الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مانديلا.. نفس مطمئنة
حسين الصرايرة
2013 / 12 / 6حقوق الانسان
قد يكون رحيل الماديبا "نيلسون مانديلا" غير مفاجئ ، فالرّجل قرّر منذ عقد من الزّمن الاستقرار بين أسرته واعتزال حياة الصّخب السّياسي ، إيماناً بأنّ الرّسالة قد وصلت.
وكان متوقِّعاً أنّ لحظة صعوده على متن النّعش باتت قريبة ، لن يُعْتقلَ فيها سوى روحه ، ولن يعتبرَ أحد أن ذلك سفر غير قانوني ، كما كانت أول تهمة صافح فيها قضبان الزّنزانة ، لمزعجِ تسلّط البيض ومقلقِ راحة معسكرهم الذّهبي هناك في الجنوب ، أقصى الجنوب "أفريقيا".
قد يكون "مانديلا" بسنيّ حياته المكتظّة بالضّنك ، لا يشغل حيزاً ضخماً من التّاريخ عددياً ، فخمسة وتسعين عاماً لا تحسب بجانب آلاف السّنين منذ أنْ سُكنت الأرض وتمايزت ألوان "آدم" حتى صار الأسود شيطاناً ملعوناً ، والأبيض ملاكاً معصوماً.
لكنّه آمن بأنّ الكراهية لا تولد مع البشر حتى وإن اختلفوا ، ورأى أن الرّضى بإهانة إنسان ليست حريّة بالمطلق ، فعانى من أجل حقّ البشرية بالسلام ودحر الاستعباد ، فكان يدرك أن الخوف هو من يصدّ صاحب الحقّ عن حقّه ، فلم يرد أن يكون جباناً ليموت مراراً ، بل أراد أن يموت مرّة.. مرّة فقط ، بشجاعة.
لم يكن "غاندياً" من عبث ، فكان ضرورياً أن يوقد الحرّية المطفأة في رماد الأسود ، حتى ثار ليسترد له بريق إنسانيّته. لم يثر ليكون سلطاناً جديداً ، ولا قاتلاً برتبة حاكم ، أو مصاص دماء بمسمى منتقم ونصير ، فلما صار رئيساً ربت على كتف النائب العام الذي حكم بسجنه وإذلاله وسامحه وعدّه "مُضللاً" عاد إلى رشده ، فلم يَعدم ولم يُصفِّ خصامه كما حاولوا معه أو كما فعل غيره كـ"فخامة رئيس" ، فأدرك أنّ النّضال لا يستمدّ عزيمته من الحقد والضغينة ، ولا يكون سوى لشيء سامٍ ، لغاية خير وسبيل خير..
فرأى العالم أن مهمته التي أنجزها بحرفة لم تكن معقدة لكنّها لم تكن سهلة أيضاً ، استطاع أن يصوّب عيون النّاس على الصدور وما تحويه من فطرة الخالق ، ويُميْزها عن لون البشرة ، فجدد عهد الأولين مع المساواة والعدالة.
"مانديلا" افترض أنّ العالم تفهّم ما أراد أن يقول ، بعد أن صارت بلاده محطّة حريّة ومولّد سلام ، فأراد أن يستقيل ويلبي دعوة حنين التراب إليه.
وأنّ الجهد الذي بذله من أجل وطنه ومواطنيه يكفي أن يغفو على لحنه بسكينة ، وأن ترقد نفسه مطمئنة بعد أن رضي بحصاد إيمانه بالإنسان.
انتظر أيّها الأشيب فملايين الحناجر ستحذوا بطمأنينة خطاك.. إلى إشعار آخر..
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس
.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على
.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل
.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو
.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين