الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المؤتمر العاشر التكريسي لسلطة البعث

مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)

2005 / 6 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


طوّح مؤتمر البعث الأخير بالبقية الباقية من آمال الشعب السوري في رؤية حقبة أنوار جديدة بعيداً عن وصاية الأجهزة النهازة للحريات .
توصيات المؤتمر الغامضة والمبهمة والضبابية تجعلنا نتعامل معه كمنتدى شعري . لا كمؤتمر حزبي سياسي , فليس مفهوماً مثلاً التوصية بإصدار قانون للأحزاب حفاظاً على الوحدة الوطنية , مع التشديد على ألا تكون الأحزاب تلك طائفية أو مناطقية أو عرقية أو مذهبية أو دينية . هنالك غموض يكتنف هذه التوصية , فهل سيكون التركيز على أسماء الأحزاب أم على برامجها السياسية من أجل شمولها بقانون الأحزاب ؟.. فالوحدة الوطنية تعني جمع شمل التعدديات المختلفة تحت خيمة واحدة , ولا يبدو أن البعث يريد مفارقين ومختلفين مع خطابه الدوغمائي .
بناءً على الفهم أعلاه لن يقبل تنظيم الإخوان المسلمين وكل الأحزاب الكردية . لأنها تحوز على كلمات مرفوضة من الفهم البعثي لقانون الأحزاب : المسلمين , الكردي . ثم أننا إذا طبقنا التحفظ البعثي السابق على اسم البعث نفسه نجده يخل بهذا الشرط , فالتسمية ( حزب البعث العربي الاشتراكي ) تفيد أنه حزب للقومية العربية فقط . وهنالك كذلكم الأمر أحزاب أخرى في الجبهة التقدمي تخل أيضاً بذلك الشرط لكي يستفيد أيما حزب من الترخيص بنتيجة قانون الأحزاب .
ولا أظن أن التحفظ والرفض هو للتسميات فقط. فإذا ما نفت الأحزاب الكردية كلمة ( كردي ) من أسماءها , وأبقت على برامجها السياسية وأنظمتها الداخلية بصورتها الراهنة هل ستُرخص وتستفيد من قانون الأحزاب ؟.. لا أظن . المطلوب هو أن تكون البرامج السياسية والأنظمة الداخلية لكل الأحزاب السورية متطابقة ونسخ فوتوكوبي من تلك التي لأحزاب الجبهة حالياً . وفي هذا إجهاض للحياة السياسية المرتقبة , فلا يمكن لحياة سياسية صحية أن تقوم على التماثل والتماهي والتطابق الفكري . في هذا مقتل الأحزاب تلك وإفلاسها , وبالتالي لا مبرر لوجودها إطلاقاً
والهدف المنظور من وراء إصدار قانون الأحزاب مع اللاءات المرافقة هو توسيع الجبهة التقدمية ليس إلاّ .
أما فيما يختص بتعديل قانون الطوارىء , فلن يستفيد منه المواطن السوري أيضاً . كون المؤتمر يركز أيضاً على إعماله فيما يخص الجرائم التي تمس أمن البلاد , وفي هذا أيضاً تثبيت لحالة الطوارىء وديمومتها .
فغالبية النشطاء الأكراد الذين يعتقلون , يحاكمون بتهم شتى منها : محاولة اقتطاع أو سلخ جزء من التراب الوطني لضمه إلى دولة أجنبية .
ومحاولة الاقتطاع أو السلخ هذه تدخل دونما شك في عداد الجرائم التي تمس أمن البلاد , ولا نعلم من هي تلك الدولة الأجنبية التي سيضم إلى أرضها جزء من التراب الوطني السوري وهل هي دولة موجودة أم افتراضية ؟..
كان ينبغي للمؤتمر إذا كان جاداً في رفع حالة الطوارىء أو تعديلها أو التخفيف منها أن يعمد على إلغاء محكمة أمن الدولة الاستثنائية بصلاحياتها الاستثنائية .وتحديد اختصاصات المحاكم العسكرية وحصرها في جرائم التي يرتكبها العسكريون .. الخ .
فخلاصة التاريخ السياسي لسوريا منذ مطلع ستينات القرن العشرين هو تاريخ للطوارىء حيث السلطة التنفيذية متحررة من كل ضمانة دستورية متعلقة بالحقوق والحريات العامة ومتغولة على اختصاصات السلطات الأخرى . وإجراء أي إصلاح سياسي حقيقي كمنعطف ضروري لن يتحقق إلا بإلغاء حالة الطوارىء وتعديل قانون الطوارىء , وهذا من شأنه وضع ضوابط حقيقية على السلطات المطلقة التي تمارسها الأجهزة الأمنية في الدولة .
وبالتقييم المنصف لحالة الطوارىء نرى أنها اغتالت الحريات ولم تفلح في حفظ واستقرار الأمن , وحوادث الثمانينيات في سوريا خير دليل على فشل حالة الطوارىء . سورياً لا مبرر لحالة الطوارىء , فالمادة 4 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تعترف بجواز الاستخدام المشروع لسلطات الطوارىء في أوقات تفاقم الأزمات الوطنية على نحو يهدد حياة الأمة .
قام المؤتمر أيضاً بعملية تكريس سلطة البعث أكثر عبر حصره السلطة التنفيذية والتشريعية في بعثيين من القيادة القطرية , فمنصبي رئيس الوزراء ورئيس مجلس الشعب أصبحا حكماً للبعث . وفي هذا إصرار على المضي قدماً في المادة الثامنة القاضية بقيادة البعث للدولة والمجتمع . بذا لم يتغير شيء . سوريا بعد المؤتمر هي سوريا ذاتها قبل المؤتمر دونما أية عملية تجميل أو جراحة سياسية .
ولا شك أنها خطوة مهمة تلك التوصية القاضية بمراجعة نتائج إحصاء 1962 في الحسكة والذي فقد بنتيجته عشرات الألوف من الأكراد المواطنة , ولكن هل يكفي بعد كل هذه السنين من المعاناة والقهر الاكتفاء بتجنيسهم فقط . ألا يستحق هؤلاء تعويضات مادية ومعنوية عن حجم المعاناة الهائل الذي قاسوه .
هكذا انتهى المؤتمر القطري للبعث السوري الذي كان بتوصياته روتينياً وعادياً وعلى الطراز السوفييتي . مخيباً الآمال وراسباً في امتحان الديمقراطية أو لنقل امتحان التحول الديمقراطي , وليؤكد هذا المؤتمر عبارة أطلقتها جريدة تشرين السورية قبل أيام :
" مشية السلحفاة المتوازنة على الطريق الصحيح أفضل مئات المرات من قفزات الأرنب على الطريق الخطأ " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأمريكي يعلن إسقاط صاروخين باليستيين من اليمن استهدفا


.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص




.. حزب الله يقول إنه استهدف ثكنة إسرائيلية في الجولان بمسيرات


.. الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات بالمسيرات والصواريخ والقوات ا




.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولياً