الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن يوسف النجار – في زمن الميلاد

نضال الربضي

2013 / 12 / 18
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف


ننظر اليوم بعين الحب و الاحترام الكبيرين ليوسف النجار، ابن عم سيدتنا مريم العذراء، النجار الصامت المُختبئ، الخادم بدون صوت بدون جلبة بدون صراخ، الوديع الهادئ، المنسي في حياة كثير من المسيحين،

يوسف القديس الحبيب رجل ٌ مدحه الكتاب المقدس بكلمة واحدة فقط، كلمة كبيرة جدا ً تُغني عن أي كلمة أُخرى، فيوسف الرجل الشرقي اليهودي المُلتزم بالناموس و التوراة و عندما وجد سيدتنا مريم العذراء حاملا ً و لم يكن يدري وقتها من في أحشائها، لم يقبل على نفسه ما ظنه، لكنه أيضا ً لم يثر، لم يغضب، لم يضرب، لم يكسر، لم يحمل خنجرا ً ليذهب و يبقر بطن الأم البتول، لم يأخذ السيدة العذراء إلى الكهنة ليرجموها، لم يفضح أهلها. ماذا فعل؟

يقول الإنجيل المقدس "و كان يوسف زوجها بارا ً" نعم يقول عنه الكتاب المقدس "باراً" ثم يكمل فيقول "فعزم على تخلية أمرها سرا ً" أي أنه أراد أن يعيدها بهدوء إلى بيت أبيها. تخيلوا معي ما أصعب هذا العمل على رجل ٍ يهودي شرقي يعيش في مجتمع رعوي قبل ألفي عام، هذا الرقي في الفعل، هذه الرؤية، هذه العزيمة الطاهرة المباركة، هذا "البر" الذي يشهد له الكتاب المقدس نفسه.

قلب هذا القديس مسكون بالروح القدس، ضم الأم البتول إلى بيته و اعتنى بها حتى ولدت السيد و تمم واجبات الشريعة و قام بتربيته و تعليمه و الاعتناء به، حتى أنه لم يُهمل في تعليمه صنعة النجارة حيث يذكر الإنجيل المقدس أن الناس كانت تتعجب من السيد و تتساءل عن كلامه و تعليمه قائلة ً "أما هذا هو النجار ابن يوسف؟".

في زمن الميلاد حينما نُخبر أطفالنا عن الملاك المُبشر و الولادة العجائبية و مريم و يسوع يجب أيضا ً أن نخبرهم عن يوسف، الذي عاش بصمت، و مات بصمت، و خدم ما بينهما بقوة و فاعلية لكن أيضا ً بصمت. يجب أن نخبرهم عن رجولة يوسف و حكمة يوسف و وداعة يوسف.

معنى اسم يوسف بالعبرية "يزيد" و هو حقا ً يزيد على كل الرجال في الرجولة و العظمة و الخدمة، هذه التي يعرف هو معناها الحقيقي في استسلامه لله و إدراكه لحكمته و مسيره ِ حسب البرالذي نفهمه بأنه السلوك حسب الفكر و الفعل الإلهين. كم من أشباه رجال في مجتمعاتنا العربية لا يترددون في تسديد الطعنات و تمزيق أجساد أخواتهم أو أمهاتهم أو زوجاتهم لمجرد الظن و الشك أو انتقاما ً للشرف، و لا يعرفون أن الشرف هو في الحياة و الفعل المُستدام و ليس بين الأفخاذ و فوق الأسرِّة.

درس ٌ آخر من إنجيل الحياة، من الزمن الميلادي!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - القديسين والشهداء الحقيقيين
مروان سعيد ( 2013 / 12 / 18 - 18:28 )
تحية لك وللجميع
وكم ننسى القديسين الابرار الذين وقفوا وقفة عظيمة واطاعوا حتى الموت في سبيل الكلمة ومنهم البار يوسف النجار
واذكر ايضا ابائنا الشهداء الذين فضلوا الموت بحلبات الاسود ولم يتخلوا عن ايماناهم
والان يتكرر المشهد بمعلولا لقد قتلوا ثلاث شباب مسيحية بسبب عدم التخلي عن ايمانهم وعدم الاعتراف بعقيدة الشيطان
نعم اخي المسيحيين ضحوا كثيرا وعانوا الامرين من دفع للجزية والاهانات لكي يثبتوا في الكلمة ويوصلوها لنا كي نحيا بها ونرويها لااطفالنا
وجزيل الشكر لك على هذه المقالات الميلادية
وكل المودة للجميع


2 - إلى الأستاذ مروان سعيد
نضال الربضي ( 2013 / 12 / 19 - 03:53 )
يوما ً طيبا ً أتمناه لك أستاذ مروان،

معلولا هي شاهد ٌ آخر على وحشية العنصرية و تنافيها مع الإنسانية بجوهرها الواحد الذي يعبر عن نفسه متنوعا ً في الثقافة و الدين. ما زلنا هنا و سنظل، لا تستطيع مجموعة قتلة و لصوص إنهاء الدولة السورية و الإنسان السوري و الوجود المسيحي. و شبابنا فدى أوطانهم، هي ضريبة نقبلها، و الرب الصالح يرى و يُجازي.

شكرا ً لك على كلماتك الطيبة و أنا سعيد بحضورك.
أهلا ً بك دوما ً.

اخر الافلام

.. نساء مغربيات تروين المشاكل الناتجة عن مقتضيات مدونة الأسرة ا


.. استشاري العلاقات محمد دسوقي: الرجل يحب الراحة أكثر من المرأة




.. استشاري العلاقات محمد دسوقي: المرأة المطلقة هي الأنجح في الم


.. الفرق بين طريقة تفكير الرجل والمرأة عند خيانة شريك حياته!




.. دعماً لغزة... ناشطات لبنانيات تقاطعن احتفال بمناسبة -عيد الا