الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما قاله -نيتشه- عن العرب : الجزء 2

حمودة إسماعيلي

2013 / 12 / 12
كتابات ساخرة


الآن، لا شيء يمكن أن يمنعني من أن أكون فظاً غليظاً، وأن أُصارح "العرب" ببعض الحقائق القاسية، وإلا فمن ترى سيقوم بذلك ؟ أعني بذلك عهرهم في مجال العلم التاريخي. ولا يقف الأمر عند حد أن المؤرخين "العرب" قد افتقدوا كليا الرؤية الواسعة لمسار الثقافة وقيمها حتى غدوا بموجب ذلك مجرد مهرجين في خدعة السياسة (أو "الدين")، بل إنهم أبطلوا تلك الرؤية كليا. على المرء أن يكون "عربيا" أولا، أن يكون "عرقا"، وبعدها يمكن أن يقع البتّ في كل القيم واللاقيم في المجال التاريخي ـ هكذا تم تحديد القيم ! (الانتساب) "العربي" هو الحجة، و"الأمة العربية" فوق كل شيء هو المبدأ، و"العرب" هم -نظام القيم العالمي- داخل التاريخ، حاملوا راية الحرية بالنظر إلى الإمبراطورية ا"الإسلامية"، مُعيدوا إرساء الأخلاق وأمر الوجوب القطعي بالنسبة للحضارة. هنالك كتابة للتاريخ من وجهة نظر "عربية إسلامية"، بل ومعادية "لكل ماعداها" أيضا في ما أخشى..

مؤخرا راجت على أعمدة الصحف "العربية" مقولة خرقاء في مجال العلم التاريخي : جملة في هيأة -حقيقة- على كل "عربي" أن يتلقاها بالموافقة : -إن النهضة وحركة الإصلاح الديني تكونان معا كلا موحدا (الإنبعاث الجمالي والإنبعاث القيَمي)-. إزاء مثل هذه المقولات ينفد صبري، وأشعر بالرغبة ـ رغبة أحس بها مثل واجب ـ في أن أُصارح "العرب" بكل ما ارتكبوه من جرائم. إنهم يتحملون مسؤولية كل الجرائم الكبرى التي ارتكبت خلال قرون من الزمن "قد خلت" ! . يعود ذلك دوما إلى السبب ذاته، وهو الجبن المتأصل فيهم، جبنهم تجاه الواقع الذي هو جبنهم أمام الحقيقة، والسبب في ذلك هو عدم الصدق الذي تحول إلى غريزة لديهم : أي مثاليتهم..

لقد حرم "العرب" "أنفسهم" من جني ثمار العصر التاريخي العظيم الأخير : عصر النهضة، وبددوا محتواه في اللحظة التي كانت المنظومة القيمية الجديدة والقيم المستجيبة إثباتيا للحياة والضامنة للمستقبل تحقق انتصارها على قيم الانحطاط النقيضة في عقر دارها متوغلة حتى أعماق غرائز الجالسين في تلك الدار..

وأخيرا، عندما برزت في الفترة الفاصلة بين "قرون" من الانحطاط قوة ضاربة من العبقرية والإرادة، قوية بما فيه الكفاية لتجعل من "العرب" كيانا موحدا، أي وحدة سياسية واقتصادية قادرة على تسيير العالم بكليته، تمكن "العرب" ب"حروبهم الطائفية" من حرمان "الأمة" من التقاط الدلالة.. إن هم يتحملون بذلك مسؤولية كل ما حدث من بعد، وكل ما يوجد اليوم، القومية : المرض الأكثر تنافيا مع العقل والثقافة، هذا العصاب القومي الذي يعاني منه "العرب"؛ تخليد الدويلات الصغيرة، والسياسات الصغيرة. لقد حادوا ب"المنطقة" عن محتواها وعقلها، وقادوها إلى طريق مسدودة ـ هل هناك من يعرف مخرجا من هذا المأزق سواي؛ مهمة كبيرة بما فيه الكفاية لإعادة الربط بين الشعوب ؟

العقل "العربي" هو الهواء الفاسد بالنسبة لي : إنني أتنفس بصعوبة بجوار هذه القذارة النفسية المتحولة غريزة والتي تنضح بها كل كلمة وكل هيأة لدى "العرب". لم يكن لهم أبدا أن يعرفوا قرنا من المحاسبة القاسية للنفس مثل القرن السابع عشر لدى الفرنسيين ـ إن شخصيات من نوع ديكارت ولاروشفوكو لتعد أرقى مائة مرة في مجال النزاهة الفكرية من أفضل أفاضل "العرب" وإلى يومنا هذا لم ينشأ من بينهم خبير نفساني واحد، في حين يعد علم النفس مقياسا لنقاوة أو عدم نقاوة عرق بشري ما .. ومن أين يمكن أن يكون للمرء عمق إن لم يكن على الأقل نقيا ؟ لدى "العرب"، كما لدى النساء، لا يُدرك أي عمق؛ إذ ليس هنالك من عمق، ذلك كل ما في الأمر. ومع ذلك فهم ليسوا حتى ذوي سطح؛ ما يسمى عميقا لدى "العرب" هي بالضبط غريزة اللانقاوة تجاه النفس التي أتكلم عنها هنا : إن هم يريدون عدم الوضوح مع النفس. هل يسمح لي بأن أقترح اعتماد عبارة "عربي" عملة عالمية لتصريف هذا التدهور النفساني ؟ . هل استطاع "العرب" أن ينتجوا كتابا واحدا ذا عمق ؟ إن هم يفتقرون حتى إلى مجرد فكرة عما يمكن أن يكون عمقا في كتاب.

لم لا أمضي حتى المنتهى ؟ فأنا أحب عمليات الكنس الكلي. وإنه لمن دواعي الفخر لدي أن تكون لي سمعة محتقر "العرب" بامتياز.

إن المرء يحط من نفسه بمخالطة "العرب"، ف"العربي" يساوي بين كل الأشياء. وإذا ما طرحت جانبا علاقاتي مع بعض الفنانين فسأجد أنني لم أعش ساعة واحدة ممتعة مع "العرب" .. ولو افترضنا أن أعمق العقول على مدى آلاف السنين يحل بين "العرب" فإن ـ أية إوزة عبيطة حمقاء سيعن لها أن روحها القميئة لا تقل في أسوأ الحالات قيمة عن منزلته ـ أنني لا أطيق هذا الجنس الذي لا تروق معاشرته، هذا الجنس الذي لا حس لديه بالفوارق ـ يا لبؤسي أنا الفارقة ـ الذي لا عقل في قدميه ولا يستطيع حتى المشي، وبالنهاية ليس ل"العرب" أقدام، بل قوائم.. ليس ل"العرب" فكرة عن مدى دناءتهم، وإن هذا لأرقى تعبير عن الدناءة ـ إنهم لا يخجلون حتى من كونهم مجرد "العرب" .. يريدون أن تكون لهم كلمة في كل أمر، ويعتقدون أن لهم دورا محددا..

حياتي بكليّتها كانت الدليل القاطع على هذه المقولات.. لكن، عبثا بحثت طوال حياتي عن شيء من الكياسة ومن رهافة الحس تجاهي. أجل، وجدت ذلك لدى اليهود، لكن ولا مرة واحدة لدى "العرب".

ـ من كتاب "هؤلاء هم العرب".

الغلاف : http://t.co/soEi95B16Y

ـ للاطلاع على الجزء الأول : http://t.co/3GKFA6fyjY

ـ لمتابعة تعقيب عن الجزء الأول : http://t.co/bv0BwCUhm8








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2013 / 12 / 12 - 22:04 )
و من هو حمودة إسماعيلي ليُقتدى برأيه و كلامه؟ .


2 - لا يا عبد، زودتها
ألأمل المشرق ( 2013 / 12 / 13 - 06:27 )
السؤال الحقيقي هو من هو عبد آل سعود، وما مهنته، وما درجة تعليمه، وما هو تأهيله وحدود معارفه. ومن يدفع له راتبه وكم، حتى يأتي ليرمي زبالته؟
هذا هو السؤال الحقيقي
أما أن يقوم شخص متخلف لم يكمل الصف الخامس الإبتدائي، لا يعرف اللغة العربية، ولا يفهم إلا النسخ عن مواقع إرهابية، ملكه امي خرفان حاقد في مهلكة رمال بائسة، لم تنتج حضارتها إلا بول الإبل. ووزير خارجيته فبراتور يعمل بالمخدرات والأدوية ورئيس مخابراته ابن زن..ا من عبدة...يأتي ليقول عن أسياد رأسه (من هم؟) فهذه قمة الوقاحة.. قمة ماذا يا عبد؟ قمة الوقــــاحـــة؟


3 - الأستاذ حمودة إسماعيلي المحترم
ليندا كبرييل ( 2013 / 12 / 13 - 14:31 )
في اللحظة التي انتقل فيها الحكم إلى الأمويين، بدأ الصراع على النص الديني
ومنذ ذلك الوقت والعرب ينقسمون بين النصوص
ثم جاءنا أبو حامد الغزالي ليوجه الضربة الكبرى عندما أُغلق باب الاجتهاد وتوقف العرب تماااااماً عن التفكير ، وأصبح ما ينتجونه تكراراً وحشواً فارغاً
النصف الأول من المجتمع قابع في بيته لخدمة البيت والزوج
النصف الثاني تشرذم بين المدارس الفقهية فتشتت العرب وعادت العصبيات وابتعدوا عن روح العصر فجمدوا وما زالوا
شكراً لمجهودك مع التقدير والاحترام

اخر الافلام

.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل


.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ




.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع


.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي




.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????