الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرصة الأخيرة

محمود الجبوري

2013 / 12 / 14
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


منذ اكثر من عشر سنوات والمواطن العراقي البسيط ( وأشدد هنا على العراقي البسيط ) قد عاش الأمرين في كنف حكم الأحزاب الأسلاموية التي جاءت بعد حقبة من الديكتاتورية المتسلطة , فبعد أن أحتلت بغداد من قبل القوات الغازية قد قامت بفتح الأبواب على مصراعيها لكل من هب ودب من المتزلفين والسراق والأنتهازيين وبعض من هواة السياسة على أعتبار أن فترة ثلاثين عاماً من حكم الحزب الواحد قد قضت على وجود ساسة محترفين وقادة نزيهين , فأختلط الحابل بالنابل , و ادخلت البلاد في فوضى عارمة كما أرادها المحتل , من أجل اشعال الفتن و الهاء الشعب بتوافه الأمور التي تمس وجدانه الداخلي من دون أن يدري وتؤجج عليه جراحه و مصائبه , عشر سنوات مرت بحكم غير مستقر و بخسائر بشرية هائلة ومعنوية كارثية وعواقب وخيمة , فأصبحت البلاد في حكم المنتهية أو الميتة , وسط تصارع كارثي وصل الى مافوق القذارة بين من يدعون أنفسهم بالساسة , اللذين اصبح القتل والتفجير والخراب والدمار واللعب بعقول ومشاعر المواطنين البسطاء هواية لهم , فاصبح هؤلاء الساسة مدججين بكل أنواع الرفاه والعيش الرغيد والأمن والسلام والحماية والسفر على حساب هذا المواطن الذي اصبح لايأمن على نفسه في منزله الشخصي او حتى في غرفة منامه , هذا المواطن البسيط أصبح يائساً تماماً حتى من رحمة ربه , فالجوع والخوف والذل أصبحا لا يفارقانه لحظة , لا يؤمن بكل ما يتفوه به هؤلاء الساسة من حلول , لا ديمقراطية ولا انتخابات , لا تظاهرات لا اعتصام ولا اضراب ولا حتى ثورات , هذا المواطن اصبح مؤمناً بان كل شيء او حركة يقوم بها يمكن أن تأوله حكومته الرشيدة ارهاباً فتمرده وتسحق اضلاعه , ولكن ربما هناك أملاً قريب وفرصة سانحة لهذا المواطن أن ينقذ نفسه ويقف موقفاً تأريخياً يشهده لنفسه لتغيير واقعه وواقع ابناءه والاجيال القادمة , هذه الفرصة هي ثغرة وضعها هؤلاء الساسة للخلاص منهم بطريقة سلمية وبيضاء تتلائم مع واقع حال هذا الأنسان البسيط الذي لايهمه سوى قوت يومه وأمن عائلته وسلامتها والعيش ببعض ولو قليل من الأنسانية , ثغرةٌ يمكن أن تحدث تغييراً شاملاً في واقع الحال السياسي من دون تلاعب او تدخل خارجي أو التفافات على القانون من قبل المتنفذين , ألا وهي الأنتخابات , نعم أنها الانتخابات السبيل الوحيد للخروج من مأزق مظلم ومستقبل حالك الظلام , فبأمكان هذا المواطن الفرد أن يتخذ قراراً تأريخياً مع نفسه ويقف وقفة تأمل شجاعة , يميز فيها بين الصالح والطالح , ويفكك فيها شفرات الساسة القذرة , ويحرر نفسه من كل القيود التي فرضتها عليه المرحلة من طائفية وعنصرية وقومية وعشائرية ومناطقية ومذهبية بائسة كان قد رضخ تحتها لطول عشر سنين ذاق الويلات منها و يختار مشروعاً بعيداً كل البعد عن المشروع الاسلاموي الذي تدار به البلاد هذه الأيام , ويكفكف الدم الذي سال ومايزال يسال على أرض يسكن فوقها , ويأكل من خيراتها , هذه الفرصة لايمكن أن تفوت هذه المرة فقد سئمنا الموت والخراب سئمنا الجهل الذي دمرنا وأصبح يظلم علينا مستقبلنا ومستقبل اولادنا والاجيال التي تعقبه , هذه الفرصة هي السبيل الوحيد للحلم بل لليقين أن يكون مستقبلنا ومستقبل ابنائنا كما نتمنى و نشتهي , دعونا نخرج كلنا كمواطنين افراد بعيداً عن كل القيود وننتخب ضميرنا ونمنع هؤلاء الساسة من اللعب بنا وبمشاعرنا وبتحديد مصائرنا ونبعدهم تماماً عن الساحة من خلال فوز ساحق للقوى المدنية التي تؤمن بالأنسان مهما كان انتمائه ,فبدون فوز القوى المدنية سنخسر ارواح عزيزة علينا كما خسرناها سابقاً , لأجل دماء الذين رحلوا ودماء الذين قد يرحلوا , لنخرج ونقتنص الفرصة الأخيرة ونغيــــر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صنّاع الشهرة - تعرف إلى أدوات الذكاء الاصطناعي المفيدة والمج


.. ماذا وراء المطالب بإلغاء نحر الأضاحي في المغرب؟




.. ما سرّ التحركات الأمريكية المكثفة في ليبيا؟ • فرانس 24


.. تونس: ما الذي تـُـعدّ له جبهة الخلاص المعارضة للرئاسيات؟




.. إيطاليا: لماذا تـُـلاحقُ حكومة ميلوني قضائيا بسبب تونس؟