الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(شرم الجنيف)

وليد الحلبي

2013 / 12 / 11
كتابات ساخرة


اتفق الناس، قبل علماء النفس، على أن بعض الأسماء والأماكن والروائح قد تعود بذاكرة المرء إلى حدث أو مكان أو موقف معين سبق للمرء أن عايشه، وليس في ذلك مشكلة، بل ربما أدخل ذلك البهجة والسعادة في النفوس، غير أن المشكلة الكبرى تكون عندما تثير هذه العوامل ذكريات بائسة، تبعث في النفس الريبة والهلع مما هو قادم، فمن طبائع الأمور أن ربط اسم مشؤوم بأحداث مشؤومة لا يثير سوى الرعب والقلق والشؤم.
هذه الأيام سماع اسم (مؤتمر جنيف) يتردد عشرات المرات كل يوم وارتباطه بالثورة السورية، يثير في النفوس الخوف والقلق على مصير سوريا والسوريين، وسبب ذلك أنه كان قد مر علينا حين من الدهر ونحن نسمع يومياً اسم (مؤتمر شرم الشيخ) بشأن القضية الفلسطينية، يتردد عشرات المرات وعلى جميع موجات البث المرئي والمسموع والمقروء!، وفي كل مرة تمخض فيها الشرم عن تآمر دولي على شكل اتفاق بائس وتواقيع مزورة، كان الناس يقفلون عقولهم وأعينهم وآذانهم، منتظرين بتشاؤم كبير شرم شيخ جديد، لكنني بعد البحث عن معنى كلمة (شرم)، توضحت الصورة في ذهني، واعتبرت أن جميع ما جرى في الشرم يتطابق مع معناه اللغوي، فالقاموس يقول بأن (الشرم) يعني: ( كل شق غير نافذ في جبل أو جدار)، وعليه فإن "الشرم" لم يعط سوى ما وعدت به طبيعته، فجميع الاتفاقات التي وقعت في شرم الشيخ، وجميع الوعود التي أعطيت للفلسطينيين، ثبت أنها قد دخلت في (شق غير نافذ في جبل أو جدار)، ولم يحصد الفلسطينيون منها سوى الخيبة والفشل وضياع الوقت والأرض، والأهم من ذلك: الضحك على اللحى، لذا كان من الطبيعي ألا يبقى في الفلسطينيين من يطلق لحيته سوى رجالات السلطة في رام الله.
أعود إلى جنيف: حيث لا يبدو في مؤتمرها الثاني المزمع أي أمل في حل أو حلحلة أو تلحلح للقضية السورية، واللطيف في الأمر أن معظم الأطراف الدولية التي ستشارك في جنيف2 هي نفسها التي كانت قد شاركت في اجتماعات (شرم الشيخ) العديدة: (الأمم المتحدة، روسيا، الولايات المتحدة، الاتحاد الأوربي)، مع اختلاف أسماء المسؤولين فقط. وكما هو معلوم، فقد كان جميع المشاركين السابقين شهود زور على جميع الاتفاقيات (الشرم شيخية)، والتي لم يطبق من صفحاتها الكثيرة ولو حرف واحد، كذلك سيكونون في جنيف 2 كما كانوا في جنيف 1 ، وبما أن مصير جنيف واحد قد عُرِف، حيث بقيت الدبابات في الشوارع والمقاتلات في الأجواء والأسرى في السجون، فمصير (الجنيفات) القادمة من اثنين إلى عشرة على الطريق، ونتائجها معروفة سلفاً، لذا أقترح على الائتلاف السوري، فقط لكي يعلم إلى أين هو ذاهب وماذا سيجد، وحتى لا يتفاجأ بالنتائج المخيبة للعقول والمحبطة للنفوس، اقترح عليه المبادرة إلى تغيير اسم (جنيف) إلى (شرم الجنيف) تيمناً بفشل قادم حتماً، ليس منه مهرب ولا مخرج.
ديسمبر 11-2013










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟