الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعوة لتأسيس فضائية مصرية بعيدا عن فضائيات البترول

هويدا طه

2005 / 6 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


منذ بدأت ظاهرة الفضائيات العربية.. قبل أكثر من عقدين.. وأثارت ما أثارت من فتح ملفات.. تتفاوت في درجة حظرها.. وما تحتاجه من جرعات الجرأة اللازمة لمناقشتها.. سياسيا واجتماعيا وثقافيا ودينيا، كان الملمح الأهم فيها أنها قنوات.. خليجية التمويل والمشروع والهوى، ورغم أن الفضائية المصرية كانت الأسبق زمنيا.. لكنها كانت مولودا حكوميا شائها.. لا تختلف عن القنوات المحلية المصرية.. لا استقلال لها ولا حياد ولا لون إعلامي مغاير.. تأتمر بأمر نفس الآمر الناهي في النظام المصري الفاسد.. سياسيا وإعلاميا، لهذا رسبت بجدارة في امتحان (الشعبية الفضائية) مع أول قناة.. منافسة فضائيا، إذ جاءت الفضائيات العربية الأخرى.. خليجية التمويل.. مغايرة في الشكل والمضمون.. يقترب الشكل فيها من المعايير العالمية حرفيا وتقنيا.. حيث أنفق ممولو تلك الفضائيات بلا حساب.. للحصول على هذا الشكل.. أما من حيث المضمون.. فقد هرب أصحاب تلك الفضائيات من القبضة الحديدية المخيفة لسلطات بلدانهم.. بالابتعاد عن ملفات مجتمعاتهم الأم.. والاندفاع بالكامل في فتح ملفات البلدان العربية الأخرى.. وقد يكون هذا هو السبب الحقيقي.. الذي جعل الشعوب العربية تتابعها.. ومنح تلك الظاهرة الفضائية ما تتمتع به اليوم من أهمية.. فالمصريون والليبيون والسودانيون والعراقيون والفلسطينيون.. مثلا.. رأوا (بعض) قضاياهم تناقش في قنوات مثل إيه آر تي وأوربت والجزيرة والعربية وأبوظبي وغيرهم.. دون أن يكون الصوت الحكومي لبلدانهم له الكلمة العليا فيها، كان هذا شيئا جديدا عليهم حينها.. وهو ما كان له بالطبع إيجابياته الكبيرة بالنسبة إلى تلك الشعوب.. فقد بدأ (المحظور) يفقد هيبته شيئا فشيئا، سواء على المستوى السياسي أو الديني أو الاجتماعي، وهو شيء نحتاجه عربيا.. في مرحلة إرهاصات ما قبل بدء التغيير الفعلي.. لكل البنى الثقافية والسياسية المتخلفة القائمة حاليا، رغم أن كل تلك القنوات.. هي قنوات ممولة خليجيا.. ولا يؤثر في تلك الهوية كون معظم الممولين.. (أفرادا) من أثرياء الخليج..
لكن.. ورغم مناقشة قضايا متنوعة في تلك الفضائيات.. إلا أن الصفة الغالبة هي (تنوع) القضايا، أو قل.. (عروبة) القضايا، بحيث أن كل شعب.. الشعب المصري على سبيل المثال لا الحصر، ظل يشعر بأنه (يلهث) وراء خبر هنا أو هناك على تلك الفضائيات يخصه هو دون غيره.. مساحة أكبر له تهتم بمصيبته السياسية والاجتماعية الخاصة.. لكن تلك (المشاعية العربية) أشعرت الشعب المصري.. مثالنا هنا.. بأن قضيته تائهة.. وأن دمه موزع بين القبائل.. فعلاوة على تحفظ تلك الفضائيات تجاه الملف المصري.. بسبب ضغط الحكومة المصرية، ووصول الرأي الآخر المصري إلى الفضائيات بالقطارة.. فإنه أيضا يجد نفسه مطالبا بزيادة همومه.. بالاستماع إلى قضايا الموالاة والمعارضة في لبنان، شقاق الفصائل الفلسطينية، ضبابية الحالة العراقية بين المقاومة والإرهاب، مأساة دارفور.. إلى آخره من قضايا.. قد يكون له بينها مساحة.. مثله مثل غيره.. لا خصوصية له ولا تميز.
بالطبع من المهم جدا ألا يغرق شعب من الشعوب العربية في مشاكله.. ويحبس نفسه في ذاته.. ففي نهاية المطاف.. القضية في شكلها النهائي هي عربية.. لكن اللحظات الفارقة في حياة شعب ما.. لابد لها من خصوصية ما.. شكل ما من أشكال الذاتية.. شكل ما من أشكال التواصل والتلقي والأخذ والرد بين أقطاب نفس الشعب.. لابد من شيء ما من (محورية) قضيته.. وهذا شيء لا تقدمه- إعلاميا- بالطبع، إلا قناة فضائية مستقلة بحق عن النظام الحاكم، مستقلة تماما، لا تخضع لتهديده أو ابتزازه أو توجيهه.
وبالنسبة لمثالنا هنا.. الشعب المصري.. فقد حانت اللحظة، ببشائر التغيير التي يعيشها الآن.. والتي لم يعد بعدها كما كان.. ساكنا مستسلما يائسا خاضعا.. لقمع نظامه الفاسد وجبروته وابتزازه واحتقاره للمواطنين.. ذلك (الفوران) الذي يحدث الآن في مصر.. والذي كشف هشاشة (جرأة) الفضائيات.. وفضح حساباتها الخاصة مع النظم الديكتاتورية، يثير من جديد.. الحلم.. بقناة فضائية مصرية الهوى والتمويل.. غير حكومية وغير خاضعة لابتزاز النظام الحاكم.. ينشئها ويمولها ويشغلها مصريون.. طامحون لتحويل مصر إلى بلد ديمقراطي حقيقة.. ومنفتح حقيقة.. ومتطور حقيقة.. منبر للمصريين يحقق لهم (محورية) قضيتهم.. دون أن يهمل بالطبع.. ونؤكد على هذا.. الانفتاح- ليس فقط على القضايا العربية الأخرى- وإنما حتى الانفتاح على العالم بأسره، لكن بالطبع العائق الأكبر هنا هو.. التمويل، كيف يمكن في هذه اللحظة المهمة في حياة المصريين.. تجميع الأموال.. المصرية.. لإنشاء مثل هذه الفضائية.. دون أن يكون للممول دور في توجيهها لمصالح ضيقة.. قد لا تتناسب وحجم حلمنا.. بوسيلة إعلامية (مصرية).. التغيير في مصر هو قضيتها (المحورية)؟.. تساؤل صعب حقا، لا يمكنه تحديد التفاصيل الممكنة لعملية (اكتتاب) شعبي أو ما شابه، أو عملية جمع تبرعات أو شيء من هذا القبيل.. ربما علينا الآن أن ننشر أجنحة الحلم.. ليجد صدى عند من يقدرون، ويبقى السؤال.. كيف يتحقق الحلم.. دون أن يقول أحدهم في لحظة ما... مالي وأنا حر فيه؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في الضفة الغربية المحتلة: سياسة إسرائيلية ممنهجة لجعل حياة ا


.. إسرائيل تصادر أكبر مساحة من الأراضي الفلسطينية منذ اتفاقيات




.. مشاركة كبيرة متوقعة في الانتخابات التشريعية البريطانية


.. غزة.. أطفال شردهم القصف الإسرائيلي ونازحون ينزحون من جديد




.. ماذا قدم حزب المحافظين للبريطانيين وما مصيره؟