الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستغناء عن الكفاءات العلمية العراقية

محمود القبطان

2013 / 12 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كان العراق وعلى مدى أعوام عدة يفخر بكوادره المجربة العلمية والثقافية والأدبية,وساهم العراق بقسط كبير في دعم الدول العربية أولا والعالم ثانيا بإنجازاتهم .وقد رفد العراق الجزائر الفتية بعد التحرير بالأطباء والمدرسين ولأعوام طويلة,ولم تخلو دولة عربية من الكوادر العراقية وبكافة الاختصاصات. وكان كل هذا برضا الدولة والكوادر لكثرتها ولم يترك العراق بدون تعويض.ولكن ماذا يحدث الآن؟

منذ عهد حروب صدام وما قبله بسنين عندما التفت المجنون بالسلطة الى أحزاب العراق المعارضة لنظامه وبدأت جولات القتل والتشريد,بدأت الهجرة الجماعية الاولي للكوادر وبمختلف الاختصاصات.
فخرجت جموع الأطباء والمهندسين والعلماء والباحثين والأساتذة والمدرسين الى ارض الله الواسعة ,قسما منهم الى الدول العربية والآخر الى دول اللجوء أما للعمل باختصاصاتهم أو الجلوس في البيت لاسباب عدة.وبذلك يكون العراق قد خسر مجاميع من الخبراء والكفاءات نتيجة طيش النظام,ولكن من الناحية الأخرى لم تتوقف الحياة,حيث بقى جزءا كبيرا من الكوادر التي استطاعت أن تُسيّر العملية العلمية والتربوية بالرغم من النواقص الكبيرة التي كان تظهر بين الحين والآخر.ولكن الجموع التي خرجت أما عنوة أو بإرادتها أبدع قسما منها في دول عدة ومنها الدول الغربية على وجه التحديد,وقسما منها أصبحت أسماء تذكر في المحافل الدولية العلمية..وازدادت الهجرة الى الخارج بعد عام 1991 بعد تطبيق الحصار الاقتصادي على العراق ,حينها تلكأت الأحوال بكافة المجالات,ولكن مع كل الملايين التي خرجت من العراق بسبب الحصار وما قبله بقى جزءا من الأمل في الكوادر التي لم تستطيع الهجرة أو لم تنجح فيها لتسير عجلة العمل في كثير من محطات العمل وفي كثير من الاختصاصات مع وجود تلكؤ كبير في عدد الكوادر العلمية,الطب,الهندسة,الصناعة وغيرها.

بعد سقوط النظام ألصدامي استبشرت الملايين بذلك ربما تهيأت للرجوع للوطن في هجرة معاكسة للبناء والعمل ,لكن كل شيء اصطدم بواقع مرير حيث انتشر الفساد وتجار السياسة الجدد والشركات الوهمية واستيلاء أشباه الساسة على زمام الأمور لتغير دفة التغيير المرجوة الى عطل و وفساد وفقدان الخدمات وبروز حيتان مالية أتت من العدم لتصبح تدير أعمال تقدر بمليارات الدولارات في دول الخليج وباقي دول العالم,مقابل حريات منقوصة وصحافة مراقبة,وفضائيات يديرها مفلسو وشحاذي الأمس والمتسكعين في طرقات كوبنهاكن ولندن وغيرها من مدن اللجوء الأوروبي,ويصبحوا بين ليلة وضحاها نواب برلمان بأصوات قد لا تتعدى في بعضها العشرات,أما الكوادر العلمية والتي بسواعدها وسواعد الأجيال التي سبقتها بُنيَ العراق بقت خارج خطط النظام الجديد وبقت الجامعات فقيرة بكوادرها وعلماءها والمدارس بمدرسيها,وتفشى الفساد بشكل مُروع لتصبح العملية التربوية في خبر كانَ.

بعد النزوح الجماعي لهذه الكوادر وبقاء التي خرجت أصلا منذ عقود أصبح العراق ,وتحديدا في المجال الطبي,يعاني الأمرين,لقلة الكوادر الطبية والوسطية التمريضية.ونجح الغرب في استقطابها للعمل عندها وأبدعت.قد يستغرب القارئ اذا قلت إن في أحدى المستشفيات في السويد يعمل أكثر من 45 طبيبا في كافة الاختصاصات وفي مدينة أخرى وصل العدد الى 43 طبيبا عراقيا,ويكفي في أحدى هذه المستشفيات هناك أربعة طبيبات عراقيات في قسم النسائية من أصل 22 طبيبا وفي قسم ألعيون خمسة أطباء عراقيين من 6 أطباء.هذا على سبيل المثال وليس الحصر ولان على ما أعتقد إن هناك المئات من الأطباء العراقيين يعملون في السويد في المدن المختلفة,ولكن كم مئة طبيب يعمل في بريطانيا منذ عقود عدة.

من خلال الفضائيات العراقية المختلفة نشاهد ونسمع أن الدولة جلبت من الهند أطباء وممرضات,وفي الفترة الأخيرة من سوريا.أولا أقول كم مترجم يحتاج العراق للأطباء الهنود في عملهم في المستشفيات؟هل يشملهم قانون العشائر وابتزازهم عند حدوث وفاة مثلا, كما يعاني منه الأطباء العراقيين وفي بلدهم؟هل يشمل هؤلاء الأطباء الاعتراف بشهاداتهم وإجراءات صحة صدور؟في كلمة للماكي في وقت سابق قال:هو لا يستطيع توفير كل ما متوفر للطبيب العراقي في الخارج,لكن سوف يبني دور ضيافة لهم عند قدومهم الى العراق لفترات قصيرة.ولكن هل بنى دارا واحدة ليومنا هذا؟وأين سوف يسكن الطبيب الهندي أو الممرضة التي جلبها الطبيب نفسه,وكم هو راتبه؟
أما مسألة الأطباء السوريين,فلي رأي آخر,وهو لا يمكن أن نعامل هذا مع غيره حيث ظروفه القاهرة التي تمر بها بلاده يجعل من الواجب احتضانهم,وليس منّة من أحد,وقد قدم الشعب السوري نفس المساعدة لمئات آلاف العراقيين أثناء محنتهم منذ 1979 الى يوم سقوط الصنم وما بعده.لكن السؤال الذي اطرحه للمسئولين على هذا الملف وهو اذا كنتم تستطيعون توفير السكن والراتب المجزي,كما قال احد "أمراء" الصحة,فلماذا لا توفروه للأطباء العراقيين الراغبين في العودة للعمل في العراق؟ثم من يقرر الاعتراف بشهادة وكفاءة هذا الطبيب من غيره ,وهل هو فعلا عمل طبيبا في بلاده أم لا؟
أمس الأول ظهر على أحدى الفضائيات عضو لجنة الصحة والبيئة البرلمانية جواد البزوني حيث قال:
عدد الأطباء قليل,
عدد المخدرين قليل
عدد الممرضين قليل
ويضيف:وقد استوردت الوزارة كثير من الأجهزة لكن ليس هناك كادرا للعمل عليها,ولذلك نضطر لجلب الكفاءات من الخارج.وهنا أتساءل: لماذا يُجبر الطبيب على التقاعد في سن 63 عام والتدريسي في سن 65 عام مادام هناك نقص كبير في عدد الأطباء؟وعند توفر العدد الكبير والفائض ,ربما, تستطيع الصحة أن ترسل العدد الفائض للتقاعد وتعمل بقانونها ,ولكن مازال العراق يحتاج الى آلاف الأطباء وبمختلف الاختصاصات,فأين الحكمة في إرسالهم الآن الى التقاعد وهم في قمة عطائهم العلمي والعملي؟في السويد ظهر في المجلة الطبية الأسبوعية احد الأطباء بعمر 85 عاما و مازال يعمل بكامل قواه العقلية والبدنية وهو يقول اشعر بالراحة في العمل الذي أجيده.وللعلم كل الأطباء الذين يُسرحون من العمل يعملون في اختصاصاتهم في العيادات الخاصة,فأين مشكلة وزارة الصحة وقانون تقاعدها؟

وثمة مشكلة كبيرة تعيق رجوع الكوادر الطبية للعراق,إذا استثنينا السكن والراتب"المجزي" وهو مراجعة البعثات لتعادل الشهادة فهذا الموضوع قد كتب عنه الكثير من ذوي الاختصاص حيث لا إنجاز لمعاملاتهم وتضيع المعاملات والشهادات في جو الفوضى في ترتيب الملفات,وعدم معرفة البعض من يحمل كلمة "دكتور" أين تقع هذه الدولة من الأخرى وهل تُشمل بتقديم الامتحان أم لا.ثم لم هذه الامتحان لكوارد طبية مضى على تخرجها وعملها ألاختصاصي عشرات الأعوام؟لم لا يفكرون قليلا بأن هذا الطبيب أو ذاك إذا كان يعمل في أحدى دول الاتحاد الأوروبي وله الحق التنقل في أية دولة أخرى للاتحاد بعد إلمامه البسيط بلغة ذاك البلد وبدون عوائق,فلماذا توضع كافة المعوقات أمام الطبيب العراقي؟هل لان الإنسان العراق أغلى من الإنسان الأوروبي؟أم للأخير جسما غير ما للعراقي؟

وأخيرا على السلطات المعنية أن توفر الشروط اللازمة لجلب الكوادر الطبية العراقية وغيرها من الخارج للمشاركة في بناء الإنسان والبلاد بعيدا عن الإقصاء ووضع أناس لا يفقهون في العلم شيئا ليقرروا مصير الآلاف من الكوادر العلمية الطبية والعراق في حاجة ماسة للجميع.على لجنة فحص الشهادات أن تكتفي بصحة الصدور وعدد سنين العمل,وينسب الطبيب بدون معوقات خالية من المنطق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي... ابن لمغربي حارب مع الجيش الفرنسي وبقي في فيتنام


.. مجلة لكسبريس : -الجيش الفرنسي و سيناريوهات الحرب المحتملة-




.. قتيل في غارات إسرائيلية استهدفت بلدة في قضاء صيدا جنوبي لبنا


.. سرايا القدس قصفنا بقذائف الهاون جنود وآليات الاحتلال المتوغل




.. حركة حماس ترد على تصريحات عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-