الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دستور 2013 بين التأييد والرفض والمقاطعة

أشرف عزيز

2013 / 12 / 8
مواضيع وابحاث سياسية



تكتب الدساتير لتحدد طبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكومين وترسخ عدداً من الحقوق والواجبات وتأتى إنعكاساً للأوضاع السياسية والأقتصادية والأجتماعية المصاحبة لكتابة الدساتير والتى لايمكن فصلها عن الظرف السياسى التى تكتب فيه أو طبيعة الطبقة المسيطرة على نظام الحكم فهى تعكس توازن القوى فى المجتمع وتعطى للطبقة المسيطرة الغلبه مع مراعاة عدداً من الحقوق للطبقات المحكومة.
ومهما كانت النصوص التى تتضمنها الدساتير بلغت من الرقى والعظمة لا تعدو كونها مجرد حبراً على ورق إذ ظلت أسيرة النص ولن تجد من خرج بها الى حيز التنفيذ وتطبيق النص على الواقع ليشعر به المواطن البسيط إذ ما لامست حقوقه ولبت إحتاجاته،أن أمر إنطاق النص وتزويده بماء الحياة يعود إلى القوى السياسية التى عليها أن تصيغ برامجها لتحقيق النص على أرض الواقع السياسى والتشريعى والحياتى وأن يتناولوا المواد المحققة لأهدافهم ويستندون إليها لإصدار التشريعات المنفذة للنص الدستورى.
نأتى لدستور 2013 المزمع دعوة الجماهير للأستفتاء عليه بعد أسابيع قليلة والذى يقف متأرجحاً بين مؤيداً ورافضاً ومقاطعاً له ولكل فريق حجته فى موقفه منطلقاً من عقيدته السياسية التى يتبناها ، ولسنا هنا فى مجال الدفاع عن أى من وجهات النظر تلك ولسنا فى مجال إبراز مزايا أو مساوىء الدستور أو مقارنته بما أحتوى عليه دستور 2012 أنما محاولة لفهم محددات الموقف من دستور 2013
فالمؤيدون يرونه أنه أطاح بالفاشية الدينية وأستكمالاً لخارطة الطريق المعلنة فى 3/7/2013 ودق مسمار فى نعش الأسلام السياسى وأحتوائه على العديد من الحقوق أدرجت لأول مرة فى الدساتير وأنه يعد دستور المرحلة وأنعكاساً لتوازن القوى الفاعلة فى المجتمع ولبى الحد الأدنى من مطالب الجماهير ويصلح للبناء عليه فيما بعد.
أما الرافضون والمقاطعون فكلاً منهما له أسبابه التى تختلف وفقاً لعقيدته وأنتماؤه السياسى ، فبينما يراه جماعة الأخوان ومن ركب ركابهم أنه دستور الأنقلابيين ولا أعتراف إلا بدستور 2012 إستكمالاً لحالة الإنكار التى يعيشونها ، يراه أخرون أنه لم يأتى على المستوى المطلوب ولم يحقق أهداف الثورة وكرس للقمع ورسخ للمحاكمات العسكرية للمدنيين ، وبعيداً عن حجة كل فصيل فى تحديد موقفه وفقاً لما يعتقده وما يراه وبعيداً عن انتماؤه السياسى الذى ينطلق منه محدداً موقفه ، نرى أن المعيار الحقيقى للتأييد أو الرفض أو المقاطعة يتوقف على رؤية كلا منا الى ما حدث فى 25يناير 2011 وعدم إمكانية فصل الموقف من الدستور أياً كان الموقف عن فهم وإستيعاب حقيقة ما جرى فحيث يرى جماعة الأخوان أن ما حدث فى 25يناير ثورة عظيمة وأم الثورات لا لشىء سوى أنها من أوصلتهم لسده الحكم وأن ما حدث فى 30 يونيه هو الأنقلاب بعينه والأطاحة بدستورهم ورئيسهم ليظل موقفهم متأرجحاً بين الرفض والمقاطعة ، يراه أخرون منبتى الصله بجماعة الأخوان وأن كانت تتبنى ذات الموقف الرافض أو المقاطع وأن أختلفت الأسباب والمبررات من أنه لا يليق بمصر بعد ثورتين عظيمتين ولم يحقق مطالب الشعب فى العيش والحرية والعدالة الأجتماعية والكرامة الأنسانية.
أن الفهم الصحيح للأحداث وإعادة قراءة ما حدث فى 25يناير 2011 هو المعيار الموضوعى الصحيح لتحديد الموقف من الدستور .
لن نتبع تقاليد الأكاديميين ، وسنطرح ما نراه ، ثم ندلل عليه ، فنقول إن 25 يناير 2011 هى انتفاضة شعبية وليست ثورة كما أنها ليست مجرد "أحداث" كما يدعى البعض. ليست ثورة لأنها لم تنقل نظام الحكم من الحلف الطبقى بقيادة البرجوازية الكبيرة التابعة للأمريكان والصهاينة والرأسمالية العالمية والتى تنفرد بالحكم بمثقفيها ومفكريها وإعلامييها لزوم التضليل إلى حلف طبقى آخر وطنى (ممسك بقضية الاستقلال السياسى والاقتصادى لمصر) ديمقراطى (ممسك بقضية الحريات بكل أنواعها كمدخل لنظام ديمقراطى وبقدر مناسب من تحسين معيشة الطبقات الشعبية بإعادة توزيع الثروات والدخول) ، بل حدث العكس إذ آلت الانتفاضة عندئذ إلى انفراد الجناح الكمبرادورى الدينى بالحكم متمثلا فى الإخوان المسلمين والسلفيين ، ولذلك نصفها بالانتفاضة الشعبية ليس على أساس النتائج المأساوية المتحققة حتى الآن ، لكن على أساس اشتراك أغلب طبقات الشعب فيها خاصة جماهير المدن ونسبيا الطبقة العاملة فى المدن الصناعية وإن كانت ولا تزال قيادتها للطبقة المتوسطة. أما رفضنا لوصفها بـ"أحداث 25 يناير" فهو رفض لإنكار اشتراك الشعب فيها فى موجات هائلة. وتعالياً على حركة الجماهير حتى فى سخطها المشروع والتصغير من مضمون وأهمية "السخط الجماهيرى" الإيجابى الفعَّال وليس الكامن فقط ، والذى انفجر من مخازنه المغلقة والمكبوتة طوال عقود طويلة ، ورغم عدم كفايته لتحقيق ثورة إلا أنه كسر حاجز الخوف لدى جميع المصريين رجالا ونساء وصولا لأطفالنا. وصار الناس يمارسون السياسة بالفعل وبالكلام فإن هذه الجماهير اكتشفت بخبرتها الذاتية عدوين مهمين ما كنا نأمل أن يصل وعيها إليهما إلا بعد عقود بعد الركود السياسى الطويل ، وهما ، عداء الأمريكان للوطن وللانتفاضة الشعبية ، وعداء الإخوان وجماعات الإسلام السياسى الأخرى لها ورفض الشعب لموجبات الدولة الدينية والتفسيرات الرجعية للشريعة الإسلامية مُبقية على فطرتها البسيطة فى التدين الشعبى ، بعد أن خبروا حكم الإخوان وتكرارهم للتوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لنظام مبارك واكتشاف خداعهم الدينى ، والانتفاضة لا تقاس بنتائجها ، فلم تكن ثورة 1919 ذات نتائج حاسمة ، وتلك التى حصدتها جاءت على مراحل ، تتصاعد بصعود الوعى الوطنى الشعبى وظهور جماعات يسارية وديمقراطية تقدمية كانت فاعلة فارتقى الوعى والعمل معها. وقيادة 1919 البرجوازية الوسطية الإصلاحية غير الحاسمة فى مواجهة الاحتلال البريطانى وتحقيق الاستقلال الوطنى والاقتصادى اعتمادا على المنابر الدولي والحجج الحقوقية نتيجة عدم اعتمادها الكفاح المسلح واستبعاد الطبقة العاملة وحلفاؤها وتنظيماتها السياسية والنقابية من الانتشار والنفوذ لطبع الثورة بطابعها الثورى رغم ما قدمه العمال والفلاحين والملاك الصغار والتجار والحرفيين والطلاب والمحامين ومهنيين آخرين من دور أساسى كان له الفضل فى الحفاظ على قدر من الثورية وتوسيع نطاقها أفقيا ورأسيا ، حيث قام الفلاحون بقطع خطوط السكة الحديد الناقلة لمؤن الاحتلال وجنوده ، وقامت هبَّات فلاحيه فى قرى عديدة ضد الإقطاعيين وكبار ملاك الأرض ، بل وشكلَّ بعض الثوريين الرومانسيين جمهوريات مستقلة (جمهورية زفتى وجمهورية المنيا)
إذن فالجماهير المصرية ترتقى سياسيا وهى تنتفض . . حتى تثور.
ويبقى سؤال يبحث عن أجابه ... هل دستور 2013 دستور ثورة حتى نرفضه أم دستور المرحلة حتى نقبله؟؟
7/12/2013
أشرف عزيز








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة- | #مراسلو_سكاي


.. استشهاد الصحفي بهاء عكاشة بقصف إسرائيلي استهدف منزله بمخيم ج




.. شهداء ومصابون جراء غارات إسرائيلية استهدفت مربعا سكنيا بمخيم


.. نشطاء يرفعون علم عملاق لفلسطين على أحد بنايات مدينة ليون الف




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تحقق مطالبها في أكثر من جامع