الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دكتور حسام عيسى والجامعات الخاصة

محمد السعدنى

2013 / 12 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


بمالاقاه من تقدير واحترام الأوساط الجامعية باعتباره مثالاً لأستاذمثقف مهموم بقضايا وطنه، يتوجب علينا مصارحته بما لدينا من تحفظات وملاحظات حول سياسات وزارته تجاه الجامعات الخاصة التى يراها العالم رائداً للتقدم المعرفى والاقتصادى وتراها حكومتنا قاصراً ينبغى الوصاية عليه.
وهنا لن أتعرض لتصريحات منسوبة للسيد الوزير حتى لانستدعى مبرراً لسخونة الحوار الذى نريده موضوعياً دون شخصنة أومزايدة، ولن أناقش إشكالية أمن الجامعات، فما نشهده من مظاهرات وحرائق إنما هى ظاهرة محكوم عليها بالإنحسار باعتبارها آخر تجليات موجة الإرهاب لتعطيل خارطة المستقبل، لكنى سوف آخذك خطوة للأمام فى طريق مستقبل التعليم والبحث العلمى اللذان هما ركيزة التقدم والحداثة والنهضة، ولايمكن للدولة فى ظرفنا بالغ الصعوبة أن تتحمل تبعاتها وتكاليفها دون شراكة فاعلة من الرأسمالية الوطنية فى القطاع الخاص.
ومن المؤكد أن وزير التعليم العالى يتفق معنا أن البنى والهياكل التقليدية للجامعات ومراكز البحث العلمى لم تعد مؤهلة بذاتها للنهوض بعمليات التنمية المستدامة التى ارتبطت فى العالم كله بإقتصاد المعرفة، كما أن عولمة الإقتصاد والتنافسية حولت فلسفة التعليم العالى فى الدول المتقدمة إلى العمل فى إطار إنتاج وإدارة المعرفة، لإحداث نقلة نوعية فى الاقتصاد بتحويل المعادلة الحدية للإنتاج من موازنات رأس المال العينى: المصانع والماكينات والمنشآت وتكاليف خطوط الإنتاج وسوق العمل، إلى رأس المال الفكرى أو "القوة العلمية الناعمة" من الكوادر المؤهلة والاختراعات والإبداعات والتكنولوجيات الحديثة وبراءات الاختراع ووديان العلوم والتكنولوجيا والمدن الصناعية،لذا بدأت جامعاتهم فى تأثيث وديان العلوم والتكنولوجيا Science Parks ومراكز التميز العلمى، والحاضنات التكنولوجية، وتجمعات صناعة المعرفة، وحاضنات الأعمالEntrepreneurship، وكان هذا هو مفتاح التقدم الذى أحرزته دولاً مثل كوريا والصين واليابان وماليزيا وسنغافورة، وغيرها من الدول المتقدمة.ولم تكن مصر فى مبعدة عن هذا الفكر، بل كانت لنا تجربة فى إنشاء أول وادى للعلوم والتكنولوجيا، فى برج العرب، كانت بداياته مبشرة شهدت لها "اليونسكو" بالتميز والتفوق، ومن أسف تعثر المشروع بفعل سياسات الدولة ومسئوليها.
أقول هذا سيادة الوزير للإشارة إلى أننا نمتلك الكفاءة والرؤية، لكن الدولة وحدها لايمكنها الإضطلاع بهذا العبء دون استثمار وطنى تقدمه الجامعات الخاصة، وتمثل معه قوة ناعمة تعيد جذب الوافدين من المنطقة العربية وأفريقيا للدراسة والبحث والمؤتمرات، ويكون خريجوها سفراء لنا فى بلدانهم، وكيف يمكن لجامعاتنا الخاصة أن تسعى للتطور والعالمية وحكومتنا الرشيدة تمنعها من الدراسات العليا؟ كيف؟.
لقد تحولت الجامعات الخاصة فى تركيا وماليزيا والأردن وسنغافورة وباكستان وقبرص والبرازيل والهند إلى قوة جذب علمى وتقنى واقتصادى يحقق مليارات الدولارات، بينما تراجعنا بفضل السياسات الحكومية المحافظة المكبلة. وإليك مثالاً لجامعة خاصة هى جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، فى مشروع طموح قامتبإنشاء معامل بحثية متخصصة وإرسال عشرات البعثات العلمية للخارج، وأسست أول منتدى للعلوم فى الجامعات المصرية ومراكز للتدريب وتنمية القدرات، ومراكز للبحوث والتطوير والتميز العلمى، ومستشفى علاجى وتعليمى وبحثى على أعلى كود عالمى، وشراكة مع جامعات دولية لتبادل الأساتذة والطلاب، ولاتزال الوزارة تمنع عنها حق الدراسات العليا، الذى كفله القرار الجمهورى 245/1996، وعندما عقدت شراكة علمية مع جامعة عين شمس فى الدراسات العليا، رفضت الوزارة التصريح لهابإصدار درجة علمية مشتركة، وأصرت أن تصدرها عين شمس وحدها، وكأن الوزارة تريد تحويل الجامعة إلى Broker أو وسيط يجمع الدارسين ويحصل الرسوم ويأوى إلى خانة المتفرجين.
ياسيادة الوزير هذه سياسات لاتتسق والتخطيط الرشيد للمستقبل. إن جامعة بلادراسات عليا ماهى إلا مدرسة تعليمية متوسطة الحجم، والقول أن الجامعات الخاصة ربما تبيع الدرجات العلمية، قول سخيف ومتجاوز لكل القيم الأكاديمية، وإلا كانت تبيع شهادات البكالوريوس والليسانس، ولا كانت طلبت الشراكة مع الجامعات الحكومية المصرية والجامعات الدولية. ثم من أين جاء أساتذة الجامعات الخاصة؟ ألم ياتوا جميعاً من الجامعات الحكومية، ثم مالم يعطى للجامعات الخاصة حقها الأصيل فى منح الدرجات العليا، ستقوم باستكمال هياكلها الأكاديمية من أحسن العناصر المتفوقة فى الجامعات الحكومية، مما يتسبب فى تدنى مستوى التعليم العام.
سيادة الوزير أنا لا أدافع عن جامعة لمصالح شخصية، لكنها قضية كل الجامعات الخاصة وتمس أيضاً سياسات التنمية فى الدولة وتنتقص من إحترام القانون، إذ كيف تسمح سيادتك وأنت من أكبر أساتذة القانون، أن تصدر لائحة وزارية على خلاف القرار الجمهورى تمنع على الجامعات الخاصة منح الدرجات العليا، فهلا راجعتسيادة الوزير هذه السياسات المجحفة؟ وإذا لم يفعل ذلك حسام عيسى، ترى من يفعله؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرانس كافكا: عبقري يتملكه الشك الذاتي


.. الرئيس الإسرائيلي يؤكد دعمه لحكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق




.. مراسلتنا: رشقة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه كريات شمونة | #را


.. منظمة أوبك بلس تعقد اجتماعا مقررا في العاصمة السعودية الرياض




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقعات بمناقشة مجلس الحرب إيجاد بديل