الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا لو قال العراقيون لا للدستور العراقي؟

موفق الطاهر

2005 / 6 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حلمت البارحة بأن العراقيين قد قالوا لا للدستور العراقي الدائم الذي وضعته لجنة مختصة أختارها البرلمان العراقي بعد تدقيق ومباحثات كثيرة... كان الحقيقة ليس حلماً بقدر ماهو كابوس. فماذا لو قال العراقيون فعلاً لا لدستورهم كما فعل الفرنسيون ثم الهولنديين من بعدهم للدستور الأوربي؟
من الملاحظ أن الهولنديين ومثلهم الفرنسيون كانوا ساخطين من حكومتهم ومن اليورو وغيره، فلم يكن الهولنديين فقط خائفين من نفوذ الدول الكبيرة في الأتحاد الأوربي، أو من دخول تركيا إلى الأتحاد، أو أي خوف آخر... فكانت الصحف قد كتبت الكثير عن ذلك، وربما جاء واضحاً في يوم الأستفتاء الهولندي بعد أن وجه رئيس الوزراء (يان بيتر بالكننده) نداءاً إلى الهولنديين يدعوهم فيه إلى التصويت لصالح الدستور، وجدد دعوته للناخبين بألا يحوّلوا الأستفتاء على الدستور الأوربي إلى أقتراع بالثقة في حكومته، أو للتعبير عن أستيائهم من اليورو، أو لمعارضتهم لأنضمام تركيا للأتحاد.
فالكثير من الهولنديين الذين أعرفهم وصوتوا بلا، كانوا فعلاً وكأنهم يوجهون ضربة لحكومتهم التي خيبت كل آمالهم بلائهم تلك. وأكاد أجزم بأن معظم الهولنديين (أصحاب اللا) كانوا مثل الذين أعرفهم.

فالسؤال هنا عن شعبنا، فيبدو لي أن العراقيين يشعرون ببعض الأرتياح من أداء الحكومة، ولكن هل أنها قد لبّت مطالب الشعب الذي أنتخبها؟ وحتى يوم الأستفتاء في منتصف آب القادم، فلا أتصور أن الحكومة ستقدر على الأيفاء بمعظم ما ألتزمت به من الوعود التي وعدت بها الشعب قبل الأنتخابات، وبعد تسلم مهامها. لا أقول هذا لأني لا أؤمن بقدرات الحكومة، وأنما من خلال المشاكل العديدة التي ورثتها من حكم الدكتاتور وبعثه وأولها الفساد الأداري والأرهاب. فهل سيسخط العراقيون من حكومتنا وسيعبرون عن سخطهم بلا للدستور؟

إلى ذلك اليوم طبعاً على الحكومة العراقية أن تبذل قصارى جهدها بالتعريف بالدستور وأهميته للعراقيين، بل أن عليها أي الحكومة أن تنفق مبالغاً كبيرة على الأعلام والدعاية للدستور، وتوعية الشعب حول أهميته. ولا أريد هنا أن أبين مدى أهمية الدستور الدائم للشعوب، بقدر ما أتمنى أن يبنى دستوراً قوياً يحمي حقوق العراقيين بكل أطيافهم، يركز على بناء سياسة قوية ومستقرة، وأقتصاد متين يحقق الرفاهية للعراقي ليلحق بالركب العالمي. وبقدر أهمية الدستور أن يكون قوياً فلابد أن تكون هناك مؤسسات وقوانين تخلق فقط لحماية الدستور من أي تلاعب، وأن يتم تطبيق كامل فقراته، وحمايته من أي أختراق أو تغيير فقرة فيه لتماشي رغبة حاكم أو سياسي، كما رأينا قبل ما يقارب الخمسة سنوات في أحدى الدول العربية. ولكن بنفس الوقت يجب أن يعي الجميع بأن العالم في تطور مستمر، فلابد أن تكون القوانين أيضاً متطورة وليست جامدة لتواكب مسيرة التقدم.

كما يجب على القائمين على صياغة الدستور العراقي أن يكونوا على قدر من الوعي ويستفيدوا من دساتير العالم المتقدم، بعيداً عن التعصب والنظرة المتخلفة العنصرية على أن في العراق كتبت أولى القوانين لذا على العراقيين فقط أن يكتبوا قوانينهم، وليس على أية جنسية أو قومية أخرى مشاركة العراقيين كتابة دستورهم! فهناك الكثير من الدساتير العالمية فيها فقرات رائعة لابد من النظر أليها بتمعن ودقة، والأستفادة منها ومن الأفكار التي تتناولها. فمثلاً هناك فقرة في الدستور الهولندي تركز على أنه لو وجب تغيير فقرة من الدستور فلابد أن تكون نسبة الموافقة هي ثلاثة أرباع برلمانين أثنين. يعني أنه لو أريد تغيير فقرة معينة من الدستور الدائم فعلى ثلاثة أرباع البرلمان أو أكثر الموافقة على هذا التغيير، ثم وجب عليهم الأنتظار إلى الأنتخابات البرلمانية القادمة ليصوتوا بثلاثة أرباع البرلمان الجديد، فلو لم تستحصل هذه النسبة فوجب عدم التغيير لأية فقرة من الدستور. وهكذا ضمنوا بأن تغيير الدستور لا يماشي شخص رئيس الحكومة أو أحزاب معينة وأهوائهم.

نرجع إلى اللا العراقية لو تم الأستفتاء على الدستور العراقي المرتقب. فلو رفض الدستور العراقي من قبل الشعب، فهذا يعني بأن الجمعية الوطنية العراقية قد فشلت في أكثر مهامها أهمية. وهذا يعني حل الجمعية الوطنية، وسقوط الحكومة. وبالتالي فأن هذا يعني الأنتظار إلى أن يتم أنتخاب برلمان جديد، ثم حكومة جديدة، ثم لجان.... إلى أن يتم أنتخاب لجنة جديدة لصياغة الدستور... (وبس الله اليستر) ماذا سيحدث فيما لو رفض الدستور، على ضوء الخلافات الكثيرة والتركة الثقيلة على كاهل الحكومة وعملها.
ولكن بسبب قصر المسافة الزمنية المتاحة لصياغة الدستور، وتعدد المشاكل التي من شأنها أن تبطيء من هذه العملية، فلابد من التأكيد على أن حل هذه الصعوبات المختلفة يتم من خلال تعميق الوعي لدى المسؤولين والأفراد في مختلف المواقع بضرورة ضبط النفس وتقبل أية ملاحظات، وأيضاً من خلال مراقبة ما يجري على أرض الواقع لمنع تزييف العملية الديمقراطية أو تحريفها وأدخال شعبنا في متاهات يعلم الجميع أننا في غنى عنها تماماً. كذلك نشر الوعي بأستخدام وسائل الأعلام المختلفة، وحتى الجوامع أيضاً يجب أن يتم أستغلالها لهذا الغرض النبيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب إسرائيليون يهاجمون داعمين لفلسطين بالألعاب النارية في ج


.. -قرار بايدن- يغضب إسرائيل.. مفاوضات الرهائن في خطر




.. هل الميناء العائم للمساعدات الإنسانية سيسكت جوع سكان غزة؟


.. اتحاد القبائل العربية في سيناء برئاسة العرجاني يثير جدلاً في




.. مراسل الجزيرة: استشهاد ثمانية فلسطينيين نصفهم أطفال في قصف ع