الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عم مُختار المكوجي

محمد حسين عبدالعزيز

2013 / 12 / 18
حقوق الانسان


الأحد، 28 يوليو، 2013

عم مٌختار المكوجي : ذكريات من مشهد عنصري
أسكن في منطقه شعبيه من الطراز الأول تٌعرف بالمطريه. أبطال هذه الذكري هم ثلاث اشخاص
عم مختار المكوجي, عم سيد البقال, أحمد المعروف حاليا بالشيخ أحمد

احمد كان من أرباب النواصي ومحترفي المعاكسات والتحرش
واتخذ من قارعة الطريق مسكنا له , لا يراعي حٌرمه ولا يأسف لعرف ولا يأبه لتقاليد
تم القبض علي هذا الأحمد في قضيه أخلاقيه وبعد ما عاد من السجن تحول بنسبة مائه وثمانون درجه فمن محترف للصياعه
إلي شيخ سلفي قُح, الجلباب القصير, الزبيبه البارزه, الطاقيه البيضاء
وتصدر المشهد الديني وكأنه من الاولياء الصالحين , وصار كل كلامه عباره عن اكلشيهات ومواضيع تعابير
" ربنا قبل التوبه, الواحد كان عايش في جهل, ربنا بيحبني"

كل هذه التفصيلات حكاها لي والدي وأخبرني عن تفاصيلها كما أخبرني عن عم ملإختار المكوجي ذلك الرجل العصامي
" اللي جه المطريه من أيام ما كان بيسرح فيها أبو قردان
رجل مثال للعصاميه والإجتهاد بني فعلا نفسه بنفسه من البؤجه إلي 4 محلا للتنظيف وغسل وكي الملابس
... هكذا أخبرني أبي عندما كنت أسئله عن عم مٌختار المكوجي


كان بيجيب جلبايه كبيره ويربطها من النص عقدتين ويحط فيها عصايا ويدور يلف علي البيوت يلم الهدوم اللي عايزه تتكوي في مقابل مادي زهيد بالنسبه لنا مناسب أيامهم وهو الخمسه ساغ

رغم كونه من مسيحيا إلا إنني لم ألاحظ ذلك أبدا فكان يتصرف بمنتهي الطيبه والأريحيه ويردد دائما إحنا كلنا إخوات

وفي يوم من الأيام إستيقظت علي صراخ يأتي من بيت جارنا, عم سيد البقال " وهو محل بقاله شهير جدا ف منطقتنا ,يعمل اربع وعشرون ساعه"
فتحت عيني ونظرت من النافذه فلاحظت جمهره, ورجال كُثر يقفون أمام المنزل, وسيدات تتوشح بالسواد , داخلين خارجين من البيت

" بنت عمك سيد البقال ماتت"
هكذا ردت أمي علي, من قبل أن أسألها وكأنها لاحظت الرغبه العميقه في معرفة السبب, ولم تشأ أن تتركني فريسه للحيره

حينها لم أكن اعرف ما هو الموت, لكني حينها عرفته بأنه من الأيقونات العبثيه في دنيانا, فما ذنب طفله لم تتجاو ال 3 أو أربع سنين أن تموت, خصوصا ان هناك منمن يحيون بيننا من بلغوا أرذل العمر ؟
ما ذنب طفله صغيره في أن تموت في برائتها , بينما امثال الشيخ أحمد من محترفي القذاره والتاريخ المهبب يحيون ويتمتعون
إستوقفتني عبثية المشهد. لكني إكتفيت بطرح الأسئله فقط في رأسي


وقف عم سيد في وجوم, يُربع يداه علي صدره ويكتفي بالرد علي المعزيين بهز رأسه. وخرج النعش من المنزل
وهنا إلتحم الناس يحاولون حمل النعش, رأيت حينها عم مٌختار المكوجي يهرول مُسرعا
لاقيت عنم مختار جاي بيجري, شق الصفوف حاول النصوص للنعش ومد إيده عشان يشيله علي أكتافه
وهنا خرج الصوت الجهوري في منتهي الصفاقه والبجاحه

" أخرج برا, غور في داهيه, إنت متمشيش في جنازه فيها مسلمين

صاح الشيخ أحمد في عم مُختار المكوجي


الغريب في الأمر, أن الرجل لم يشأ من الأمر كله سوا مواساة جاره والوقوف بجانبه في موقف صعب, عملا بمبدا العرف
وتماشيا مع التقاليد وإحتراما لحقوق الجيره
عم سيد البقال أبو المتوفاه , لم يجزع أبدا منه, لم تبدوا عليه أي علامه من علامات الإشمئزارز او الرفض

مش عارف, يمكن عشان المشهد نفسه, يمكن عشان الظرف اللي حاصل, يمكن عشان طبيعة الموقف. لم يتكلم ولم يحاول أن يحسم الأمر

تًصًرُف في منتهي الأريحيه والمسالمه, تم وأده بمنتهي الصلف والغباء علي يد من كانوا أبدا " ملوك اكثر من المالك

أزاح الشيخ أحمد عم مختار بيده بعيدا, مٌكررا كلمته السافله إنت متشيعش جنازه فيها مسلمين
... عرفت فيما بعد ان هذا عملا من منطلق عقيدة الولاء والبراء
التي أراها الآن عقيدة النبذ والخراء

بكي عم مختار وكأنه طفل, مشيرا بيده, حرام عليك يا شيخ احمد, حرام عليك
دي بنتي, دي بنتي
قوبلت كلماته الممتزجه بدموعه بصمت المشيعين, الذين لم يلتفتوا إليه أصلا, لنفس السبب المذكور أعلاه
وبالإبتسامات وفشخ الحنك من فم هذا الأحمد

أخذ الرجل ركنا بعيدا وإنزوي في دموعه, وبعد ما كان يُزاحم ليحمل النعش علي كتفه, تأخر حتي وصل إلي آخر الجمع المٌشًيع, ما أن وصل إلي دكانه, حتي إنسل في هدوء عائدا إلي محله

وظلت القافله تسير, لتشيع الجُثمان إلي مثواه الأخير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التدين
ماجدة منصور ( 2014 / 5 / 15 - 11:24 )
إن الأديان و التعمق فيها و العمل بمقتضى تعاليمها...تجعلنا نتوحش و ننبذ الآخر..لا بل تجعلنا نبتعد عن جوهر إنسانيتنا.0
التدين يجعلنا منغلقين على الآخر لا بل كارهون له...القصة التي أوردتها خير دليل على كلامي.0
عندما كان أحمد حرامي و صايع..كان إنسانيا أكثر.0
التدين يجعلنا غير إنسانيين و مهما كان نوع الدين الذي نعتنقه.0
لك احترامي

اخر الافلام

.. زعيم المعارضة الإسرائلية يحذر نتنياهو: التراجع عن الصفقة حكم


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - مسؤول الأغذية العالمي في فلسطين:




.. تغطية خاصة | إعلام إسرائيلي: الحكومة وافقت على مقترح لوقف إط


.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بقبول مقترح -خارطة الطري




.. آلاف المجريين يتظاهرون في بودابست دعما لرئيس الوزراء أوربان