطات ومن خلط عباس على دباس ، أطرح عليك السؤال التالي : ماذا انتجتم كمعارضة سياسية ‏وطنية على هذه الأصعدة وما هو دوركم في تعطيلها ؟
‏1 ـ أخلاقيا ، أفسدتم الثورة بالمال السياسي ، وبعد أن كان الفتيات والفتية يخططون لمظاهرة الجمعة أصبحوا يفكرون كيف ‏يحفرون لبعضهم المكائد كي يتفردوا كل من ناحيته بكم دولار ليهرب بهم للخارج . هذا مثال . وكي تعطوا لمجالسكم نوعا ‏من الشرعية أخرجتم الكوادر الثورية من الداخل وفرغتم ساحات المواجهة مع النظام خالية من المقاومة المدنية ومن روح ‏الحراك الثوري الذي انتجه 15 آذار 2011 . لماذا خرجت سهير أتاسي من سوريا ، ولماذا استقالت مؤخرا من وحدة ‏الدعم وماذا قدمت للثورة أخلاقيا بعد خروجها من الداخل ؟ مثال سهير أتاسي حالة مهمة ومعانيه قوية ... أخلاقيا أذكرك ‏‏ بمنسقي كتائب الوحدة الوطنية ،...‏

‏2 ـ إنسانيا : عندما بدأت اجتماعات استنبول وانطاليا وبروكسل صيف 2011 لم يكن في سوريا ولا نازح ولا لاجىء ‏واحد ، واليوم العدد وصل ل7000000 مهجر ونازح ومئات الألاف من القتلى ... صحيح أنكم لم تهجروهم ـ أنتم ـ ولم ‏تقتلوهم ولكن كان عليكم توقع ذلك واتخاذ الاحتياطات الكفيلة بمنع ذلك أو تحد من حجم الكارثة .‏
‏ ‏
‏3 ـ سياسيا : وحدة المعارضة كانت حلما وبقيت حلما . الشرعية كانت حلما وبقيت حلما ، استقلالية القرار كانت حلما ‏وبقيت حلما ...بقيتم نوادي مغلقة تعبث فيها الأهواء والانتماءات الضيقة . وأبشع ما فيها هو عبثية معايير الإنتساب أليها ‏كمؤسسات ثورية خلقتها الصدفة . كرهتم بعضكم أكثر من كرهكم للنظام وبنيتم استراتيجيات شخصية ووقفتم من الحلول ‏حسب ما تمليه عليكم موازين قوى هذه الإستراتيجيات الشخصية البحته ، المريضة بالسلطة لدرجة أن نفرتم الناس من ‏الثورة .‏

‏4 ـ عسكريا ، عجزتم على تحقيق الحد الأدنى من التوازن والمساهمة في التخطيط . بقيتم بعيدا عن ميدان المواجهة واكتفيتم ‏‏ بدفء فنادقكم ومكيفاتها ... تركتم المقاتلين وحدهم في ميدان القتال وإدارة الأراضي المحررة وتركتم حدود سوريا ‏مشرعة لرياح الشيعة من الشرق والغرب وأصبحت سوريا بفضلكم وبفضل نظام خائن مسرحا لقوى أجنبية شوهت وجهها ‏وثورتها . تركتم حمص ، والقصير والسفيرة تواجه السقوط ومنعتم معركة الساحل وتركتم النظام يعبث بأمن سوريا على ‏كافة المستويات ‏

أخيرا : لم يتأخر النصر ، يا سيد غليون ، بسبب الضعف " الناجم عن الإنفصال بين النظر والعمل " ( جملتك ركيكة )‏
ولكن عن ضعف بالإحساس بالمسؤولية وعن تغييب للمساءلة والمحاسبة على الخطأ. ولكن السؤال القاسي يبقى : من ‏يحاسب من ؟ في حال غياب مؤسسات قانونية ومحاكم ثورية ولجان رقابة شعبية يصبح الفساد قاعدة والضياع دستور . ‏وفي النهاية أحب ان أقول لك : ليس مهما أن نطبق وننفذ ولكن المهم هو نسبة النجاح في التنفيذ . وسوريا ستحاسبكم على ‏نتائجكم وليس على أخلاقكم ونوياكم . أنت مدرس وتعرف ذلك : لم نحاسب طالبا على أخلاقه عندما نصحح ورقة امتحانه ‏ولكن نحاسبه على تطابق أجوبته مع الأسئلة التي وجهت إليه . ‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام