الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصص قصيرة تنافس الشعر / - أبي يركض وراء قطيع الاحلام

مؤيد عليوي عبد الشهيد

2013 / 12 / 12
الادب والفن


تمثلُ مجموعة القصص القصيرة " أبي يركضُ وراء قطيع الأحلام " المطبوعَ الأولَ للقاصِ الشاب محمد الكريم الذي ينجح فيه بتقديم نفسه قاصاً واعداً،حيث حازتْ أغلب قصص المجموعة على عناصر الفن في الأدب والتي هي : الخيال ،، الفكرة ،، العاطفة ،، عبر أدوات فنـــه اللغة غير المألوفة ،أي لغة الإبداع في توافر سمات خصوصية القصة القصيرة من المخلوقات القصصية والموقف الذي ترتكز عليه كل قصة كذلك فنيّة أداء اللغة بين السرد والحوار المنفتح على كشف مضمون جمالية الفكرة، كذلك خصوصية بناء الهيكل السردي للقصة وهو العرض أو التمهيد ونمو الحدث وتصاعده من خلال السرد أو الحوار ،كما أن الموضوع أخذ حالات متباينة أبرزها معاناة المرأة العراقية في قصة ( مذكراتي في الحرب ) ومعاناة الشباب والرجال في قصص متنوعة كثيرة، وكذلك تهميش الوعي في الواقع الاجتماعي - الاقتصادي في قصة (الراقص في المقبرة ) .
أما أنواع القصص من حيث المذاهب فقد توزعت على أغلبية الواقعية، وأقلية رمزية واقل منها الرومانسية كما في قصتي ( هستريا ، وقيثارة )،بينما مثلتْ القصص الرمزية ( نباح كلب ،و أنا حمار، وبدون إزعاج) رمزية لمعاناة الإنسان في واقع الأمس اليوم،مع العلم أن هذه القصص الغارقة في الرمزية تحمل ذات المعاناة في صراع الإنسان ضمن الواقع والذي كتب عنه القاص ما بقي من قصصه ضمن المدرسة الواقعية :(أبي يركضُ وراء قطيع الأحلام ، الراقص في المقبرة ، البندول ،.....) ولابد من الإشارة إلى أن واقعية القاص محمد الكريم لم تكن واقعية كلاسيكية،كذلك لم تكن سوى واقعية الألم الذي عصر هذه البلاد منذ عقود ومازال ،ومنها القاص الذي كتب تراكيبَ جملهِ بفنيّةٍ خلقتْ سياقاً دلالياً يخلخلُ رتابة أفكار المتلقي واستقرارها خصوصاً في بداية كل قصة منها على سبيل المثال: (( وأنا أتساءل مع نفسي كيف سيفهمون " يستيقظُــُ الحبُّ في هذه الحربِ " ... )) 1، أو في بدايةٍ لقصة ثانية: (( لا أتذكر الساعةَ التي قذفتني فيها أمي في رحم الحياة لأني وُلدتُ بلا عقلٍ، وحين فتحتُ عينيّ على هذه المأساة اكتشفتُ أني وُلدتُ في بطنِ حوتٍ ....)) 2 ،وفي بداية لقصة ثالث :(( مرَّ المساء بسرعة خاطفة كوميض البرق لكنني لم أرَ ما شاهدتهُ في الليالي السبعة الماضية..كانت الليالي كوابيس ،أبي يهرب من لوحته في عتمة الليل .. يركض وراء قطيع ..!! أغمضُ عينيّ لحظاتٍ.. لربما أنا لآن في كابوس أبيض يزورني الصباح بغتة ....)) 3 ،هذه البدايات بهذا السياق الفني من اللغة تعمل على انزياح عوالم المتلقي العالقة بذهنه إلى عالم القصة التي يقرأ مهما كانت القصص رمزية أو رومانسية أو واقعية فتركيبة الجملة وصياغتها العفوية،كانت واحدةً تنم عن موهبة تجعل من القاص محمد الكريم ضمن أسماء كتّاب القصة القصيرة في مستقبل العراق القصصي وهذه الكلمة تحمّل القاص المسؤولية في تطوير قلمه ومواصلة إبداعه لأنه يمتلك المهارة ،أما ما تحتاجه القصة القصيرة اليوم من خلق عالمها الخاصة ،عبر تراكيب لغوية جديدة أي علاقات جديدة بين المفردات وأسلوب التقديم والتأخير ضمن الجملة، بوصفه من أساليب البلاغة العربية في استعمال اللغة فتستميل المتلقي نحو هذا الجنس الأدبي ومن ثم تؤثر فيه باتجاه القيم الصحيحة حيث يشير الناقد البارز روبرت مكلافن في إحدى دراسته : أن (...استمرار الإيمان بقدرة الأدب على اتخاذ مواقف نقدية من العالم الاجتماعي خارج النص،ولكن فقط إذا ما فهمنا أن كل ما يتم التفكير به يتجسد لنا من خلال اللغة)، هو عامل مهم في إنتاج الأدب وفي قوة تأثيره في المجتمع إذ يتجلى هذا المفهوم بوجود كوكبة من الشباب تنتج القصة القصيرة في بيئة الشعر العربي بل مركز الشعر العربي – بيئة المتنبي والجواهري – وتحديداً من العراق مدينة النجف - فما استمرار كتابة القصة فيها إلا إيماناً من الشباب بقدراتهم الكتابية والثقة بالنفس من إيجاد متلقين لقصصهم في هذا الجو الـُملبد بالشعر بل المُمطر شعراً، ومنهم القاص محمد الكريم حيث كتب بوعي تام عن مشاكل اجتماعية واقتصادية وسياسية وعاطفية وبأكثر من أسلوب فتارة نقرأ القصة بأسلوب الراوي العليم ،وتارة الحوار الداخلي للنفس ،وتارة يأخذ الحوار مهمة الإفصاح عن سر القصة القصيرة ، وكأنه في كل ذلك يخوضُ حرباً تجريبية في الكتابة التي أتقن فنونها،إذ سيكون لقلمه ناصية الاستقرار على أداءٍ واحد وربما يختار أن تتعدد أساليب الحكاية عنده ليزداد المتلقي شوقاً لما يكتبُهُ بصدق فني معبراً ومنشئً بعفوية الموهبة عن مشاكل واقعية منها معاناة المرأة في العراق ، الأرملة التي أكلت الحربُ زوجها ، والمرأة كبيرة السن الأم أو الجدة التي أُهملتُ بسبب الحرب أيضاً،معاناة تفصح عنها قصة (مذكراتي في الحرب ) وكذلك معاناة الوطن والمواطن في احتلال ليس للوطن فيه ولا للمواطن ناقة ولا جمل ولا رأي ولا صوت له بوجود النظام السابق أو إسقاطه باحتلال حيث تشي قصة (حرز ) عن معاناة موطن يحب وطنه .. إلا أن القاص قد افلتَ من يديه النهاية المحكمة لهذه لقصة كما أنهى كل قصص المجموعة بتلك الفكرة التي تستدعيك إلى أنك قرأتَ قصة قصيرة حقا،بينما عالجتْ قصة ( أبي يركضُ وراء قطيع الأحلام ) ألم الأسرة العراقية بعد إسقاط الدكتاتور ونظامه ،ألم مجنون بسبب الإرهاب والتفجيرات المستمرة ،، وهكذا نجد أن القصص تكشف لنا وجه آخر من الحياة التي نعيشها ، لأنها كُتبتْ بلغة فنيّة وبمهارة وعفوية عالية قلّ نظيرها بين شباب كتّاب القصة القصيرة في العراق .
......................................................................................................................................................................................................
1 - أبي يركضُ وراء قطيع الأحلام ،قصص محمد الكريم ، مطبعة تموز، دمشق ، 2013 ، قصة ( سيمفونية مع حبيبتي) : 52 .
2 – ن.م : قصة ( أكوان بثقب ..حوتي ) : 75 .
3 – ن.م : (أبي يركض وراء قطيع الأحلام ) : 13








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي


.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب




.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?