الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة من محاربة في خندق لا تعرفه

جوزفين كوركيس البوتاني

2013 / 12 / 8
الادب والفن


أكتب إليك هذه االكلمات الموجزة أو لنقل إنها رسالة قصيرة موجهة لك. أكتبها بتردد. أود ان أخبرك كم انا تعبة وينتابني إحساس غريب فأتخيل نفسي محاربة جاءت مرغمة لتحارب وهي حتى لا تعرف من هو عدوها! ومع ذلك، تراني أحارب بشجاعة ولا أخاف الهزيمة التي طالما خفت منها. أكتب وأصوات غريبة تثقل أذناي فأتخيل نفسي في خندق وبجانبي رجل جريح يستنجد بيّ، وأنا أرفض اجلاءه للخلف. تراني غير مبالية أدون مشاعري الملتهبة، والرجل الجريح ينظر إلي باستغراب وكأنه يتسأل عن سبب تجاهلي له، ولماذا أتهرب منه؟ لقد تجمدت مشاعري ولم أعد أبالي فيما لو كان سيعيش أم لا. كل ما أعرفه هو ان عليه ان يستشهد. صحيح هو لا يعرف أي الطرفين على صواب، وهل يكون أحد على صواب مطلق؟ ولكن وجود الرجل الجريح يعلن عن أن كلا الطرفين على صواب، وما يجري هو اختلاف في وجهات النظر لا أكثر. قد تعتقد بأنني بدأت أهلوس في كلماتي هنا، ولكن أطلب منك ان تقرأ جيدًا ما دونته هنا- أنا عشيقتك التي لا تملك شيئًا كما تعرف. ولكن تهميشك لي جعلني أتمرد.. آه يا وطني.. آه يا حبيبي.. قل لي لما مجرد الأختلاف في وجهات النظر أعماك عني بهذا الشكل فلم تعد تراني؟ هذه العبارة قد تجعلني أقهقه بصوتٍ عالٍ، وهو أمر لا يصح والرجل الجريح بجانبي ينزف باستمرار وقد يفارق الحياة بأية لحظة! هذا طبعًا إذا كان قد ذاق طعم "الحياة"..
على كل حال، لقد نسيت ان ابلغك بكلماتي الموجزة التي أود إيصالها لك، وهي سبب كتابتي لهذه الرسالة. أود ان اقول لك: الهزيمة خير من ألف نصر زائف. بالمناسبة، يبدو بأن الرجل الجريح بجاني قد فارق الحياة! هل تقرأ ما يصل إليك مني يا وطني؟ أم ان أمرنا لا يهمك البتة؟ هل كل ما يهمك هو التخلص منا بحجة المقاومة؟ ها قد شارفت على التخلص من جميع عشاقك وأنا بدوري أقول لك: لقد أصبحنا جميعنا مقاتلون ومقاومون في آن واحد! أسفًا يا أيها الملقب بالوطن لقد أصبت أنا ايضًا وها أنا انزف بشدة في الخندق هنا ويبدو بأنني سأواجه نفس مصير الرجل الذي فارق الحياة بجانبي قبل قليل. ترى ماذا سيكون مصيرك أنت يا وطني؟

*كتبت بتاريخ الثامن من آب من عام 2003








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال


.. عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ




.. إسرائـ.يل سجنتني سنتين??.. قصة صعبة للفنان الفلسطيني كامل ال


.. عمري ما هسيبها??.. تصريح جرئ من الفنان الفلسطيني كامل الباشا




.. مهرجان وهران للفيلم العربي يكرم المخرج الحاصل على الأوسكار ك