الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نطالبكم بالنظر لما يجري في العراق والعالم العربي دمٌ ينزف، وصراعٌ يصرخ بلا صمت

سجاد الوزان

2013 / 12 / 11
العولمة وتطورات العالم المعاصر


إن أهمية هذا الموضوع ترتكز على عدة أمور :

1) كون العرب أمة تريد العيش بسلام وهدوء .
2) كون العراق بلدٌ يريد أن يرى السلام والأستقرار والراحة .
3) كون إن الأستعمار سلب منا كل ما هو جميل، وكل ما هو هادئ، وكل ما هو صالح لأن يحقق سعادة مجتمع مسالم .
4) كون الأستعمار جعل العنف هويتنا، والجهل شعارنا، حتى أصبحنا عند الجميع أمة ميتة تعتاش على أفكار الآخرين، بعد ما كنا أمة تتوفر فيها كل معاني الحياة والثقافة .
5) فكون الاستعمار أخذ منا مأخذ، وأتعبتنا حروبه، وهذا أخذ يولد عند أفراد مجتمعاتنا حالة من النقص والانحراف النفسي، وأخذ يعالج الفرد المنحرف برمي بلواه على أعتقاده، فيتركه ليحاربه، عسى أن يعالج نفسه، فكلنا أصبحنا صنيعة الأزمة، وكلنا صنيعة الاستعمار، ولكن لحد الآن لم يقدم لنا أحد عوناً لصناعة أنفسنا ومجتمعاتنا من جديد، بعد أن هدمتها دول العولمة .

لذا فعلى جميع الشعوب ومن ضمنها شعوبنا، أن تضع مشاكلها قيد البحث والتدقيق، وعلى طاولة يطول مدادها، من باحثين وممنهجين ومختصين، فتحديد الأزمة وإشكالياتها جزء من الحل، وبعد ذلك نضع الحلول، ومهما تطلبت الحلول لا بد من إقامتها، وذلك لظمآن السلام في مجتمعاتنا، ولمنع العنف من أن يكون مرحلة بشرية جديدة تمارس أقوام بشرية أخرى في سبيل أخذ حقها .

فأخذ الحق ليس مبرراً لقتل الإنسانية، وإبراز معتقدك، ليس مبرراً آخر لفرضه بالقوة على الآخر، فاليوم لا نريد من كل الأشخاص والمعنيين، أن ينتقدونا، بل نريدهم أن يساعدونا في تقنين الأزمة وإنهائها، لا نريد مبررات للاستعمار، بل نريد علاجاً لما خلفه الاستعمار من مخلفات ( صحية، وثقافية، ونفسية، ومجتمعية ) وغير ذلك، مما أنعكس على مجتمعاتنا العربية والإنسانية، حتى نسى الإنسان العربي أن يبحث عن إنسانيته، نتيجة انشغاله بأمور جزئية أرغمته عليها أفكار وانحرافات معينة فرضت عليه قهراً وجبراً، وهو لا يستطيع الخروج منها، فأصبح يمارسها بكل نشاط وحيوية .

فانعدام البديل لصناعة مرحلة جديدة وكون البديل صالح ونافع يفرض تكرر الأزمة التي نحن فيها، ونعيش في دوامتها، فحتى الإنسانية اليوم تخلت عن مجتمعاتنا، والكل تركنا والكل ينتقدنا ليس لجرمٍ أجرمناه، ولا لذنبٍ أذنبناه، بل لفرضٍ عشناه، ورضينا به كبديل قهري وجبري، ونحن جزء من صانعي الأزمة، فنحن أيضاً ننتقد واقعنا المرير، ولكن لا نملك وسيلة واحدة لتغييره، فاليوم نحن نفتقد لعلماء إجتماع أكفاء، يشخصون المشكلة، ويجدون علاجها .
الجميع يشخص مشاكلنا، ولكن ما هو السبيل إلى حلها، الجميع يشخص أمراضنا النفسية والصراعات السيكولوجية، ولكن من ردعها وحلها، أنبقى أمتاً منقدة، وتعتاش على الانتقاد، وتصلح الفاسد بالمفسد، هل الفكر يولده الأنتقاد، هل صلاح المجتمع يصنعه الأنتقاد، الأنتقاد المفرط اليوم للواقع ولد صراعاً جديداً لم يكن بحسبان الباحثين والمشتغلين، فمن أين يبدأ، وماذا يعالج، وكم من الوقت يحتاج، وما هي الوسائل التي يحتاجها .
نحن نعقد أزمتنا وبصراحة، نحن من يمرض واقعه وبكل صراحة، لأننا نحن المرضى، فأصبح الواقع مريض، وأصبحت العقيدة مريضة، وأصبح الدين مريض، وأصبح كل شيء مريض، فنحن نعيش وباء الفراغ المعرفي والفكري والثقافي، ونحن من قيدنا أنفسنا بالأنتماء، فاليوم لا يستطيع أن يعيش أيٌ منا بلا إنتماء وبلا هوية أنتمائية، أتعلمون لماذا، لأننا نستشعر خذلان الواجب المنوط بنا، فنعالجه بالأنتماء، وكما قال الفلاسفة ( قوموا بواجباتكم أولاً وسيتم الاعتراف لكم بحقوقكم بعد ذلك )
Baden – Powell
لذا فلو قمنا بواجبنا حقيقتاً لكانت جميع أمورنا واضحة وجلية، ولفككنا أزمتنا وحللنا عناصر قضيتنا المتشعبة، فهيهات وأنا بكم وكيف لكم أن تعيش وأنتم تتصارعون عن قضية أنسلخ جلدها وبان عدم رفاتها ورفع قابض روحها لعنان سمائه، كيف بكم وأنتم ما زلتم تناقشون بول بعيرٍ، وإرضاع كبيرٍ، وتحريم فنٍ، وإلحادٍ ملحدٍ، وتدين متدينٍ، وعلمنة متعلمنن .
اتقوا أنفسكم فينا فنحن ضحية جهلكم، وتعاسة رأيكم، وبلاهة فكركم، وقباحة أخلاقكم، دعُ الناس لما تدعي، وأهتمُ بما لأجله وجدتم، أصنع السلام لنا، ولا تصنع الأنتقام فينا، أصنع الحب بيننا ولا تصنع التفرقة ضدنا، ـصنع جيلاً يعف عمن يشتمه ويصفعه، ولا تصنع جيلاً يقاتل من يرمقه ولو بنظرة، فيقتله على الظن .

هذا هو أستعمارنا لأنفسنا، وهذه هي حربنا على أنفسنا، أصرخ أصرخ، حتى تسمع أنفسكم، عسى أن تتوب من جهلها، وترقد من نومها وسباتها، تتغنون بالغنى وأنتم أفقر بلدان الأرض، تتغنون بالعلم وأنتم تعتاشون على علوم الآخرين، تتغنون بالحضارة، وأنتم والحضارة كمن بلع مخدراً يريح عقدته في مقابل تقدم الآخرين، فما لنا والحضارة، ونحن مازلنا نعيش على التراب وبيوت الطين ومملكة القصب ومشاحيف الأهوار، هل أنت قومٌ عمون .

فأقول وبصراحة :
"" لم يفكر العرب في يومٍ ما ليشكُ في عبقريتهم المزعومة
ولكن لم يترددُ يوماً في الشك في "" إرادتهم ""
فدائماً ما تنفصل عبقريتهم المزعومة عن إرادتهم التي تحركهم للعمل والتغيير حتى أصبحت إرادتهم وعبقريتهم عوالم مجردة من معيارية الحقيقة الواقعية التي تفرض التغيير في واقعهم إن صدقت .
لذا فأقول لا بد من أن يصنع العرب مؤسسات تخصصية، على جميع الأصعدة، تستقطب باحثيها، وتمارس دور النخبة لبناء نخبة، حتى تكون عملية الوعي غير منقطعة .اليوم معارفنا منقطعة، وبالتالي عملية الوعي العربي منقطعة ومرحلية .
فأنا لا يمكنني أن أعتاش على الفكر الغربي لحل الواقع العربي، فقط أستغلال التجربة، ولكن يجب أن لا تكون مقدمات التجربة واقع غربي .
لأنك مقدماً ستفرض فساد واقعنا وتأخره، وستنهي إلى بناء واقع غربي في مجتمع عربي ... والنتيجة ستقتل .
وكما أظن هذا ما خطأ به عبد الكريم سرويش، وبعض من كتابات علي شريعتي .

ومن يتتبع الحوادث التاريخية، وعندما نريد تشخيص الخطأ في سلوك فردي أو اجتماعي، لا بد من دراسة العناصر الموضوعية في ذلك السلوك
فنشاهد التطرف الديني يزداد دائماً عند الفئة التي تمتلك زمام السلطة وذلك لصياغة عقلية اجتماعية تبعية لها على استمرار بقائها وبما يناسب هويتها
بل وينخفض ذلك العنف والتطرف عند المذاهب والطوائف التي تعتمد على النص الديني كدليل لها في ممارسة التكليف من غير اللجوء إلى الفقيه، كما هو الحال عند الإخبارية في المذهب الشيعي .
ويزداد الانحراف عن النص الديني عند المذاهب التي تعتمد على اجتهادات الفقهاء وشريعتهم، كما فعلت الأحناف ونتاج الفكر السلفي .
ونتج فكر معادي ير فع راية الإصلاح والذي أحدث انقلابا كبيراً في هذه المعادلة التي كانت تقود المجتمعات وتسلبها حرياتها ومداركها إلى جميع هذه الخطوط، وهو الفكر العلماني، وأما الإلحادي والذي ينقسم إلى فكر الحادي يلحد النصوص الدينية على اعتبار أنها سبب الكثير من المشاكل وسبب رئيسي للخرافة، وفكر الحادي ينكر الوجود وينفي إرجاع الوجود الكوني إلى واجد، والذي ولد هذا الأخير أزمة لم تكن بالحسبان وهي الصراع الديني – الإلحادي، لكون أيضاً قيد نفسه بالأنكار كوسيلة للرد على كل شيء، مما أفقده رونقه وحداثته وعصريته .
ولكن هذه النقاشات ولكي نتقدم ونصلح الواقع لا بد من أن تموت في دور مكانها وموقعها، فنحن لا يمكننا جعل الجميع متديني كما ولا يمكننا جعل الجميع ملحدين، كما ولا يمكننا جعل الجميع عباقرة وعلماء ومفكرين، ولكن أن يكتفي الجاهل بالسكوت فذلك عظيم في بلاد العرب وهو جزء من التقدم المعرفي، وأن نخصص أماكن لكل سلوك في المجتمع ولا نقصي أي سلوك، يفرض صحته من يمارسه، لنخرج من أزمتنا المريرة والتي طالت وطالت وكثر هرجها ومرجها .
فاليوم الحقيقة غامضة بل ومستلبة لأننا لا نملك حرية التفكير والثقافة والمعرفة فكل شيء مفروض على المجتمع، ولا يملك أغلب أفراد المجتمع أي حقيقة باختياره واستنتاجاته ومداركه، وهذا هي الأكبر حظاً في تراجعنا وتراكم همومنا .
عندما تكون الحقائق غامضة في مجتمع تحكمه أعراف وقوانين متوارثة فأعلم إن الحقيقة تكون مفروضة وليست حرة فما لم تكن الحقيقة حرة لا يمكن أن تكون الحرية حقيقية، لأن التلازم بين الحقيقة الحرة والحرية الحقيقية هو تلازم يبرز ظهوره ووجوده بعد أن تكون جميع معارفك حقيقية مستندة إلى أصول معرفية استدلالية وبرهان قوي يُخضِع
الجميع لحقيقتك الحرة .
لذا فجعل المجتمع يفكر بعقل واحد هو بحد ذاته خرافة مفتعلة في بلادنا وبلداننا، لأن هذا ما لا يمكن أن يكون وكما يقول أوغست كونت :
( يكمن التطور العلمي أساساً في التخفيض التدريجي لعدد القوانين المتميزة والمستقلة ... من خلال تمديد العلاقات باستمرار، إلا إن الزيغ المشترك أكثر والهالك للعقلانية الحقة، يكمن في البحث عن وحدة وهمية في كل مكان وفق نظريات تافهة .
إن عدد القوانين غير المختزلة حقيقة هي بالضرورة أهم مما تشير إليه هذه الأوهام الخطيرة، والمؤسسة على تقدير خاطئ لقوتنا العقلية والصعوبات العلمية ) .
لذا فوحدة المجتمع ووحدة تفكيره محاله، ولكن عقلنة المجتمع والمجتمعات كفيلة بحل أي أزمة، وبناء نظرية معرفية حقيقة كفيلة أيضاً بحل أزمتنا الراهنة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان