الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرهان الخاسر !!

عمر الداوودي

2013 / 12 / 13
كتابات ساخرة


كفري ..المدينة التي ولدت فيها هي مدينة قديمة جدا..بل جدا جدا ..البعض يعيد تاريخ تأسيسها الى زمن مراهقة حمورابي !!..والبعض يعمقها اكثر الى زمن سيدنا نوح بل ان هناك رهطا يعيدها الى ادم وحواء !!..ورغم ان هذه الامور لا تسمن ولاتغني عن جوع الا ان التاريخ شيء جيد..على الاقل لمن لايملكون أي شيء اخر ليتفاخروا به..كفري في الزمن العثماني كانت عبارة عن مدينة صغيرة وسط غابة قرب جبل باباشاسوار الشامخ وقد رسمها احد الرحالة الانكليز بريشته وجلس لايام فوق القمة ليرسمها ولوحته هذه تبهر الناظر في انها اشبه بصورة فوتوغرافية قديمة اكثر من كينونتها لوحة !!..هذه المدينة كانت مغلقة بمعنى ان جميع ساكنيها كانوا اقارب للبعض .. حين ذهب اليها أو هاجر اليها والد جدي !!..كانت المدينة عبارة عن خمسين بيتا فقط !!..سكانها هم بين كردي وتركماني وعربي وحتى بين هؤلاء كان هناك اليهود ،، بعضهم كان كرديا وبعضهم تركمانا ومنهم يهود جاؤوها من بغداد وتكلموا العربية..وكم بيت مسيحي ايضا !!!..يعني مدينة صغيرة بحجم العالم كما قلتها سابقا في مقال سابق لي...لم تكن هناك اية تفرقة أو تمييز بينهم كانوا اقارب جميعهم حتى ان هنالك جدات يهوديات لكثير من الناس عاشوا يوما ما في تلك المدينة وكانت الجدات امهات ابائهم أو امهاتهم ..هذا ما كنا نسمعها من افواه كبار القوم اقصد الكبار سنا فينا...جدي اختار عروسا تركمانية لا بل تركية وليست تركمانية فقط ..في تلك الايام لم تكن هناك اية محذورات من زواج كردي مسلم من كردية يهودية ولا من زواج تركماني بكردية ولا زواج كردي بتركمانية ولا زواج تركماني بمسيحية...المعيار كان الاخلاق والاديان تتفق مع الاخلاق ...وفي الحقيقة هذه المسائل واقصد بذلك مسائل التفرقة والعنصرية هي من نتاجات الحضارة الصناعية ومن ابتكار وحوش الحضارة...الناس في تلك الايام لم يكونوا يفقهون كنه العنصرية حتى..في تلك الاجواء المفعمة بالطيبة وفي احدى ايام العشرينات من القرن العشرين كان هناك رهانا من نوع خاص قد تم عقده بين مجموعة من الشباب المتصادقين والمجتمعين في احدى مقاهي المدينة وهم من مختلف المشارب والقوميات المذكورة..كان الرهان عبارة عن ان من يستطيع ان يذهب ليلا الى داخل المقبرة الكائنة عند اسفل الجبل ويدخل الى تلك الغرفة التي تحوي قبر الولي ويلامس القبر ويعود فأنه ينال الجائزة التي كانت عبارة عن فلس احمر واحد!!..الفلس ايضا يملك تاريخا !!..وايضا كانت لديه يوما قيمة!!!..تقدم احدهم وقال أنا اذهب الليلة ،،، انبرى له اخر... ستبلل سروالك قبل الوصول للمقبرة !!..قال المتحدي سأفعل...واتته الاجابه لن تستطيع!!..ها أنا ذاهب ..وهم بالذهاب فعلا..ولكن استوقفه الجمع وقالوا مالذي يثبت لنا قيامك بالوصول وملامسة القبر المقدس!!!.؟؟..واتفقوا على الحل..الحل بأن تدق هذا المسمار الكبير على الارض قرب القبر ونتأكد في الصباح من صدقك!!!..ذهب الهمام ودخل المقبرة تحت جنح الظلام ودخل ال (كومبت) ولكن ما هي الا لحظات حتى علت الصرخات والصياح العاليه منه وهو يركض من داخل المقبرة الى خارجها ويسقط اثناءها عدة مرات ليزداد صراخه وعويله التي انهضت الاعين النائمة في المدينة الساكنة الهادئة لتفزع بدورها من هذا الذي يركض من قرب الجبل من داخل المقبرة الى خارجها نحو المدينة وكأن احد الموتى قد خرج من قبره للتو!!!..استقبله الناس في ضوء الفانوس والمشاعل والجميع في فزع وانتهى الموقف بصفعات من الاب للشاب المتحدي الذي يبدو انه خسر الرهان !!..لقد شرح لاهل المدينة الحاضرين في تلك الليلة حوله كيف ان اياديا امسكت بتلابيبه وبملابسه وبرجليه وسحبته نحو القبر وكيف انه نجى بصعوبة منها!!!..اصيبت المدينة بفزع شديد !!..حتى الذين شككوا في قوله كان خائفا !!..وفي الصباح حيث النهار.. ونور النهار تمنح المزيد من القوة والجرأة !!!..قرروا و برفقة رجل الدين زيارة قبر ذلك الرجل الصالح الذي كان يوصف بأنه كان من اولياء الله الصالحين ودخلوا للغرفة التي تحوي القبر ورأوا بأعينهم المسمار المدقوق على قطعة قماش قديمة على الارض قرب القبر !!! وانطلقت فجأة صرخات الضحك الهستيري ..قهقهات ربما سمعها من في القبور حتى!!!..قهقهات ضحك هستيري لا تتوقف!!..ومن الجميع وفيهم من يضع يديه على بطنه من شدة الضحك الهستيري !!!..لقد ضحكت المدينة يومها بشدة..الجميع ضحك..بمن فيهم ذلك الشاب المتحدي الذي كان يرتدي دشداشة ممزقة من الاسفل !!!...اما أنا فلازلت اتذكر الحكاية ورواة الحكاية الماضين واقف عند شخوص الحكاية ولكن بدل الضحك ابكي..!!...واتمنى لو كان بأستطاعتي النسيان...نسيان كل الحكاية.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل