الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنسان القمامة.. فقراء البصرة يكافحون بنبش قمامة الأثرياء

عبدالوهاب حميد رشيد

2013 / 12 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


مجاميع من فقراء البصرة يكسبون عيشهم من خلال غربلة القمامة في الأحياء الراقية بالمدينة العائمة على أكبر بحيرة نفطية عراقية.

وفي كثير من الأحيان يحققون دخلاً أفضل مما يحصلون عليه من دخل الرعاية الاجتماعية الشهري. وهذا يعكس، في سياق الفقر الممتد، سبب ازدهار أعمال النبش في القمامة من قبل المجموعات الفقيرة المتعددة التي تتنافس على البحث في شاحنات القمامة الرسمية والحاويات الأهلية.

كل صباح مع شروق الشمس ، حيث الجو لا زال بارداً، هناك مجموعات من الناس يجوبون الشوارع بحثاً عن النفايات والقمامة المتروكة من قبل الآخرين، وهم ليسوا في سباق وتنافس لنبش النفايات المتروكة من قبل أصحاب البيوت، حسب، بل وكذلك في تنافس مع جامعي القمامة من البلدية الذين يصلون عادة في وقت متأخر.

يستمر هؤلاء البؤساء بالبحث عن القمامة ونبشها لغاية الغسق. كما أنهم في حالة تنافس مستمرة مع بعضهم على أولوية الوصول لقمامة المناطق الأكثر ثراء في المدينة. وهناك يجد المرء الفئة العراقية العليا الجديدة المقيمة حديثاً (بعد الاحتلال)، من أمثال المسئولين الحكوميين والنواب والأطباء والمقاولين والمغتربين القادمين من أماكن أخرى العاملين مع الشركات الأجنبية في البصرة.

"هناك تفاوت ضخم بين مستوى معيشة المواطن العادي وأعضاء النخبة في العراق. النخبة ترمي كميات هائلة من القمامة في الحاويات، من أغذية وأثاث، بحيث أصبحت هذه الحاويات مركزاً لنوع من السوق للفقراء المحليين. وهناك الكثير من الأسر صارت مهمة التفتيش عن القمامة ونبشها وسيلة لكسب عيشها." وفقاً لـ سامي المالكي- ناشط في حقوق الإنسان.


كما أن جامعي القمامة شكلوا عصابات في المدينة التي تزدهر بفضل قربها من أكبر آبار النفط في البلاد. عائلات وعصابات متعددة صارت تسيطر على شوارع محددة في عدد من الأحياء، بحيث لا تسمح للآخرين التعامل مع القمامة في مناطقها.

كافة هؤلاء يرتدون ملابس سوداء. تقول Nazim عضوة في إحدى هذه المجموعات. إنها تتسابق لإيجاد أفضل قمامة متاحة. وتحث ولديها- لم يبلغا سن الرشد بعد- على الركض سريعاً لضبط القمامة في شارعين آخرين تحت سيطرة العائلة.

تقول الأم: "ماذا يمكننا أن نفعل؟ هذه حياتنا. لقد حاولت العثور، دون جدوى، على عمل آخر لنعيش بكرامة. كما أن المبلغ الذي نحصل عليه من الرعاية الاجتماعية ضئيل وغير كاف، ولا يغطي معيشتنا لأكثر من أسبوع واحد فقط."

يتراوح مبلغ الرعاية الاجتماعية بين حوالي خمسين ألف دينار (بحدود 42 دولار أمريكي) وبين حوالي 120 ألف دينار (بحدود 100 دولار) شهرياً.

لقد بدأنا ننبش في القمامة عسى أن نجد شيئاً يمكن أن نستخدمها أو بيعها،" كما أوضحت الأم لـ NIQASH. وأضافت: "الآن نحن نسيطر على قمامة هذا الحي، ولا نسمح لأي شخص الدخول في منطقتنا ومشاركتنا. ونحن الآنً أفضل حالاً."

للسيطرة على قمامة حي الأثرياء، تعاونت العائلة: Nazim وزوجها وأطفالهما للسيطرة على أفضل موقع للقمامة واحتكارها وحمايتها. تقول الأم لدينا أفضل موقع قمامة.. نحن نسميها كنز.. دائماً نعثر على طعام لذيذ.. مواد غذائية معلبة، لم نحلم أن نشتريها في يوم من الأيام في مراكز التسوق.. وجدنا ملابس نظيفة.. عطور، ذهب، زجاجات كحول.. كما وجدنا مرة كلاشينكوف في القمامة."

جامع آخر للقمامة Sabbah (25 عام)، تحدث كذلك إلى NIQASH: شرح نظام ملكية (قمامة) الشارع/ الحي، على نحو أكثر تفصيلاٍ. "مجموعات معينة أو عائلات يسيطرون على شوارع محددة في سياق نوع من الوصاية.. لهم وحدهم تفتيش القمامة في الشارع المحدد.. يمكنهم أيضاً بيع الشارع لعائلة أخرى مقابل النقود وبنفس طريقة تأجير أكشاك الأرصفة. القيمة النقدية لبيع أي شارع أو حي تتقرر وفق عدد حاويات القمامة في ذاك الشارع/ الحي.. يضاف إلى ذلك مستوى غناه."

المنافسة على قمامة العائلات الثرية لا تقتصر على العائلات والعصابات التي تسيطر على الأحياء. يشرح صباح كيف أنه وإخوته يمارسون البحث عن الطعام في الصباح الباكر للوصول إلى الأشياء الجديدة قبل قدوم جامعي النفايات من البلدية. ويقول: "نحن لا نرى مثل هذه الخدمة في أحياء منطقتنا، لكنهم يأتون مبكرين جداً إلى هذه الأحياء الغنية."

يضاف إلى ذلك، أن السلطات المحلية تفرض رسوماً على هذه العائلات والعصابات لغض النظر عن جامعي القمامة غير الرسمية.

يقول حسين عبد- جامع قمامة آخر- "وجدت هذه السراويل الزرقاء الجميلة التي أرتدي واحدة منها في القمامة. وأيضاً هذا الحذاء. كان جندياً في الجيش العراقي. بترت ساقه في حرب الكويت. يركب حماراً للقيام بعمله. ويقول: هذا هو الطريق الوحيد الذي يمكنه من كسب المال لأسرته. "السلطات البلدية تعرف بأننا نجد أشياء ذات قيمة. من هنا تفرض ضريبة علينا لأخذ حصتها."

ومن المثير للاهتمام، أن العاملين في جمع النفايات يصلون دائماً متأخرين، بل وأحياناً لا يأتون. من هنا أخذت العائلات الثرية تستقبل ضيوفها لجمع قماماتها.

بعد سنوات من التعامل مع صناديق القمامة للعائلات الثرية، صارت وجوه العديد من العاملين مألوفة لدى هذه العائلات "البعض منهم يعطوننا الآن الطعام أو الملابس المستعملة، وأحياناً يطلبون منا أن نقوم لهم بأعمال لا يريد آخرون القيام بها." ويذكر صباح مفتخراً "إنهم يثقون بنا."

"في علب القمامة، نجد أشياء متنوعة." حسب زارا (20 عام)- من العائلات العراقية المهجرة الذين يعيشون في الأحياء الفقيرة بضواحي البصرة. ذكرت أنها جاءت من بغداد قبل ست سنوات، وحالياً، "تشكل القمامة مصدر لقمة عيشها وأخواتها." أكياس الرز، الدقيق، العدس، الخبز الجاف، وأواني المطبخ، ( من النفايات)، ساعدتنا البقاء على قيد الحياة. وإذاً كنا محظوظين، يمكن أن نجد بعض النقود. وأحياناً نوفر قدراً من المال في اليوم الواحد من النفايات تعادل ما تدفع لنا الرعاية الاجتماعية في شهر."

"ما نحصل عليه هنا أفضل بكثير من وعود الحكومة لنا." هكذا تستنتج زارا قبل أن تعود إلى البحث عن كنزها المدفون في أكوام قمامة البصرة.
ممممممممممممممممممممممممممـ
One man’s rubbish: Basra’s poor fight for wealthy neighbours’ garbage,Saleem al-Wazzan,uruknet .info,December 15, 2013.

ترجمة: عبدالوهاب حميد رشيد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع