الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسد والشعيبي الغامض -البنّاء-

أديب طالب

2005 / 6 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في صباح السادس من حزيران 2005، وبعد خطاب الرئيس الشاب في المؤتمر العاشر لحزب البعث، وفي تعليق مباشر "للحرة" سألت المحطة الأمريكية الإعلامي السوري الأستاذ الدكتور الباحث الاستراتيجي الكاتب التكتيكي عماد الدين فوزي الشعيبي المحترم – أرجو معذرة القارئ عن الإطالة في الصفات فأنا خائف إذا ما قصرت في أوصاف وألقاب الاحترام، أن يقيم الأستاذ الجامعي علي دعوى قدح وذم وشتم وانتهاك كرامات قد تكلفني عدة ملايين من الليرات كالتي رفعها على أخصائي الإعلام السوري الحكم البابا، في الوقت الذي لو جمعت ما في جيوب أهل حارتنا وحارة الحكم لما تجاوز العدة آلاف من الليرات – سألت الأمريكية الشعيبي عن الخطاب فقال: "إن أهم ميزاته هو الغموض البناء" وأكررها أنا وليس هو الغموض البناء!!. لم أفهم شيئاً رغم ذكائي الخارق، رغم إصغائي الشديد لحدث مهم جداً... الرئيس يخطب، حزب البعث يسمع ويأتمر، الشعيبي يعلق، المحطة الأمريكية تغطي الموضوع وكله طازج وعلى الأثير مباشرة.
رجعت إلى مختصر في علم اللغة، اسمه مختار الصحاح للرازي، قال: غ م ض – (الغامض) من الكلام ضد الواضح وبابه سَهٌلَ يقال أغمضْ لي فيما بعتني أي زدني منه لرداءته أو حُطَّ عني من ثمنه. ب ن ي – (بنى) بيتاً وابتنى داراً والبنيان الحائط، انتهى كلام مختار الصحاح. رجعت إلى الصحاح علّني أزداد علماً وفهماً في ما قاله الشعيبي الشارح في المناسبة الباهرة على الحرة الساحرة، لكني زدت جهلاً وقلة فهم، رددت للمرة العاشرة الغموض البناء.

سألت نفسي كيف يكون خطاب رئيس البلاد والعباد للحزب "القائد للدولة والمجتمع" وفي أخطر مؤتمر للبعث، وفي أحلك ظرف تمر به السلطة السورية بعد فقدانها لدورها الإقليمي والشعبي. كيف يكون خطاب الرئيس الشاب "غامضاً بناءً"؟!.. غامضاً لوحدها قد تقبل التأويل، فقد تغمض لغة الرؤساء بهدف التعمية على الأعداء... وبناءً لوحدها قد تقبل التأويل... فالشعيبي بوق إعلامي للسلطة السورية المستبدة وعليه المديح، أما "غامضاً بناءً" في آن واحد فشيء لم أفهمه ولن أفهمه!... ومعي في الموقف ملايين لا أعرفها يرون ويسمعون المحطة الأمريكية.

قال الخبير الأمريكي ساتلوف*: إن السياسة الأمريكية حول سوريا تعتمد على اللااستقرار البناء، أي بفصيح العبارة أن الأمريكان سيسعون إلى اللا استقرار في سورية ليتمكنوا من بناء مصالحهم وتحقيق أهدافهم. رغم ركاكة التعبير – اللا استقرار البناء– إلا أنه مفهوم وواضح، والأمريكان دائماً واضحون، وأرجو أن يكونوا مفهومين، من شعبنا ونخبنا، أما الجاهل والمغرور والمتسلط والغني عن العالم وشعبه لن يكون من الفاهمين، ولن يحشر مع العالِمين بالسياسة الأمريكية. الإعلامي الغامض البناء ربما يجر نفسه وبلاده وحزبه ومؤتمره إلى الهاوية، بغموضه البناء وغروره وصلفه وجهله النقي من ذرة واحدة في علم السياسة.

كل ما أرجوه، أن لا تعرف وسائل الإعلام الأمريكية، بما جرى على "الحرة" صباح السادس من حزيران 2005، لأن أحلامنا ستزداد ظلاماً، وكوابيسنا ستزداد قسوة. لغة الإعلامي الغامض البناء لغة لا يفهمها غير عدد من المنافقين حوله، لغة لا يفهمها الشعب السوري، ويرى فيها الأمريكان معميات وألغاز، وتلاعباً سحرياً بالألفاظ، لا يحترمه أحد ولا يتحاور معه أحد. أرجو أن لا تنفجر الحواسيب الأمريكية في وجهنا عندما تسمع التعبير الخالد للإعلامي السوري "الغامض البناء".



*روبرت ساتلوف المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عودة الصدر للسياسة تقترب.. كيف تلقى دعما من السستاني؟ | #الت


.. تونس..مظاهرة تطالب بتحديد موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية|#غ




.. الهجوم الإسرائيلي على رفح وضع العلاقات المصرية الإسرائيلية ع


.. تحقيق إسرائيلي يوثّق انتحار 10 ضباط وجنود منذ بدء الحرب




.. قوات الاحتلال تطلق قذائف على صيادين في البحر