الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلاد منزوعة الكرامة

علي بداي

2013 / 12 / 9
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


تعجب الياباني "نوبواكي نوتوهارا" من أن الناس في بلداننا لا يشعرون بأي مسؤولية تجاه السجناء السياسيين، الافراد الشجعان الذين ضحوا من اجل الشعب، ويتصرفون مع قضية السجين السياسي على انها قضية فردية. فأسرة السجين والمقربون منه ، يتوجب عليهم وحدهم مواجهة تبعات مواقفه السياسية (وهي عملياً تبعات مقارعة دولة بكاملها) رغم كون هذه المواقف، والسجن، وربما فقدان الحياة كلها نتائج لدفاع السجين عن غيره لا عن نفسه. ويستغرب "نوتوهارا" هذا التصرف ويرى في هذه السلبية الاجتماعية أخطر مظاهر عدم الشعور بالمسؤولية.
لا أعرف كم منا قرأ كتاب " نوتوهارا" هذا ، ولاأدري وقع هذا الكتاب، المليئ بالإدانة المؤدبة لمخازي حياتنا الاجتماعية ، على مؤسسات التعليم والتربية والمجتمع ..لكن الإستقبال الباهت الذي إستقبل به الكتاب، يشير كما هي العادة الى إحساس مؤسساتنا بالخجل من الوقوف عارية أمام المرآة فتوارت مرتكنة لحقيقة تراجع عدد القراء الى حد لايشكل فيه أي كتاب أي خطر مهما كانت خطورته. ورغم أن " نوتوهارا" يتحدث عن العرب الا أن كتابه يتحدث عنا كلنا نحن الشاربين من نبع التخلف والقيم العشائرية والإستبدادية بلا إستثناء ، بل أن ماكتبه يصح علينا نحن أهل العراق قبل غيرنا . نحن الذين فصلونا "هم" عن بعضنا قومياً، ثم طائفياً فأضحى العربي لاعلاقة له بتضحيات الكردي ، والسني لا يكترث بنضال الشيعي، وبعد ذاك بدأوا بنا تقتيلا...كلٌ بمكانه.
وماجرى قبل أيام، من إستفراد مجموعة أنذال من العصابات الحاكمة في بلادنا بشاب متحد، فقير لكنه أبي النفس هو "كاوه كرمياني" ، لهو دليل على أننا نعيش في غابة لا قانون يضبط الحياة فيها غير أن يكون كل من ساكنيها متأهباً للقتال في كل لحظة . أما ماتبع الإغتيال من ردود فعل باهتة، وتنصل مخجل من عائدية الشاب الشهيد لجهات سياسية كان يعمل في صحافتها فيدل على أزمة أخلاقية عميقة يعيشها المجتمع برمته ومؤسساته السياسية خاصة..أن مجتمعاً حياً كان سيخُرج ملايين المتظاهرين الشاكين يومياً من الفساد والفاسدين إحتجاجاً على إغتيال من دافع عنه فأين هم هؤلاء ؟ وأين هي الأحزاب المدعية تصديها للفساد ولإستهتار أحزاب العشائر؟ أين هي منظمات المجتمع المدني ؟ أين هي الفضائيات الباحثة عن " الحقيقة" والمتمترسة خلف شعارات " الأغلبية الصامتة" و" صوت من لاصوت له" " وحين يمنعك الآخرون من الكلام" و " الحقيقة بلا رتوش" ؟
اما سياسياً أو الأحرى بأخلاقياً ، حتى لو لم يكن "كاوه كرمياني" يسارياً منظماً كان ينبغي تبني شهادته كشهادة عضو في الحزب الشيوعي وهو الصحفي الذي فضح عصابات النهب ، فكيف سيحترم المجتمع حزباً يتخلى عن مناضليه ؟ هل تخلى الحزب الشيوعي الأسباني عن لوركا وهو الشاعر الشعبي غير السياسي؟
بعد أسبوعين سيولد طفل يتيم لأب يتيم ولأم يتيمة. أبو اليتيم شهيد ، أبو الأب الشهيد.. شهيد..أهل الأم شهداء قضوا في الأنفال فربتها عمتها، فهل يحق لنا بعد الآن الحديث عن قيم دين، وقيم قومية، وقيم إنسانية ننتمي اليها؟ وهل هناك مجتمع منزوع الحياء والكرامة والشجاعة كمجتمعنا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاتوصيف الجيد
رائد الحواري ( 2013 / 12 / 10 - 17:34 )
شكرا على هذا الإيضاح حول ما يجري من تخريب للوطن وقتل للمواطن، انت تضع تشخص حالة المرض بطريقة سليمة، نتمنى ان يسمع صوتك الى الذين لا يسمعون


2 - الحقيقة الخرساء
لطيف الحبيب ( 2013 / 12 / 10 - 20:28 )
عزيزي علي
انها صرخة صمت مدويه , انها قولة الحقيقة الخرساء , في مجتمع تحكمه العمائم والرذائل , فالدم العراقي المهدور في الشرفات والشوارع والدرابين دم صاخب سيضج صراخا , ويعلمنا ان - رؤوس رفقانا الجملين تدلى فوق كل الرؤوس-لك مودتي

اخر الافلام

.. Mohammed Benmoussa : Les pistes de Benmoussa pour sortir du


.. الصحراء الغربية: زعيم البوليساريو.. -محكمة العدل الأوروبية ت




.. الشرطة الإيطالية تعتدي على متظاهرين مؤيدين لفلسطين في ميلانو


.. الحكومة تعالج الاختلالات المالية من جيوب المغاربة #المغرب




.. تغطية القناة الأولى للجلسة الافتتاحية للمؤتمر الإقليمي لحزب