الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأمنيات وحدها لا تُنصر ثورة

فدوى درويش

2013 / 12 / 16
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



الأمنيات وحدها لا تُنصر ثورة
بعد حوالي ثلاثة أعوام على انطلاق الثورات العربية لم تنبت زهور الحرية والديمقراطية في أي من تلك البلدان. تونس مهد الشرارة الأولى للثورات كانت الأكثر حظاً، أما ليبيا ، اليمن لا زالتا تكافحان الفوضى بارتباك لإزالة مخلفات عقود من الديكتاتورية. بينما مصر التي أضاعت البوصلة تتأرجح بين حكم العسكر وحكم الإخوان، أما في سوريا فالصورة أكثر قتامة،
سوريا تغرق في بحر من الدماء إذ تحولت الثورة إلى حرب بشعة حتى صار حلم السوريين الخلاص من بوتقة الموت والعودة إلى الوراء .
فهل يحق لنا أن نقول بأن الثورات العربية قد فشلت ؟ أم أن الوقت مبكر للحكم عليها كمنعطف في مسار تاريخ المنطقة ؟ على الأقل لفترة طويلة يمكننا أن نسلم بفشل الثورات وتأخر قدوم الربيع إلى بلداننا بل إن شتاء قاس وطويل قد خيم عليها، ربما كان سبب هذا الفشل هو أن حاضنة الثورات العربية وداعمها كان حجم الآمال والأمنيات في قيامها والهيجان العاطفي الشعبي لنيل الحرية. لكن الآمال والأحلام وحدها لا تُنصر ثورة. على عكس الثورة الفرنسية التي كان لحجم الثقافة والوعي أثراً هاماً في قيامها ونتائجها، وكذلك الثورة الروسية التي كان لتنظيم الحزب الشيوعي الدور الأكبر في نجاحها.
الثورات العربية انحرفت عن مسارها وعن الهدف الأساسي والهام في قيامها، ألا وهو الإنسان، حيث تصدرتها التيارات الايديولوجية والسياسية والدينية والتي تطفلت عليها وأجهضتها.
بعد كل الدماء التي سالت وبعد كل هذا الخراب في العقول والنفوس وكذلك البلاد، وقفت الشعوب بين خيارين أحلاهما مر، فإما العودة إلى الديكتاتورية الأمنية والعودة إلى نقطة الصفر وإما الانتقال إلى الديكتاتورية السلفية المقنعة بالدين والشرع وبالتالي العودة إلى مستنقعات التاريخ.
الثورة السورية هي الأسوأ حظاً، لعدة أسباب : فالنظام السوري من أعتى وأسوء الأنظمة الديكتاتورية في العالم وقد استطاع خلط الأوراق السياسية والاستخباراتية في المنطقة واللعب مع الكبار في محور اقليمي وعالمي وذلك بالريموت كونترول الروسي والإيراني.
- تضارب المصالح الدولية في مشروع إعادة صياغة النظام الدولي وبناءه على جماجم الانسان السوري وبانهار من الدماء.
- الافتقاد إلى تمثيل سياسي يحمل راية الثورة ويجمع غالبية الثوار وبالتالي يحمي الثورة من كل السموم التي تسربت اليها. والافتقاد إلى مشروع واضح لكل السوريين في سوريا المستقبل.
- تسلق الحركات المتطرفة الإسلاموية الثورة والتدخل الإقليمي بشكل مباشر والتحول إلى حرب إقليمية وتصفية حسابات وتسويات.
- فيروس الطائفية والمذهبية الذي استشرى في المجتمع السوري
دخلت سوريا في معادلة دولية ولعبة أمم تعيد ترتيب الأوراق حسب مصالحها بعيداً عن مصلحة الشعب السوري متجاهلة الجرائم الفظيعة وأرواح عشرات الآلاف من السوريين والدمار الهائل الذي أصاب البلد. تكاتفت كل قوى الشر لتحبط إرادة شعب تواق للحرية.
ربيع سوريا أحمر بلون أ نهر الدماء التي تجري منذ ثلاثة أعوام دون أن تلوح بارقة أمل لنهاية قريبة لهذه المأساة الإنسانية . ربما كان حري أن تحطم أولاً كل المحرمات المعشعشة في العقول ويُحررالإنسان أولاً من كل ما هو طائفي وايديولوجي ومذهبي ومن ثقافة الاستبداد و إلغاء الاخر. وتكون إنسانية الإنسان هي قيمة القيم. إننا نحتاج إلى ثورة في الفكر والعقل ،ثورة تعيد بناء الإنسان . الثورة لا تكون باستبدال نظام سياسي بآخر ولو كان عبر صناديق الاقتراع ،فهذا لن يجلب الحرية ولن ينسف المفاهيم التي بني عليها الاستبداد .إن تحقيق الديمقراطية لا يتم إلا بتوفر حرية الفرد وحرية الجماعة.
الطريق إلى التغيير طويل ومظلم ولا يقاس بسنوات أعمارنا إنما هو رهن بمسيرة التاريخ.
لكن مهما طال الشتاء سيشرق الربيع يوماً في هذه البلاد.
Fadwa Darwish


















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا


.. العالم الليلة | انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات ا




.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2


.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع




.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم