الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خيال

فراس عبد الحسين

2013 / 12 / 14
الادب والفن


خيال
السيدة تصدح بأعلى صوتها.. يا حبيبي يا عبير الشوق يا حبيبي.
ضوء ساحر خافت يغطي غرفته, ممسكاً بقلمه يخط بطرفه خطوط سوداء على استقامة الخطوط الزرقاء في الورقة, افكار مشوشة, شخصيات مشوهة تتبلور, تتوضح معانيها, تبرز معالمها الاولية اكثر واكثر, تنزل من المخ للأعصاب لليد فيخط القلم, يترجمها لكلمات تتشكل صور واحداث لقارئها الان.
فز وانسكب فنجان القهوة من يده, اخذ يحدق ببياض الورقة من بعيد, يقلب اوراق الدفتر يبحث عن شيء مفقود......!!
بعد ساعات من الكتابة المستمرة, رمى القلم من جديد ابتعد عن دفتره, وقف مذهولاً مرتبكاً يدعك عينيه بكلتا يديه, ينظر بخوف من بعيد, ووجه ينزف الكثير من العرق. اقترب اكثر...فأكثر.
بخطوات حذرة خائفة مرتعشة...!
بان له وجهها من بعيد تنظر له من بين الخطوط.
وقد رفعت الخطوط الزرقاء للأعلى والاسفل بكلتا يديها, تجمعت الكلمات على اطراف الخطوط, مثل ملابس منشورة على حبل الغسيل بعد عاصفة هوجاء....!
نفس الشكل والملامح, بالعيون الواسعة بملامح طفولية, هي ذاتها تسريحة شعرها الطويل يغطي نصف عينها اليسرى.
ابتسمت فضحكت وسع فمها الصغير المرسوم بعناية, كأنها تعرفه من قبل....! لم تخف ولم تفاجئ مثلما فعل...؟
اومأت له بيدها مستدعية, شبكت اصابعها الصغيرة بأصابعه وسحبته بلطف وهدوء, حتى تلاشى من الوجود.
دخل لعالمها عالم الخطوط, ابيض شفاف بخطوط سوداء وزرقاء بلا الوان...!
بدأت تحدثه بلا همس دون كلمات, ينظر لوجهها يسالها فتجيبه, تتخاطر معه عن بعد.
كان عالماً من الخطوط ..كل عالمها من خطوط, الشمس, القمر, العصافير, الاطفال, الغابات, المدن, الغيوم, كلها خطوط زرقاء وسوداء.
سحبته من يده, عرفته على شاب توقع انه يعرفه, ملامحه ليست غريبة عليه, عرفه انه خالد الشاب الذي كتب عنه في قصة سابقة.
رد عليه بلا كلام, يتخاطر معي ايضاً فقط.......!!
التقى بجيفارا وسعاد, عرف انه كتب عنهم سابقاً, قد تزوجوا قبل سنوات مضت دون علمه, رفعوا له ابنهم قبله من جبينه.
حملته وطارت به لمكان آخر من جديد.
مكان جديد افزعه, ارعبه, ارهبه بحق.
كانوا اناساً مشوهي الوجوه, عيون بدل الاذان وبالعكس, بعضهم بلا ايدي, اخرون دون ارجل, بعضهم بلا اطراف, هناك رؤوس فقط.
سألها بخوف من هؤلاء...؟ خاطرته هم مخلفات كتاباتك.
تكتبهم بلا شخصيات بلا كيان وتتركهم نصف أحياء بين الموت والحياة, تعذبهم تدمر حياتهم وكيانهم, انت وقلمك من أوجدهم, انت من خلقهم للوجود, عليك ان تعطيهم حقهم في الحياة, عليك توصيفهم كما هم بلا نقص او تتركهم بلا وجود, ها هم معوقين عاجزين يدفعون ثمن فعلتك الشنعاء.
لم تنهِ كلامها تخاطرها... اجتمع حوله الجميع حجزوه بالوسط, يحيطون به من كل جانب, متجهموا الوجوه بعضهم يمشي والاخر يزحف, تجمعوا عليه, طرحوه ارضاً وتكدسوا فوقه بالعشرات.
ضاق صدره لم يستطع التنفس, اختنق, يصرخ بلا صوت, عالمهم بلا اصوات....!ّ , حاول دفعهم عدة مرات لم يستطع, يأتون بالعشرات والمئات ربما كانوا الاف من اماكن مختلفة, يتجمعون فوقه ينهشون بلحمه, وهو مطروح على الارض..
صرخ بصوت بكل طاقته بلا صوت, عالمهم بلا اصوات....!
عشرات مئات, الاف تجمعوا فوقه.
صرخ بكل طاقته... صحا من نومه, سابحاً بعرقه بعز الشتاء..









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي


.. تسجيل سابق للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن يلقي فيه أبيات من




.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري


.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب




.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس