الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانقلاب على الحركة الثورية وعلى مسار 17 ديسمبر الثوري كان كذلك من اليسار

بشير الحامدي

2013 / 12 / 16
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


الانقلاب على الحركة الثورية وعلى مسار 17 ديسمبر الثوري كان كذلك من اليسار
كنا انتبهنا و أشرنا وحذرنا ومنذ البداية و حتى قبل مجيء هيئة بن عاشور المسماة ـ الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي ـ أن الانقلاب على الحركة الثورية وعلى مسار 17 ديسمبر الثوري سيكون أيضا من اليسار وبالتحديد من بعض أحزاب الديمقراطية البرجوازية الصغيرة التي تنسب نفسها للماركسية وللقومية وللتقدمية ومن قبل بيروقراطية الإتحاد العام التونسي للشغل.
لم يكن ذلك لا مزايدة ولا تحاملا على هذا التجمع السياسي والنقابي الذي ظل إلى أخر لحظة غير مقتنع بمسار 17 ديسمبر مرتبكا مترددا في الانخراط فيه بكل ثقله بعيدا عن تمثل جذريته وقدرته كصيرورة ثورية على تحقيق تغيير حذري حلمت أجيال وأجيال منذ محمد علي الحامي إلى اليوم بتحقيقه.
عدم اقتناع هذا التجمع اليساري الذي أصبح بمرور الوقت تجمعا يساريا لبراليا مفضوحا بمسار 17 ديسمبر الثوري ظهر جليا في فشله في العمل من داخل تعبئات القصبة 1 و القصبة 2 الجماهيرية خصوصا والتقدم بها لتتحول إلى تعبئات بمقدورها مواصلة تنفيذ المهام الثورية والتقدم شيئا فشيئا نحو تحقيق استراتيجية إسقاط نظام الاستبداد والفساد.
طبيعة هذا التجمع قادته إلى عكس ذلك تماما قادته إلى التأقلم مع بقايا النظام وبالتالي الانخراط في استراتيجية الانقلاب الذي خططت له وانطلقت في تنفيذه نواة النظام الصلبة مافيا المال والسلاح المدعومة بعمل مخابراتي عالي الإتقان والتوجيه لا تخفى فيه بصمات المخابرات العالمية .
الانخراط في استراتيجية الانقلاب بدأ بانخراط مكونات هذا التجمع في هيئة بن عاشور ثم القبول بـ 23 أكتوبر 2011 أو بما يسمي مسار الانتقال الديمقراطي.
مافيا المال والسلاح اعتمدت أيضا في استراتيجية انقلابها على الحركة الثورية لترميم النظام و إعادة بسط نفوذها على هذا التجمع بل لقد كان له الدور الرئيسي في تمرير الانقلاب منذ البداية منذ قبوله بالانتقال على قاعدة دستور 56 وهو قبول كان إعلانا صريحا على الطلاق بينه وبين مطالب الجماهير والمهام الثورية .
لم يكن لنداءات و محاولات الحركة الثورية التي كانت هي بدورها مشتتة وضعيفة نقل المعركة ضد النظام إلى الساحة النقابية من صدى لدى مكونات هذا التجمع الذي كانت تهيمن عليه البيروقراطية النقابية وتقوده وهنا لابد من الإشارة إلى العلاقة المتداخلة بين بعض الأحزاب السياسية والبيروقراطية النقابية ولعل الإشارة إلى علاقة زعامات هذه الأحزاب [ حزب العمال ـ حزب الوطد الموحد ـ الحزب الوطني الاشتراكي الثوري ـ رابطة اليسار العمالي ] بالنقابة حيث أنهم كلهم كانوا أعضاء في مكاتب تنفيذية نقابية جهوية أو قطاعية كما أن بعضهم على صلة وثيقة بالقيادات النقابية البيروقراطية حتى تلك التي كانت قبل جراد وحسين العباسي دليل على مدى تأثير النقابي على السياسي وعلى مدى ارتهان هذه المكونات الحزبية البيروقراطية عموما بالبيروقراطية النقابية.
قوى الانقلاب على الحركة الثورية وقبل 23 أكتوبر ما كان يعنيها أكثر هو تعويم هذه الكتله السياسية وجرها إلى الانتخابات بكل الطرق .
23 أكتوبر مثل التقاء وهم انجاز مهمة المجلس التأسيسي المهمة البرجوازية بطموح هذه النخبة الإصلاحية البيروقراطية للمشاركة في السلطة على أنقاض المسار الثوري ولكن الواقع كان يأبى ذلك فلم يمكنها حتى من تحقيق هذه المسخرة.
قوى الانقلاب على الحركة الثورية كانت تدفع بهؤلاء إلى المشاركة في الانتخابات لإعلان دليل تبرئهم من مسار 17 ديسمبر.
بعد ذلك سمعنا لغوا كثيرا من أبرز قيادات هذا التجمع الذين أطلقوا لهم العنان في الشاشات وأمام الميكرفونات للدعاية لشرعية النهضة في السلطة و للتبرؤ من الاعتصامات ووو.
دور البيروقراطية النقابية كان حاسما في كل مسار ـ اللبرلة ـ الذي انتهت إليه هذه الأحزاب.
كانت إحدى آليات الانقلاب أن تكون السلطة المنبثقة عن 23 أكتوبر ضعيفة و أن تكون معارضتها أضعف.
23 أكتوبر كان بداية مخطط حصر الصراع في بعده السياسي.
كانت المهمة هي وقف كل مقاومة على القاعدة الاجتماعية الاقتصادية .
وقف كل نضال وكل تعبئة لمواصلة تنفيذ المهام الثورية.
وكانت الجبهة الشعبية هي آداة هذا التعطيل تعطيل المسار الثوري و الانحراف به .
كانت الجبهة أداة إعدام هذه الإمكانية الموضوعية في الصراع.
لنتذكر كيف تعاملت الجبهة مع أحداث مثل
انتفاضة سليانة
الإضرابات العامة
الإضرابات الجهوية
احتجاجات سيدي بوزيد
احتجاجات الكاف
احتجاجات سوسة
احتجاجات قفصة
التعبئة بعد جريمة اغتيال شكري بلعيد
التعبئة بعد اغتيال محمد البراهمي
المسألة ستأخذ دلالتها الأعمق لما تعلن الجبهة الشعبية تحالفها مع نداء تونس وتصير من توابعه.
احتفالية باردو
مهزلة الرحيل
استعراض القوى
يا له من مشهد للتلهية
كل ذلك بان فيما بعد للجميع أنه لم يكن موضوعيا إلا ليصير في الصورة نداء المجرم الباجي وليعود فاسدو التجمع للواجهة ولتبدأ معالجات أخرى تطلبت أكثر من 20 أسبوعا لتفصح عن الهدف منها ألا وهو:
النهضة في الحكومة النهضة في المعارضة
النهضة في الحكومة تحقق مطالب المعارضة في المعارضة .
حكومة الجبالي ترثها حكومة علي العريض ترثهما حكومة مهدي جمعة
النهضة تطيح بالنهضة وتنصب النهضة
هذا هو الانقلاب وهكذا يستمر
لنعود للحصيلة الموضوعية لنضال الجبهة الشعبية
في الحقيقة يمكن القول أنه ومن تاريخ اغتيال شكري بالعيد لم يعد يستقيم الحديث عن سياسة للجبهة الشعبية .
لقد صار العمل السياسي كله لنداء تونس ولم تكن الجبهة إلا ظله.
ما يسمى بالحوار الوطني وما انتهى إليه أثبت هذا كله
وهذا كله لا يستحق عناء الجدال قليله أو كثيره .
بعد هذا كله صار كل شيء بكامل الوضوح:
يجب نقل الجدل إلى حاشية أخرى من رقعة الصراع الفوقي بينما يتواصل ترتيب الأوضاع في الجوانب الأخرى التي لا تتطلب التأخير أولها .
تمرير ميزانية 2014 .
مواصلة التداين.
إقرار السلم الاجتماعي.
كان هذا هو هدف الحوار المسمى وطنيا غير المعلن .
ولتمرير كل ذلك سيتشعب النقاش والخلاف حول تركيبة حكومة مهدي جمعة وحول دورها وجيادها و قدرتها على وضمان شفافية الانتخابات ووو .
وفي انتظار بيان الجبهة الشعبية للانتخابات القادمة سيبقى الصراع مفتوحا على امكانيات موضوعية لانفجارات طبقية بحكم تعمق أزمة الطبقات الشعبية الفقيرة التي لن يغير ما يجري على الواجهة السياسة من معاناتها شيئا.
ــــــــــــــ
بشير الحامدي
15 ـ 12 ـ 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نحن والإعلام الغربي، 7 أكتوبر نموذجاً - د. احمد عبد الحق.


.. فرنسا: كيف نجح اليمين المتطرف بالصعود؟ • فرانس 24 / FRANCE 2




.. هل يتداعى -السد الجمهوري- أمام اليمين المتطرف؟


.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: اليمين المتطرف على أبواب السل




.. فرنسا: ماكرون -يخسر الرهان- واليمين المتطرف -على أبواب السلط