الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وطن بين الأرانب والسلاحف

ناصرقوطي

2013 / 12 / 11
الادب والفن



يخطئ من يظن أن السلاحف خاملة وأبطأ من الأرانب، أو يظن أن للأرانب قدرات تتعدى إمكانيات السلاحف،السلحفاة تتمتع بخصلتين الأولى أنها تعيش في الماء واليابسة، والثانية انها تستطيع أن تحمي نفسها داخل ترسها، وتناور في محيطها المليء بالأعداء. أما الأرنب فما أسرع أن يذعن في محيطه البري وكفيل بثعلب صغير أن يصيبه بالذعر ويقتنصه. موضوعنا هنا لايتعلق بهذين الكائنين المسالمين إنما هدفنا خصالهما التي يتمتع بها بعض الناس خاصة دعاة الثقافة والسياسة منهم، ولنتخيل أن عراقييّن اثنين - بعد سقوط النظام - أحدهما يتمتع بخطى وخصال الأرنب في بداهة الفكرة والعطاء الأدبي والسياسي والفكري ويمتاز بملكة ذهنية في الثقافة والمعرفة. والآخر لا يمتلك إلا خطى السلحفاة وبدون مواهب تذكر. بعض الأرانب ذوات الفكر المتوقد سرعان ما تعدو لاهثة، وتنزلق لتسقط في أقرب مستنقع، بينما نرى "السلحوف" بخطواته المتعثرة والذي لا يتمتع بأي ملكة أو إمكانيات معرفية يتصدر المشهد المعرفي والسياسي. تكمن الحالة هنا في قراءة المشهد الجديد والتمعن فيه. فحتى الضفادع تخشى الولوج في مستنقع جديد عليها قبل أن تتمعن فيه. أصحابنا من بعض السياسيين ومن ذوي الأقلام "الحرة جدا" يتمتعون بكلتا الخصلتين. فتراهم مرة يتسلحفون وأخرى يتأرنبون وثالثة يتثعلبون لافرق عندهم الا الغاية في الوصول الى الهدف، وهدفهم معروف طبعا. بعد انهيار النظام مباشرة ألححت على زميل لي كان قد تبوأ منصبا رفيعا في الثقافة أن يكون نزيها فيما يتعلق بالأمور المالية التي تخص الآخرين من الأدباء والمثقفين. وكنت أكرر بأن المرحلة انتقالية و"جيفارية" فلا تغريك الدولارات، لكنه كان يمتعض كلما كان يراني، وبعد ان أقيل من منصبه نتيجة لعدم سماعه صوت الضمير أو نصائح المقربين له فقد كل صفة يتمتع بها المثقف والنقابي، بعد ان خسر ثقة الجميع. وفي الوقت ذاته، أثرى الكثير من السياسيين وبسرقات مفضوحة وعلنية من قوت الشعب. العبرة تكمن في الجذر والمنبت الأول، ونعتقد أن بعض السلاحف تتمتع بخاصيات لاتقدر عليها الأرانب والعكس صحيح غير أن النشأة، والتربية، والنكوصات التي يتعرض لها الفرد في طفولته هي التي تسوقه لاتخاذ مواقفه وقراراته. المنبت الأول هو المصب والبارومتر الحقيقي الذي سيؤشر وينتج كائنا انتهازيا أو سويا. لنفترض – مجازا - ان امرئاً ما تربى وعاش مع القرود، والذئاب، والدببة، ماذا ستصبح خصاله وما الذي سينتج عنه من سلوك. النتيجة انه سيحمل كل تلك الخصال مجتمعة. هذه الخصال تنوجد عند المثقف والسياسي أكثر مما توجد عند الدلالين والمرابين والناس البسطاء، لأن المثقف والسياسي يختبئ وراء أهلة من خطب رنانة منمقة وأكاذيب حفظها عن ظهر قلب، واستعان بمصطلحات، ومفردات استلها من بطون الكتب. تلك الكتب التي سطرت الحكم والعبر لا لأمثاله إنما لعامة الناس. ولأن أغلب الناس لا يقرؤون فنراهم ينخدعون بتلك الوعود من الكلمات المنمقة وراح هو يستثمر تلك الحكم والأمثال ويستغل بها أنصاف المعرفيين ويثري على حسابهم.وعودا على بدء، فالسلاحف لبطئها تستطيع أن تحسب المسافة بدقة ولا تنزلق، والأرانب في سرعتها القصوى أسرع انزلاقا في أقرب مستنقع. ثم سباق مسافات طويلة اذن، عملية ماراثون، ولهاث طويل مثلما نشاهده في أفلام الكارتون ونشاهد فصوله في وطن مثخن بالجراح والقروح. أولسنا بحاجة إلى مضادات حيوية ناجعة لتطهير جسد الوطن من الطفيليات، أولا تفهم السلاحف والأرانب أن المرحلة التي نمر بها الآن انتقالية. و.."جيفارية"؟ السؤال موجه للسياسيين قبل المثقفين، أما الدلالون والمرابون والـ.... فلهم شأن آخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل الزوايا - الفنان أيمن الشيوي مدير المسرح القومي يوضح استع


.. كل الزوايا - هل الاقبال على المسرح بيكون كبير ولا متوسط؟ الف




.. كل الزوايا - بأسعار رمزية .. سينما الشعب تعرض 4 أفلام في موس


.. رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة يوضح الاستعدادات لعرض افلام




.. سعيد زياد: الجيش الإسرائيلي أمام مأزق كبير والمخرج الوحيد هو