الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم يبقى سوى القول: نبارك لأهل المخطوف اختطافه

ربيع الحسن

2013 / 12 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


يمكن اختصار مايجري على الأرض السورية ومنذ أكثر من سنتين ونصف بعملية قتل الإنسان السوري، ولا نستطيع تحديد العنوان الذي من أجله يحدث كل هذا القتل فلايمكن تسمية مايحدث بحرب أهلية أو طائفية أو أثنية ولا ثورة بالطبع، فعدم القدرة على تسمية العنوان يزيد الحل صعوبة وتعقيدا.
فالأزمة السورية تصنف على أنها من أكثر الأزمات تعقيدا في العصر الحديث نتيجة لعوامل عديدة من أبرزها، تدخل معظم دول العالم ومنظماته ومجموعاته الرسمية وغير الرسمية فيها ربما باستثناء (الأسكيمو).هذه التدخلات جعلت من الحل أشبه بمستحيل لكونه يحتاج توافق هذه الدول كلّ حسب تدخله، وماعلى السلطة والمعارضات سوى التوقيع على ماسيتم الاتفاق عليه دوليا.
فالقاصي والداني يعلم أن الأزمة السورية هي أزمة التدخلات الدولية والإقليمية والعربية و"القطبية" ورغم كل هذه التدخلات تتحدث السلطة عن السيادة الوطنية والقرار المستقل والقدرة على تسيير الظروف والأحداث كما تريد. في حين أن المعارضة يكفي أنها تسمى بمعارضة الفنادق لنعرف مدى استقلالها وقدرتها على اتخاذ القرار.
وماتقوله الحكومة السورية عن السيادة ينطبق من حيث الغرابة على ما تقوله منذ أكثر من سنتين ونصف حول أن الجيش السوري يقاتل فلول الإرهابيين على الرغم من الخسائر الكبيرة التي يتعرض لها هذا الجيش من أفراده وعتاده، ويرافق هذا تكتم مقصود عن أرقام شهدائه بالإضافة لعدم وجود إعلام حربي يرافق عناصر الجيش أثناء خوضهم العمليات القتالية لعرضها على القنوات الفضائية. كما أن الحديث عن الانتصار الذي تتحدث عنه الحكومة السورية وكذلك المعارضة هو أيضا من غرائب هذه الأزمة وهو بيع للكلام وضحك على الناس، وإذا كان هناك من انتصار تحقق بالمعنى العسكري فهذا بفضل شرفاء الجيش السوري الذين كانوا قبل الأزمة منبوذين مغضوب عليهم لأنهم ضلوا عن طريق المافيات التي سرقت ودمرت البلد وتقوم باستغلال دماء هؤلاء الشرفاء واستثمارها لصالحها وتكافىء ذويهم بالعبارة التالية : يحق لكم أن تفتخروا بأبنائكم لأنهم قدموا دمائهم من أجل الدفاع عن الوطن". .
ومن أهم الجرائم التي حدثت منذ بداية الأزمة السورية وازدادت معدلاتها مع ازدياد الأزمة تعقيدا والتي تعتبر استكمالا لغرائب هذه الأزمة، جريمة الخطف التي تعتبر من أكثر القضايا حساسية وإيلاما على الصعيد الأنساني والوطني وخاصة أن الخطف في كثير من الحالات وبالتحديد في البدايات كان يتم على أسس طائفية ومذهبية، وكما هي العادة لم تقم الدولة بأي فعل يمكن أن يساعد أهالي المخطوفين ويخفف عنهم ويساعدهم على معرفة مصير أولادهم وخاصة عناصر الجيش مما ساهم بشكل أو بآخر بزيادة انتشار هذه الحالات، فأصبحت مهنة الخطف مهنة مربحة للبعض فيكفي أن يقوم عدد من الشبان بالتسلح بأسلحة حفيفة فردية ويقوموا بخطف عناصر مدنية أو من الجيش وبعدها تبدأ المفاوضات بين الأهالي وبين هذه العصابات.
ويمكن تعداد أهم "الانجازات- الغرائب" التي قامت بها الدولة في هذا الملف على النحو التالي:
1- تعيين وزير ولجنة متابعة للملف من باب رفع العتب وإيجاد كلام للحديث به في الإعلام .فتختصر محتويات جميع المقابلات التي يجريها الإعلام السوري مع المسؤولين عن هذا الملف للحديث عن ماحققوه من إنجازات، وكله كلام الهدف منه تخدير الناس ولو مؤقتا.
2- وضع الطلبات في أدراج المسؤولين ليكون مصيرها النسيان وإضاعة وقت وأموال ذوي المخطوفين، هذا إن تم الرد على اتصالاتهم.
3- إيقاف راتب المخطوف في الثانية التي تلي لحظة الخطف حتى لو كان المخطوف هو المعيل الوحيد لعائلة مكونة من عشرة أشخاص ذلك من باب المساواة بين المواطنين في السراء والضراء.
4- اعتبار العدد المتزايد من المخطوفين بمثابة مؤشر إضافي لقرب تحقيق الانتصار.
5- اعتبار المخطوف الذي يمضي على اختطافه سنة شهيدا دون القيام بأي محاولة للكشف عن مصيره طيلة هذا العام.
6- العمل الجاد للتعاون مع حكومات سيرلانكا وبوركينا فاسو وتشيلي في سبيل البحث عن مواطنيها إذا ماتم خطفهم على الأراضي السورية، وهذا مابينته التجارب فعندما يكون المخطوف من جنسية غير سورية تقوم الدولة بكل مايلزم في سبيل الإفراج عنه بينما جنود وضباط الجيش السوري المخطوفين لايجدوا أي اهتمام أو مساعدة من دولتهم التي "تتغنى" ببطولاتهم طوال اليوم عبر إعلامها.
7- شرح أهمية ملف المخطوفين للرأي العام في أنه يفيد في إثبات وجود المؤامرة التي تستهدف النسيج السوري الواحد، هذا هو الهدف من الحديث عن ملف المخطوفين في الإعلام ليتم في نهاية الحديث دائما التأكيد على وعي شعبنا بكشفه أهداف المخططات الصهيونية والوهابية.
8- انطلاقا من احترام سورية لسيادتها ، تعتبر خطف أكثر من مئة إمرأة وطفل من ريف اللاذقية قضية تركية -خليجية ذات طبيعة سيادية لاشأن لسورية فيها مطلقا. فسورية اتخذت هذا الموقف لكون هذه العملية تمت بمباركة وبتمويل تركي – خليجي بالدرجة الأولى، وهي لم تعترف بمجازر ريف اللاذقية ربما لعدم اعتبارها مواطني هذه القرى المنكوبة سوريين.
9- الطلب من رجال الدين تذكير الأهالي دائما بأن الله أكبر وأقدر من الدولة وأن الأعمار والأقدار بيده فقط.
سلوك الحكومة هذا يستنتج منه أنها تسعى للترويج لمبدأ الخطف على أنه مبارك مثله مثل الشهادة، لذا ليس مستغربا أن نسمع عبارة"مبروك الخطف" على غرار "مبروك الشهادة" فالعملية لاتحتاج سوى بعض الحلقات التليفزيونية المتكررة التي يكون موضوعها هذه الفكرة مترافقة مع حملة فيسبوكية داعمة للفكرة نفسها بل للعبارة ذاتها وسنجد الكثير يجادلوننا في صحة هذه العبارة على أن الخطف حدث بطولي ويستحق التبريكات، لحرف الانتباه عن التقصير والإهمال في هذا الملف.
لماذا لاتقتدي الدولة بحزب الله المؤيد لها وللجيش السوري وبسيد المقاومة الذي تحدى العالم وحاربه من أجل فك أسر أسير لبناني من سجون الاحتلال بدلا من أن تدعو آلاف الأسر من الشعب السوري لاعتبار أولادهم المخطوفين شهداء قضوا في سبيل الدفاع عن وطن لم يقدم لهم سوى الموت خلال الأزمة والغربة قبلها!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موسكو تنفي اتهامات واشنطن باستخدام الجيش الروسي للكيماوي في 


.. واشنطن تقول إن إسرائيل قدمت تنازلات بشأن صفقة التبادل ونتنيا




.. مطالبات بسحب الثقة من رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية نعمت شف


.. فيضانات عارمة اجتاحت جنوب البرازيل تسببت بمقتل 30 شخصاً وفقد




.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات