الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إحباطات المواطن السوري، ارفعوا القبعات عن أعينكم وانظروا

جواد طالب

2005 / 6 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تسير المعاملات في الدوائر الرسمية بين الدول بطريقة متباينة جداً، وهاك مثالاً :
الموظف في بلد كبير أميريكا مثلاً، يستقطب من الزوار ما يقارب المئة ألف خلال السنة. ويقوم بالتوقيع على نصف المعاملات التي يأتي بها أصحابها أي خمس مئة ألف والنصف الآخر لا يتم توقيعه، ويوضع جانباً للبت فيه لاحقاً.

في بلد صغير سورية مثلاً، يستقطب موظف معدوم من الزوار أيضاً ما يقارب المئة ألف خلال السنة. ويقوم بالتوقيع على النصف من هذه المعاملات ويترك النصف الآخر. أما الفرق الوحيد الذي يشكل ثغرة واسعة بين البلدين هو ماهية الموظف وماهية المعاملة.

فالموظف الأميريكي مرتاح البال، هادئ النفس، تدور في ذهنه، مشاعر سعيدة نسبياً. مطمئن إلى حياة هانئة حاصل على رغباته وهو في وضع مناسب. هذه الأمور تخوله بإعطاء حكم يقارب الثمانين بالمئة من الصحة على المعاملات، وأيضاً تمكنه من البت لاحقاً في المعاملات المتروكة.

أما الموظف السوري غير مرتاح البال، غير هانئ النفس، تدور في ذهنه أفكار سيئة، يشعر بدونية كبيرة، غير حاصل على رغباته، لا يجد الاحترام، يشعر أن كل ما يقوم به لا فائدة منه، لذلك تراه يقوم باتخاذ قرارات تقارب الثمانين بالمئة من الخطأ في المعاملات، ويترك المعاملات التي تنتهي إلى أشخاص بسيطين، أصحاب معاناة، عملهم كله وربما حياتهم كلها تتوقف على توقيع صغير، يترك هذه المعاملات للبت بها لاحقاً. ربما تبقى عنده عدداً كبيراً من السنين، في الواقع عمليات حصر الإرث قد تبقى أربعين سنة كاملة بدون تسيير!

كثرة الهموم والقضايا، الصراع الطبقي، الظلم، تجعل الإنسان ينكب على غيره، (إن لم يكن باستطاعتي أن أضربك فسأضرب هذا الزبون)، وهذه ضربة من نوع آخر، ليست ضربة جسدية تسبب آلام تذبل مع الزمن، إنما هي آلام نفسية تبقى في الذاكرة وتستهدف الروح الإنسانية وتعييها. لا يعني ذلك أن الزبائن (أو الشعب السوري) هم أصحاب أرواح نقية وطاهرة بل قد اهترأ كثير من هذه الأرواح حتى ليبقى منها ما يشابه ذيلاً أشعث الخيوط لرداء قديم مهترئ.

في الجانب المقابل وكرد فعل على هذا الواقع يحاول الشعب السوري ونحن نتكلم بالطبع عن الفئة البسيطة العاملة، يحاول تخفيف هذه الآلام، أو بالأحرى التصرف كرد فعل على الوضع الذي يعيشه... فيبحث عن اللذة، ينظر إلى النساء، يشاهد البرامج، يستمتع بالطعام، يضايق غيره، وغيرها من الأمور التي ليست سوى وسيلة لتكملة الحياة على الوضع الذي يعيشه.

إحباط، مع إحباط مع إحباط. لم يبق للأمل شيء يحييه. إلا للبعيد عن دائرة الضوء. المتروك وراء الستار، يراقب ما يحدث بصمت. ويعلم ماهية الأمور، وربما لا يعلم، إنما يعلم أمراً وحيداً: من الآمن والأنسب سلط طريق اللامبالاة. عدم الارتباط بالتطورات التي تحصل وعدم لفت البال أو النظر إلى الأحداث العظيمة التي وقعت في العالم ولا تزال تقع. فقط يهتم بمعرفة ما يريده الآخرون ويقوله. بهذه البساطة!

الإصلاح في سورية يجب أن يبدأ من الناس هذه العينة من البشر التي عزلت عن كل الأطراف تاريخياً وثقافياً وعلمياً و..و..و .. تحتاج إلى رفع للمعنويات، وإحياء للأمل. بحاجة إلى إرشاد هذه الطاقة القليلة المتبقية لدى كل إنسان. بكلمات أخرى، إذا لم تملك شيئاً فاجعل شيئاً لدى ولدك، حفيدك أو قريبك. ادفعهم للعمل، للجهد، للإنجاز. للسمو بالوطن. ادفعهم ليفتحوا آفاق جديدة. يوسعوا مجالات متنوعة، يوزعوا الجهد بشكل متساوٍ، يهتموا بالشؤون الثقافية والعلمية، يساعدوا المجتمع بأكمله على التطور، هذا الشعب يملك إمكانيات قوية جداً. ربما هو لا يعلم أنها عنده، لكنه إحياناً يفاجئ نفسه بما تفعل يداه. نرجو من كل من يطلقون على أنفسهم دعاة إصلاح أن يقتربوا من الشعب، ألا يعزلوا أنفسهم عنه أكثر. فهو بحاجة إلى إصلاح، وإنقاذ من أية أحزان جديدة. يريد السلام ويريد الحياة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغدة تقلد المشاهير ?? وتكشف عن أجمل صفة بالشب الأردني ????


.. نجمات هوليوود يتألقن في كان • فرانس 24 / FRANCE 24




.. القوات الروسية تسيطر على بلدات في خاركيف وزابوريجيا وتصد هجو


.. صدمة في الجزائر.. العثور على شخص اختفى قبل 30 عاما | #منصات




.. على مدار 78 عاما.. تواريخ القمم العربية وأبرز القرارت الناتج