الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرسالة الملعونة

حمودة إسماعيلي

2013 / 12 / 14
الادب والفن


"عمران" شاب، وكأي شاب يحلم بمستقبل مشرق، كيف لا ! وقد توفرت لديه شروط النجاح، فهو موظف مرموق بشركة تجارية، يعيش تحت دفىء عائلته، سعيد، في مقتبل العمر، و سيتزوج قريبا من حبيبته.. لكن الظروف ستتغير، وما لم يحسب له عمران سيحدث. والد عمران، أطرحه المرض أرض الفراش فعلم بأن نهايته قريبة، لِدى نادى ابنه الوحيد والمقرب، فقال له :

ـ بني، إنها لحظاتي الأخيرة، و أريد أن أطلعك على بعض الأشياء قبل رحيلي.. أنا أعرفك يا عمران، كنت قويا منذ صغرك، لكن لا مهرب من الحقيقة، الآن صرت رجلا و قادرا على تحمل الصعاب.

أمر الوالد عمران بفتح خزانته بجانب السرير، ليأخذ ظرفين منها قام بوضعهما هناك في الماضي :

ـ عمران، لقد عرفت أن هذه اللحظة ستأتي، لذلك قمت بتقسيم ثروتي وأملاكي بينك و بين أمك، و الوصية في هذا الظرف خده. أما الظرف الثاني فهو يحوي سرا، أود منك أن تعاهدني بعدم الإطلاع عليه، وأن تسلمه لأمك .. و هكذا رحل الأب و تمت مراسيم الجنازة.

مرت أيام و في صباح إحداها، وبينما الأم تحضر الفطور، إذا بعمران يتناول الظرف و يقدمه لها.. أخرجت الأم رسالة من الظرف، وما إن أوشكت على الإنتهاء من قرائتها حتى تغير لو وجهها وانفجرت صارخة في وجهه :

ـ اخرج من بيتي، أنت لم تعد ابني، لا أريد رؤيتك بعد الآن.

استغرب الإبن فخرج وهو يعي جيدا أن امه لم تكن تمزح، ذهب إلى العمل كالعادة، فلاحظ مدير الشركة حزن عمران البادي على وجه، قدم عنده يسأله.. فروى له ماحصل هذا الصباح :

ـ هل هي معك الآن يا عمران ؟
ـ نعم ، لقد رمتني بها بعد طردي.
ـ هاتها لعلي أرى شيئا صعِب على والدتك ادراكه ! .

وماهي إلا لحظات حتى صرخ المدير قائلا :

ـ أنت مطرود من هذه الشركة ، كيف يعقل أن أُشغل شخصا مثلك.

هكذا خرج من الشركة ، فقام بمُهاتفت الشخص الوحيد الذي سيساعده على تجاوز محنته : "خطيبته" .. و ما كادت تنهي القراءة هي الأخرى حتى صدمته و هي تصرخ في وجه :

ـ أنت انسان حقير، كيف لي أن أرتبط مع شخص مثلك، لا أريد رؤية وجهك بعد اليوم .. فذهبت و تركته مع رسالته.

هكذا أدرك عمران أنه يحمل ذنبا عظيما في الرسالة التي يرى بأنها لصيقة به دون أن يعرف ما تحتويه، توقف عقله عن التفكير وهو يسير في الشارع، لا يدري إلى أين، الصمت يحول حوله ليخترق هذا الصمت الغريب صوت الحافلة المزعج عند توقفها في المحطة. ركب عمران الحافلة لعلها تأخده إلى مكان ليرتاح فيه، كيف وكل التعاسة والحزن اللتان لم يعرف مثلهما يوما، أتوا لتأدية الضريبة.

وبينما هو جالس في الحافلة، تقدم إليه الكمسري لأخد ثمن التوصيلة، وإذ به يجده صديقا قديما من أيام طفولته. تبادل الصديقان أطراف الحديث والأسئلة المتعلقة بالحالة المادية و المعنوية، وإذا بعمران ينفجر باكيا، ودون شعور بدأ بسرد القصة للصديق القديم لعله يأتي بحل أو خلاص لهذا الكابوس..

تأثر الصديق بقصة عمران وحزن لحاله .. وما إن انتهى من قراءة الرسالة هو الآخر، حتى صرخ قائلا :

ـ أوقف الحافلــــة أيها السائق، لن أسمح لهذا الراكب بإتمام الرحلة معنا حتى لو فقدت وظيفتي، هيا انزل، فأنا سعيد لأن الأيام باعدت بيني و بين شخص مثلك.

الآن بلغ الأمر حده، عمران لم يعد يستطيع تحمل المزيد، لِدى أخد قرارا نهائيا بوضع حد لهذا الفلم المرعب :

ـ سأذهب لجرف البحر، و أقرأ ما بداخل هذه الرسالة الملعونة، ثم سألقي بنفسي للصخور .. هذا ما جال ببال عمران، أن يعرف السر و ينتحر.

عمران يقف الآن على حافة الجرف، و الحسرة تملئ قلبه. كيف لا ! وحياته الجميلة انقلبت رأسا على عقب، وها قد حانت النهاية، وأي نهاية ؟ مأساة ! كأن القدر يعاقب عمران على الحياة الجميلة التي حُرم منها الكثيرون من أقرانه.

سحَب الرسالة من جيبه، فتحها ليقرأها و يديه ترتعش بسبب الخوف :

ما الذي ياترى أخبرهم والدي عني ؟! ما الذنب الذي اقترفته ليجعل كل من يحبونني يعاملونني بهذه القسوة ؟ .. وهو غارق في أسئلة لا تنتهي، إذا بالرسالة تختفي من بين يديه.

كيف نسي هذا الغبي أن الرياح تكون شديدة عند الساحل ؟!! لأن الرسالة طارت معها في السماء !! فسقط مغشيا عليه.

استيقظ عمران فجأة ليجد نفسه في غرفة غريبة، تحيط به أجهزة متطورة، ورأى أشخصا يرتدون الأبيض بينهم شخص يعرفه جيدا.. "آه انها والدتي".

تفاجأ عمران من حضور والدته للمستشفى (بعد ان طردته).. فاقتربت منه وأمسكت يده :

ـ حمدا لله على سلامتك، لقد مر سبوع وأنت على هذه الحالة.

وبدا عمران مندهشا ..

ـ(تابعت) منذ حادثة وفاة والدك وأنت في غيبوبة، لقد أغمي عليك ساعتها بالبيت، فنقلتك للمستشفى بمساعدة الجيران. أخبرنا الطبيب "أنه تعرض لصدمة نفسية قوية، قد يستيقظ في أي لحظة، لدى يلزمه عناية حتى ذلك الحين".. رغم أسفي على رحيل والدك إلا أنني جد سعيدة لأنك بخير.

لا زالت الدهشة تحيط بوجه عمران الذي صاح :

ـ والرسالة ؟!

ابتسمت والدته وهي تجيبه وقد بدا بريق الحنان في عينيها :

ـ نعم لقد ترك لك رسالتين، إحداهما تحوي وصية تقسيم التركة، والأخرى (ضحكت) بها قصيدة كتبتها وأنت صغير، كنت لاتزال بعدُ بالسنة الأولى في الابتدائية. أظن انه كان يوم عيد ميلادي، فأخبرت أباك أنك تود تقديم هدية لي من صنعك، فاقترح عليك أن تكتب لي قصيدة لأنك كنت دائما تردد أنك ستصبح شاعرا عندما تكبر. ولازلتُ اتذكر أنك حزنت بشدة ذلك اليوم عندما قمت باتلافها ولم تجدها، فقام والدك بشراء هدية واعطاها لك حتى تقدمها لي. ويبدو أن والدك وجد القصيدة وخبئها، وقد كتبت فيها أنك تحبني وبأني اهم شخص لديك وتعدني فيها بأنك حين تكبر ستشتري لي الكثير من الهدايا وكل ما أريده وأرغبه وستأخدني برحلات حول العالم، ونزور "جزيرة الساحرات". وهي قصة مصورّة اشتراها لك والدك وكنت تستمتع بقراءتها.

ـ الآن فهمت لقد تركها أبي حتى يحين الوقت المناسب لعرضها، لقد جعلها وصيته لي نحو أمي .. قال عمران ذلك محدثا نفسه وبدا كأن دموعا تتجمع حول مقلتيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا


.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف




.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??