الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عزيزا ً كنت كالعراق

رشيد كرمه

2005 / 6 / 12
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كان عليَ ان استحضر كل الوجوه الأليفة الودودة والطيبة والأصيلة لكي اتذكرك , لأننا امتحنا في يوم القيامة دون خلق الله, ولم يكن قدرا ً علينا , ولكن اراد البعض ( المتوهم ) ان يروض من لا يُرَوَض فكنت انت َ كما كنت أنت و كما عهدتك في غابر الأيام .
وبين عام 1977 وعام 1993 ليس الكثير ولكننا بدونا كشيخين هرما من فرط تكاثر السنين علينا ,
ولقد صور الشاعر الإيراني _ سعدي _ حال العراقيين ومن يشبههم بهذه اللقطة الكونية المعبرة إذ قال : في الألف عام من عمره ..شاهد نوحاً طوفانا ً واحدا ً
وأنا لست ُ نوحا ً .....شاهدت في ليلي َ أَلف َ طوفان
فلقد عرفت الشاعر الراحل عزيز السماوي في اواسط السبعينات , اذ كنا ونخبة من الأصدقاء نتعلم الف باء الكتابة والشعر والمسرح , وكان معلمنا درويشا ًوحكيما ومتمردا , وما ان يجتمع الشمل حتى تتبارى الحناجر بما حفظت وكان السماوي يرى في تمردنا ما يقربنا اليه أذ كنا مغامرين ولانأبه لقوانين السلطة البعثية ولا لإتفاقية ( الجبهة الوطنية ) متمسكين بما ورد من قيادة الحزب الشيوعي العراقي ان نتحمل تثقيف انفسنا بأنفسنا ( التثقيف الذاتي ) بعيدا عن الحزب طالما نحن في خدمة العلم ,
وبين اتحاد الأدباء ومقهى الخلود في الباب الشرقي , وبين بار ومطعم سرجون ومكتبة الطريق , كم ٌُ ٌ من المبدعين وممن لم يبخلوا علينا بالمشورة بين صلاحية هذه الجملة اوتلك وبين هذا الكتاب او ذاك , ولم يكن عزيز السماوي وكريم العراقي وكاظم السعدي بعيدون عنا الا اننا كنا نرى في السماوي موسوعة في اللغة والمسرح والشعر ليس فقط الدارج من الكلام ولكن كان يردد صورا ً شعرية لسعدي يوسف والجواهري ونيرودا وناظم حكمت ولم اشعر بل ولم يشعرنا هو يوما بانه الأحسن والأقدر والأستاذ اذ ترجم ما كان يطلبه الحزب الشيوعي من الشيوعيين ان يتحلوا بالتواضع والتلمذة الشيوعية ( رغم انه لم يكن ملتزما بالحزب _ حسب علمي _ ) والسماوي عزيز من مواليد 1941 عاش في الديوانية من عائلة شيوعية مخلصة للعراق , درس الهندسة التطبيقية وعمل مهندسا ً , واكمل دراسة اللغة العربية في الجامعة المستنصرية كلية الأداب عام 1975 عمل في الصحافة وشارك في اكثر من مهرجان شعري وله اكثر من ديوان .وكتب عن تجربته الكثيرون , واستفاد من قراءاته ومن تنوع مصادر معرفته في توظيف المفردة العراقية في القصيدة الدرامية التي اتسم بها شعره وتميز بكتابة الطويل من القصيد النادر والمتعدد الصور وكأنك في تداخل مع كل الأشياء وهذا ما طبع حتى علاقته بالآخر .
وعزيز السماوي وفيا ً يحمل في داخله قلب طفل صادق وبرئ حتى وان ثمل من الشرب المحبب له , وصادف ان كنا معا في بغداد في بيت المخرج المسرحي جواد الأسدي في عام 1977 لنحتفل في عيد ميلاد وكان بصحبتنا الفنان التشكيلي قاسم الساعدي وغيرهم ولقد اجاد غناء ( يمسهرني ) بطور ٍ بدوي غاية في الأداء وبعدها بشهور غادر العراق مع بداية غدر جديدة للفاشية البعثية , والتقيته في الثمانينات ( فقط ) من خلال صحف المعارضة العراقية وكلي أمل باللقاء ولكن ؟ ومضت الأيام ثقالا ً والجميع يعاني من الف طوفان في الليلة الواحدة وإذ أحضر مؤتمراً للمعارضة العراقية ضمن وفد التجمع الديمقراطي العراقي في العاصمة البريطانية عام 1993 وكان الوقت عصرا ونحن متجهين الى الحفل الخاص بعيد تاسيس الحزب الشيوعي برفقة الراحل فقيد الحركة الوطنية امين عام التجمع الديمقراطي ( صالح دكله ) حتى التقيت من كنت اود كلمته وبساطته وعفويته وصراحته ورُحنا في تذكر الماضي من الأيام ويقينا بعبرات مخنوقة وكبرياء يمنعنا من البكاء بصوت عال رغم ان الموقف يستحق ذلك لهذه الصفات وغيرها كان عزيز السماوي عزيزا ً كالعراق .
من وحى الذكرى كتبت مساهمتى وشاركت الأخت ام مخلص زوجة الشاعر وجعها من خلال الفرصة التي اتاحتها لنا غرفة ينابيع مع اصدقاء رائعين , بمناسبة الذكرى الرابعة لرحيل الشاعر العراقي عزيز السماوي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA