الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل دولة يهودية!

فريدة النقاش

2013 / 12 / 18
القضية الفلسطينية


حملت لنا الأخبار نبأ مهما يقول إن وزير الخارجية الأمريكى “جون كيري” الذى زار المنطقة مؤخرا بهدف تقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين والإسرائيليين حول شروط التسوية التى تدرسها المفاوضات الجارية بين الجانبين، ويقول الخبر إن “كيري” بذل جهدا كبيرا لإقناع الفلسطينيين بقبول إسرائيل كدولة يهودية وهو ما يرفضه كل من العرب والفلسطينيين بشكل خاص وحركة التحرر العالمى عامة.

ويتأسس هذا الرفض العنيد على مجموعة من الحقائق الكبرى فى عصرنا الذى وصفه البعض بأنه عصر حقوق الإنسان بعد ما يقارب السبعين عاما من صدور الميثاق العالمى لحقوق الإنسان، وتوالى العهود والاتفاقيات والإعلانات التى تؤكد وتعمق مواد هذا الميثاق الذى توافقت عليه البشرية، ووضعت قيمه نصب عينيها وهى تكافح من أجل الوصول إلى عالم أفضل متحرر من آثام العنصرية والاستغلال وكل أشكال التمييز.

وكانت الأمم المتحدة فى ذروة المد التحررى العالمى عام 1975 قد أصدرت قرارا من الجمعية العامة يساوى بين العنصرية والصهيونية ثم كان أن نجحت التحالفات الاستعمارية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل فى إلغاء هذا القرار فى فترة لاحقة بعد أن وهنت حركة التحرر العالمى وتفككت أواصرها، وهى البيئة التى تساعد كلا من إسرائيل وأمريكا على التشبث الآن بضرورة اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية وهو ما يطالب به “كيري” وطالب به أوباما من قبل.

والأثر السياسى المباشر لمثل هذا الاعتراف من قبل الفلسطينيين يعنى على التو شروع إسرائيل فى تهجير أكثر من مليون عربى فلسطينى – من غير اليهود – لأن هناك مثل عددهم أو أكثر من اليهود العرب، وسيكون مثل هذا العمل بمثابة تطهير عرقى لم تعرف له الإنسانية مثيلا.

ويتناقض مضمون هذا المشروع مع كل القيم التى تدعى أمريكا اعتناقها والدفاع عنها بعد أن راكم مفكروها ضمن كتيبة عالمية هائلة من كل أنحاء العالم تراثا ضخما فى الفصل بين الدين والقومية، وتتأسس الخرافة الصهيونية العنصرية على اعتبار الدين اليهودى قومية، وتدعو شأنها شأن النازية وشأن العنصرية البيضاء فى إفريقيا إلى إقامة دولة نقية ليس فيها “أغيار” أو غرباء لتعود بالمسيرة الإنسانية الباسلة فى اتجاه التحرر وإسقاط الأغلال إلى الوراء.

وتعمل الإمبريالية الأمريكية بسعيها للوصول إلى اعتراف العرب بإسرائيل كدولة يهودية إلى تأكيد ما فى الخرافة الصهيونية من ضلالات وأوهام من قبيل “التفوق” الخلقى للجنس اليهودى “بكسر الخاء”، ومن قبيل اختيار الله – سبحانه وتعالى – لليهود باعتبارهم شعبه المختار الذى فضله على العالمين.

ويحق لهم باسم هذه الرؤية العنصرية المغرقة فى رجعيتها أن يؤسسوا دولتهم القومية النقية التى لا أغيار فيها، ولا قومية أخرى منافسة تعيش على أرضها.

وتقدم الإمبريالية والصهيونية بموقفهما هذا دعما بلا حدود لكل صور التطرف الدينى والعرقى فى العالم شمالا وجنوبا مع ادعاء أنها تحارب مثل هذا التطرف.

وحقيقة الأمر هى أن كلا من الحركات الأصولية سلمية أو مسلحة وإسرائيل “اليهودية” هى أدوات فى أيدى الاستعماريين والصهاينة لتعويق تطور البلدان فى اتجاه المستقبل القائم على العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية، وهى أدوات تطوعها الإمبريالية للحفاظ على مصالح غير مشروعة فى العالم أجمع من جهة، ولتحويل الصراع الشعبى ضد الاستغلال والهيمنة ومن أجل الانعتاق والسيادة إلى صراع على الهوية، وبدلا من التضامن بين المقهورين عامة تحت أى راية ينفجر التقاتل الطائفى والدينى والعرقى الذى تغذيه الأفكار والأفعال، ولم يكن نادرا أن يفضى مثل هذا التقاتل إلى تفتيت البلدان وتقسيمها مثلما حدث فى كل من يوجوسلافيا والسودان.

وأدت مثل هذه الأفكار والأفعال إلى انبعاث أشكال قديمة من اختزال هوية شعب من الشعوب فى الدين أو العرق، وهى أشكال كان التطور الإنسانى قد تجاوزها عبر نضال شاق وحروب دينية وطائفية وتضحيات هائلة إلى أن تبلورت آليات فصل الدين عن السياسة والإقرار بالتنوع والتعدد والاعتراف بثراء المنابع والروافد الحضارية للشعوب التى تشكلت عبره هواياتها الجامعة.

أما مشروع العودة إلى الجذر الدينى أو العرقى أو الطائفى مثلما هو الحال مع “يهودية إسرائيل” فهو محاولة لإعادة التاريخ إلى الوراء فضلا عن الفقر المدقع فكريا وإنسانيا الذى هو جوهرها ولن يقبل الفلسطينيون ولا العرب إسرائيل كدولة يهودية أبدا حتى مع إصرار راعيها الاستعمارى الأمريكى على ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لم ينسوا شيئاً ولم يتعلموا شيئاً
يعقوب ابراهامي ( 2013 / 12 / 18 - 06:24 )
إذا كان هذا المقال يعبر عن مواقف اليسار العربي فاليسار العربي لن تقوم له قائمة
هذا مقال أجوف مؤلف من كلمات خالية من كل معنى
دولة يهودية وديمقراطية لا تختلف في شيء عن دولة كوردية وديمقراطية أو عن دولة أرمنية وديمقراطية
شعار اليسار الصهيوني في اسرائيل هو: من أجل اسرائيل دولة يهودية ديمقراطية ودولة كل مواطنيها
الحل الوحيد للصراع الإسرائيلي-العربي هو حل الدولتين: دولة يهودية ديمقراطية ودولة عربية-فلسطينية ديمقراطية
لا فريدة النقاش هي التي تقرر إن كان هناك شعبٌ يهودي أم لا بل المجموعة الإنسانية التي تطلق على نفسها اسم اليهود هي التي تقرر ذلك
تماماً كما أنه لا العرب ولا الأتراك هم الذين يقررون إن كان هناك شعبٌ كوردي أم لا بل الأكراد أنفسهم هم الذين يقررون ذلك
مفهوم الدين اليهودي ومفهوم الشعب اليهودي هما مفهومان مترابطان ومتشابكان ولكنهما ليسا مفهوماً واحداً
ربط الصهيونية بالعنصرية هي دعاية نازية لا سامية ويجدر باليسار العربي، إن كان يريد الحياة، أن يكف عن هذه الدعاية المخزية


2 - كانت دائما دولة يهودية
عبد الله اغونان ( 2013 / 12 / 18 - 11:39 )
ادراك متأخر
اسرائيل منذ نشأتها كانت دولة يهودية
انها صفعة للمتوهمين الذين ينادون بدولة مدنية والتفريق بين الصهيونية واليهودية كديانة والذين لايرون تناقضا في تأييد الانقلاب برموز دينية كشيخ الأزهر والكنيسة


3 - الف مرة
بلبل عبد النهد ( 2013 / 12 / 18 - 21:10 )
لم ينشر التعليق رغم انه نشر في عدة مرات على العموم انشروه ام لا فاليهود احسن من العرب الف مرة


4 - ويل للمتطرفين من انفسهم !!!
قاسم حسن محاجنة ( 2013 / 12 / 19 - 05:10 )
الاخ بلبل
لا تكن متطرفا هكذا
فهناك يهود طيبون ويهود سيئون
وهناك عرب طيبون وعرب سيئون
لكن السيء حقا عند العرب هو انظمة حكمهم !!
أقول قولي هذا كعربي يعيش مع اليهود واستغفر الله لي ولكم !!


5 - مبتلون بقادتنا وشيوخنا أكثر من ابتلائنا بإسرائيل
ليندا كبرييل ( 2013 / 12 / 19 - 06:45 )
يؤسفني مقالك أستاذة
هذا جزء من تعليق لي في مقال النكبة للأستاذ الفاضل يعقوب ابراهامي المحترم

لا بدّ أن يعترف العرب أن في وجدانهم الديني كرها وتكفيرا للآخر هيّجه رجال الكهنوت الإسلامي ووجد فيه قادتنا منفذا لتحقيق أحلامهم في اعتلاء منصب الإله
سحقوا شعوبهم باسم القومية والعروبة والوطنية لذا يمكن أن ندرك أحد أسباب تخلف العرب
فمصيبة حزيران كانت هزيمة للآمال وإعداما لها عندما وثقنا بقيادة كانت تتلاعب بمشاعر تتوق إلى المستقبل
فراح المستقبل وراحت فلسطين وراحت أراضٍ أخرى فاستقبلنا واقعنا بمشاعر المنهزم الذي حمدنا الله والملائكة عليه لأنه تحقق بيد الكفار!!!
اليهود موجودون في المنطقة كلها جنبا إلى جنب مع الشعوب الأولى ومن حقهم الإنساني أن يعيشوا باستقرار
وقد فوتنا فرصة كبيرة في قبول التقسيم
وما زالت الأصوات المتطرفة تدعو إلى إعدام كل محاولة للسلام
هذا الموقف العدائي لن يوفر بيئة صالحة للتقدم
أصبحت اسرائيل الشيطان الرجيم
فماذا عنا؟
وعن الثقافة العروبية الإسلامية التي تروج لمعاداة اليهود والنصارى إلى يوم الدين؟
نحن مبتلون بقادتنا وشيوخنا أكثر من ابتلائنا بالصهيونية واسرائيل

يتبع من فضلك


6 - العرب لا آذان لهم ، فأين سيعلقون نظارات السلام ؟ !
ليندا كبرييل ( 2013 / 12 / 19 - 07:00 )
الشعوب العربية تملك كل شيء إلا الآذان، وإذا غاب العقل في( مكان آخر) فإن الحواس الخمسة بأكملها تغيب معه
والآن
بعد أن أسفرت تحركات العرب تجاه اسرائيل تقاربا معها بالسر وبالعلن ومن خلف الستائر، فإننا بدورنا خرجنا عن المقرر وفتحنا أعيننا
أصبحنا نفكر بمستقبل آمن لأولادنا

اسرائيل وفلسطين لب المشاكل في عرف جيلي
وهي الألعوبة الوحيدة التي ضحكوا علينا بها
وحتى الآن كانت بلاء
لكن .. حان الوقت لنغير المنظار

تحت شعارات تحرير فلسطين والقومية والوحدة وال... ارتكبوا مجزرة حزيران ومات في مقصلتها أفضل شبابنا وفوقها مع أني لا أعي المرحلة جيدا لكني أذكر كم طائرة أسقطوا، وكم جنديا إسرائيليا أسروا !!
ليتهم يخففون من كروشهم التي سقطت إليها العقول من أكل البيتزا والفطائر التي انتشرت بطول أوطان العرب بأموال آكلي قوت الشعب والإنسان العربي المسكين يتلوّع بين شعاراتهم واضطهاداتهم
يا ليتهم يهرعون للعلم والرياضيات التي تفوقت بها الهند الفقيرة على الجميع

العرب الطيبون منهم والسيئون يسيّرهم حديث شجر الفرقد
يا مسلم يا عبد الله هذا يهودى خلفى فتعال فاقتله
أما حان الوقت لنغير قناعاتنا؟

مع التحية والسلام


7 - إلى ليندا كبرييل 7-8: تحية
يعقوب ابراهامي ( 2013 / 12 / 19 - 09:43 )
تقبلي كل حبي وإعجابي واعتزازي
شكراً لكِ


8 - ألأخت العزيزة ليندا !
ماجد جمال الدين ( 2013 / 12 / 20 - 12:00 )
وها أنت تكتبين بالسياسة بشكل حاسم (وأقصد تعليقك هنا وفي مقال حسن رمضان) بعدما كنت تتخوفين كما بدا لي من خوض هذ المعترك ، ولكنك هنا أيضا تتوهجين بفكر إنساني رائع وباسلوبك الأدبي الرفيع !
المسائل السياسية عندنا معقدة وربما أكثر من قضايا الدفاع عن الحريات الإجتماعية محورية ، ولأنها أيضا مرتبطة بلوثة الكذب والنفاق الديني وأوساخ مراهناته الشعاراتية التي طغت على أذهان حتى الفئات اليسارية المثقفة والتي تعتقد نفسها مخلصة لقضايا شعوبنا وأوطاننا ، ولكنها نتيجة تراكم الأوهام الآتية من كل جانب لم تعرف وتتمثل التاريخ الصحيح ولا ولن تستطيع أن تجد طريق تخليص شعوبنا من مآسيها .
وصدق المعلم يعقوب أبراهامي في قوله :((( إذا كان هذا المقال يعبر عن مواقف اليسار العربي فاليسار العربي لن تقوم له قائمة))) ..
وبالفعل لم تقم ولن تقوم له قائمة بدون وقفة جادة ومراجعة مع النفس .. لذا لا يمكنني أن ألوم السيدة فريدة النقاش شخصيا بينما هذه الظاهرة من إزدواجية الفكر والتشبث بالأوهام والشعارات الفارغة منتشرة في أوساط كل اليساريين .


أعتذر عن تأخر تعليقي على مقالك الأخير وقصته البديعة .. سأبعثه ألآن .

تحياتي


9 - تحية محبة وتقدير للأساتذة الكرام
ليندا كبرييل ( 2013 / 12 / 20 - 15:00 )
أستاذنا يعقوب ابراهامي المحترم
مهما اختلفنا معك، فحضرتك قامة ثقافية كبيرة ، ولا بدّ أن نأخذ بعين الاهتمام والتقدير والروية هذا النزوع القوي إلى السلام الذي نستشعره في مقالاتك وتعليقاتك الغنية
أشكرك مع تقديري


أستاذنا ماجد جمال الدين المحترم
كررتها كثيراً وأقولها هنا، أن الفضل يعود إليكم ،لعلي كنت متهيبة من دخول معترك الفكر فلما وجدت التشجيع انطلقت على قدر إمكانيتي المتواضعة
لك التقدير والاحترام

أتقدم للأستاذة الكبيرة فريدة النقاش المحترمة، وللإخوة المعلقين الكرام بالتهنئة القلبية بمناسبة اقتراب حلول العام الجديد
أتمنى لكم جميعاً الصحة والعافية، ولبلادنا الخير والسلام وكل عام وأنتم بخير

وسنبقى معاً على طريق واحد


10 - هل أن يكون لليهود دولة يهودية أمر غير انساني؟
سيلوس العراقي ( 2013 / 12 / 20 - 15:04 )
السيدة النقاش
مادمت معجبة بشريعة حقوق الانسان
هل يحق للشعب اليهودي ان يكون له حقا انسانيا في دولة يهودية؟
أم أن حقوق الانسان لا تطال الشعب اليهودي لمجرد أنكم تكرهونه ؟
هل الكراهية هي من ضمن شروط لائحة حقوق الانسان التي تدعون بأنكم تطالبون بتطبيقها ؟
هل توافقين أن الدولة الفلسطينية الموعودة للعرب لا تقبل أن يكون من ضمن مواطنيها يهودا ؟
وبنفس الوقت لا يحق لليهود أن يكون لهم دولة يهودية مع وجود (عرب) اسرائيليين؟
هل هذه هي النظرة الانسانية لليسار العربي لحقوق الانسان؟
إن كانت هذه نظرة اليسار العربي، ألا تعتقدين انه أعمى أو انه غير انساني؟
وبالتالي لا يحق له أن يتحدث بحقوق الانسان باي شكل من الاشكال لانه لم يرتق الى المستوى الذي يخوله التحدث في المواضيع الانسانية بنزاهة واعتدال من دون احقاد وكراهية

اخر الافلام

.. جلال عمارة يختبر نارين بيوتي في تحدي الثقة ???? سوشي ولا مصا


.. شرطي إسرائيلي يتعرض لعملية طعن في القدس على يد تركي قُتل إثر




.. بلافتة تحمل اسم الطفلة هند.. شاهد كيف اخترق طلاب مبنى بجامعة


.. تعرّف إلى قصة مضيفة الطيران التي أصبحت رئيسة الخطوط الجوية ا




.. أسترازنيكا.. سبب للجلطات الدموية