الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار الحلفاء

جورج حزبون

2013 / 12 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


اطال كيري في كلمته امام معهد ( سابان ) وهو يستعرض تاريخ اميركا في ضمان امن اسرائيل ، وبدا وكانه يرد على رئيس وزراء اسرائيل الذي فهم عملية السلام و التفاوض الجارية ( بحياء ) مع الفلسطينين على انها مرتبطة بالامن ، و كان من ابرز تلك الردود ، قوله ان اميركا هي التي مكنت اسرائيل عام 1973 من رد الجيوش العربية و اعطائها المبادراة بفعل الدعم العسكري و اللوجستي، ثم عرض بدعم عسكري و استخباري و تقني غير مسبوق ، و خطة وضعها الجنرال الاميركي ( الن ) مع نخبة من 160 ضابط اميركي تضمن تفوق و امن اسرائيل ، ثم استند في فلسفته الى ان الدبلوماسية هي القاعدة الذهبية للامن ، مقدماً امثلة من مختلف التجارب العالمية .
واضح ان اميركا حفاظاً على هيبتها تحاول استرضاء اسرائيل لتقبل ( باوسلو ) جديدة ، لتتمكن اميركا من المحافظة على حضورها ولو المعنوي في المنطقة ، حيث اشار كيري الى التجربة السورية ، و اكد ان الدبلوماسية ساعدت على منع الحروب و تورط اميركا في حرب تكرر التجربة العراقية و ترهقها اقتصادياً ، و قد اشار الى ان هناك من يعتقد اننا قد نغادر المنطقة او ان تفوذنا فيها و اهتمامنا اضعف من ذي قبل ، فهو مخطئ ، سنحافظ على حضورنا رغم الصعوبات ، و هنا فان كيري يوضح اهمية انهاء الملف الفلسطيني المعتمد على موافقة اسرائيل ، لتعيد اميركا هيبتها امام حلفائها بالمنطقة ، خاصة بعد بدء الحوار مع ايران و ربما الاتفاق معها ، و بعد ان توافقت مع روسيا في الموضوع السوري ، مما ازعج السعودية ، و اقلق بلدان الخليج ، و هو وضع قد يؤدي بهذه البلدان الى تحالفات اقليمية و دولية خارج النفوذ الاميركي .
تدرك اسرائيل انها تعيش لحظة متغيرات عالمية و اقليمية عميقة ، و هي تشعر بذلك منذ فترة طويلة مما انعش اليمين بمختلف مشاربه العقائدية و الدينية، و هو الذي يملك قدرة التحدي لاميركا من حيث هو جزء من اليمين الاميركي و المحافظين الجدد فيها ، و ليس فقط مواقع الضغط الصهيوني ، و تدرك ايضاً انها تحتاج من القادم في الزمن لانهاء المسألة الفلسطينية ، لتتجه نحو عالم عربي اخر يتبلور ، يمتلك سوق استهلاكي واسع و قريب ، لكن ليس باي ثمن خاصة و هي تعيش افضل مراحل وجودها امنياً ، فلا تهديد عربي يذكر و لا جيوش تحيط بها خاصة بالخاصرة اللينة، فيما عرف الجبهة الشرقية ، وهذا الوضع يحسن قدراتها التفاوضية مع الفلسطينين و الامريكيين ، و ايضاً يدرك كيري ذلك الامر ، و يذكر لاسرائيل بان امنها تاريخياً كان اميركياً ،و لاحقاً في الافق الغير مضمون ، لا يمكن الا ان يكون امريكياً ، حتى في الدبلوماسية التي اصبحت سمة المرحلة ، فان اسرائيل تتعرض الى انتقادات اوروبية و دولية و قد تصل بالامور الى حد المقاطعة ،كما جرى مع جنوب افريقيا في ثمانينات القرن الماضي ، و لن تستطيع الصمود دون اميركا ، و لذلك عليها القبول بالدور الاميركي الذي يتحرك ضمن المصالح الامريكية و الاسرائيلية .
لكل ما ذكر فان اميركا و اسرائيل تدخلان مرحلة الشد و الجذب ، لتتمكن كل منهما تحقيق ما تستطيع ضمن تحالفهما الاستراتيجي ، و في هذا السياق فان كيري لا يملك الا ان يطمئن الفلسطيني بان شيئاً يتحرك و عليهم مواصلة التفاوض ليأخذ وقته في التعامل مع اسرائيل ليحقق اتفاقاً امريكياً اسرائيلياً،يكون قاعدة التحرك نحو الفلسطينين و العالم العربي الذي تطمح اسرائيل منذ بن غوريون للهيمنة على هذا السوق الاستهلاكي الكبير .
و يقف العالم العربي مشتتاً امام ما يجري ، مما يعيد الى الذاكرة حال هذا العالم عند بدء الحرب العالمية الاولى قبل ما يقرب المائة عام ، فالاحتراب الداخلي يمزق مختلف البلدان الرئيسية ، وبلدان الخليج تبحث لذاتها عن مكانة و دور ، بعد ان لم تنجح في الهيمنة على المقدرات العربية ،و بعد ان هدمت باموالها الامن القومي العربي ، تحت ذرائع واهية بدعمها الاسلام السياسي ، ذلك القرد الذي تمرد على سيده ، فاضاعوا اوطان و حقوق و مستقبل ، و يقفون اليوم حائرين امام التقارب الاميركي الايراني ، متوجسين امام الطموح الاردوغاني العثماني ، لتقف فلسطين في خندق الصمود و البسالة وحيدة بشعب ظل طيلة مائة عام يواجه مصيرة بملاين اللاجئين مع وطن يقضم تحت شعارات عربية استخدمته في صراعتها الذاتية و الداخلية .
لا يمكن ان يكون الموقف الاسرائيلي في ظل هذه المعطيات ليناً ، و الامر ليس بمسميات قياداته ، فمثلاً بيرس ذاته منذ البداية و عبر حرب السويس وصناعة القنبلة الذرية و حرب حزيران و لبنان و سواها ، لكن ادراك اسرائيل طبيعة المتغيرات يجعلها تتعامل ما تقتضيه الحال ، و حيث هنا وقع اجتهاد مختلف مع حليفتها اميركا ، فهم يدخلون حاله تفاوض وصولاً الى قناعة مشتركة على اساس منها يتم التعاطي مع المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلة.وشمن الاتفاق الاستراتيجي الموقع بين الطرفين والملزم بالتشاور عند اية منعطفات سياسية ،
فالمفاوضات ليست حالة عبقرية ترتبط بقدرات ذاتية ، والاستقالات ليست ذا شان في هذا السياق طالما ان مبدا التفاوض قائم !، بل هي تعبير عن حالة توازن القوى على الارض ، و توافق المصالح ، يتم ترجمتها الى وثائق على طاولات دعيت بالمفاوضات بدل التوافقات ، و لعلها احياناً بدل الاملاءات ، فحين اردات فرنسا مغدرة الجزائر دعت الى الحوار في ( ايفيان) وحين اكرهت اميركا على الخروج من فيتنام دعت الى مفاوضات ( باريس ) ، و ليس في الامر غرابة ، انما الغرابة لدينا هي في التفاوض دون توازن، و من غير قدرات بل اعتماداً على الواسطه و قدراتها في التاثير ، و تتجمد نتائج تلك المفاوضات لحين انتهاء حوار الحلفاء على صيغة التعاطي مع المتغيرات في منطقة الشرق الاوسط و ليس فقط الحال الفلسطيني الذي هو جسر عبور للبدء في تنفيذ خطة تم اعتمادها تماماً كما تم اعتماد خطة سان ريمو التي اعادت صياغة المنطقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من المفاوض المصري المتهم بتخريب المفاوضات بين حماس وإسرائيل؟


.. غزة: ما الجديد في خطاب بايدن؟ وكيف رد نتنياهو؟




.. روسيا تستهدف مواقع لتخزين الذخيرة والسلاح منشآت الطاقة بأوكر


.. وليام بيرنز يواجه أصعب مهمة دبلوماسية في تاريخه على خلفية ال




.. ردود الفعل على المستويات الإسرائيلية المختلفة عقب خطاب بايدن