الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المستقلون بين الإحتواء والتسقيط..!

سنان أحمد حقّي

2013 / 12 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


المستقلون بين الإحتواء والتسقيط..!

تواجه كثير من الشخصيات المستقلّة محناً متعدّدة ما دامت المكونات السياسيّة على اختلافها ترغب في طيّ الأرض من تحت أقدام كل الواقفين على خشبة المسرح السياسي والثقافي وخصوصا اولئك الذين يمكن أن يلعبوا أيّ دور في المرحلة الحاليّة شديدة الصعوبة من تاريخ بلادنا الغالية
فمفهوم الإنتماء قد جعله كثيرون ضيّقا إلى حد بعيد وذلك بسبب كثير من الممارسات التي حصلت في البلاد في تاريخها السياسي المعاصر .
إن أي مواطن معني بالحياة السياسيّة وهذا لا يشترط الإنخراط في المكونات القائمة او أيّ منها لكي يستطيع أن يلعب دورا وطنيّا ، فالكل يريد من خلال خطابه السياسي أن يخترق التمحور الطائفي والتحليق في الفضاء الوطني ولكننا في الواقع نعيش حالة بعيدة جدا عن هذا التوجّه الوطني فنجد ان أي مكون عندما يجد ان احدا يحاول إختراق حالة التمترس الطائفي أو الحزبي يتعرّض إلى التسقيط مالم يكون ممكنا إحتواءه من قبل إحدى الأطراف أو المكونات.
إن البلاد تعيش الحالة المشار إليها منذ عام 2003 والزعماء السياسيون يصمون آذانهم عن الحوار الحقيقي ويرغب كل طرف الوصول إلى نتائج حاسمة عن طريق الأعمال المسلّحة وانقضت كل تلك السنوات والجميع مشغول بالحلول المسلّحة دون جدوى ، مع تفاقم الأزمة الخدميّة وتفشي الفساد وارتباك الأوضاع في اكثر من جانب
ما العمل؟
لا شك إن إختراق هذه الحالة من الأهميّة بمكان ، ولكن التعرّض لها لم يجرِ بثبات وجديّة تناسب الأوضاع ونقطة البدء ولا شك هي تفعيل دور العناصر المستقلّة المقبولة من أطراف مختلفة لكي تلعب دورا مفقودا على خشبة المسرح السياسي وتشجيعها على القيام بمثل هذا الإختراق في بناء علاقات شخصيّة مع كوادر مختلف المكونات والحوار غير المشروط معها بهدف بناء الثقة بين الجميع ونقل وجهات النظر وتبادل الآراء وتقريب اللقاءات غير المتشنّجة رغم صعوبة الأوضاع بسبب الكثير من الممارسات السلبيّة السابقة والتي قامت على إكراه المواطنين بالإنتماء والإصطفاف خلاف إرادتهم وبطرق تخرج عن السياق السياسي والأخلاقي .
ولكن المكونات والأطراف السياسيّة ولا سيما المسلّحة منها لا تفتأ توصم كل من يُحاول السعي لإنجاح هذا الإختراق بالخيانة والعمالة والعمل لصالح هذا الطرف أو ذاك وبالتالي إمّا التسقيط عن طريق هذه الأساليب المكشوفة أو السعي لاحتواء الأطراف المستقلّة التي تحاول هذا المسعى بهدف إدامة الأحوال القلقة والمتردية لا سيما في الجانبين الأمني والسياسي .
إن البلاد هذه الأيام تقبل على موسم الأنتخابات البرلمانيّة وتشتدّ المنافسة وتزداد حمّى الكراسي وكسب الأصوات ، ولهذا فإننا نرى أن العناصر المستقلّة تكتسب أهميّة كبرى في خفض درجة حرارة هذه الحمّى
ولا يجب ان تكون عقول أبناء شعبنا الذي جرّب أساليب مختلفة للنضال قاصرة عن إدراك مهمة مثل هؤلاء الغيارى والوطنيين الذين يمكن لهم أن يخترقوا التخندق الطائفي والحزبي المتنوع عن طريق إقامة علاقات شخصيّة مع مختلف الشخصيات ومن كل الإتجاهات ، فهذه أمور معروفة ونزيهة ولا تنطوي على أية نوايا سيئة تخرج عن السياق الوطني ، كما أن الأحوال الأمنيّة تعيش تصلبا من جميع الأطراف المسلحة مع الحكومة ومعلوم أن إستبدال لغة السلاح بلغة الحوار يصب في صالح شعبنا بالتأكيد ويُجنّب قواتنا المسلّحة كثيرا من التضحيات والخسائر كما يُجنّب أبناء شعبنا كثيرا من التضحيات والخسائر في الأرواح البريئة والأموال ، إنني أعتقد أنه آن الأوان أن ننتقل من حوار المتقاتلين إلى حوار السياسيين والدبلوماسيين وان نبحث عن حلول للصراعات القائمة بلا سلاح ، وهذا لا شك يتطلب عملا كبيرا وبدلا من البحث عن وسطاء من خارج البلاد فإن العناصر المستقلّة يمكن لها أن تلعب دورا متعاظما وكبيرا ولكنه يتطلب أيضا تفهما من كل الأطراف في الكف عن محاولات تنظيف الساحة السياسية منهم بالإحتواء او التسقيط ، وفسح المجال لهم بالعمل وإقامة علاقات طبيعيّة مع العناصر والكوادر المختلفة والكف عن إعتبار من ليس معهم أعداء.
إن البلاد تجتاز مرحلة حرجة وخطيرة ولكل مكون وحزب وكتلة سياسية مطالب ولكنهم لم يستطيعوا أن ينخرطوا في حوار مناسب طيلة السنوات العشر الماضية رغم كل الجهود التي تم بذلها من قبل أطراف مختلفة ولهذا فإن فسح المجال للعناصر المستقلّة في لعب الدور المؤهلة له يُعدّ مطلبا وطنيا .
وعلى كل عنصر مستقلّ ممن يمتلك صلات وعلاقات طيبة مع كوادر أو عناصر أي مكون سياسي أو حزب ان يُفعّل صلاته وعلاقاته بهدف إقامة حوار مناسب بين مختلف المكونات السياسية وابتغاء بناء الثقة وتبادل وجهات النظر .
لقد كنت اشرت في مقال سابق إلى أهمية قيام جهة حتّى ولو كانت خارجيّة لقيادة حوار حقيقي بين جميع الأطراف ولكننا بعد أن شاهدنا كيف أن القوى الكبرى والعالميّة تنتهز فرص قيام نزاعات مختلفة لتقوم بحل مشاكلها مع بعضها البعض ولا تسهم في حل الأزمات القائمة ولا تكترث لها بل ربما تعمّقها وتعطيها بُعدا دوليّا وهذا ما أشرنا إليه في مقالنا السابق الآخر حول أضرار التدويل .
ولهذا فإن الخيار المطروح الأمثل اليوم هو فسح المجال للعناصر المستقلّة وطنيا للقيام بالدور المطلوب في إحياء وتأسيس حوار حقيقي بين مختلف الأطراف والمكونات .
إن الحفاظ على إستقلاليّة بعض العناصر الوطنيّة يتطلّب شجاعة ووعيا عاليا أعمق بكثير من الإنتماء لأي طرف سياسي أو مكون حزبي ولا ياتي من الفراغ بل من خلال ثقافة وموقف راسخ فضلا عن نضال مستمر وعقائدي فلا يظنّن أحدٌ منّا أن هؤلاء المستقلّين يمكن تهميشهم بسهولة وان السخرية من قدراتهم سذاجة بعيدة ولذلك فإنه من المهم جدا ان يُفسح المجال واسعا لهم في القيام بالدور المطروح في مقالنا هذا وهذا أيضا من شانه أن يُلطّف الجو السياسي الغارق بالإستقطاب الطائفي والإحتراب الأهلي .
المستقلون الوطنيون هم البداية
هم نقطة الإنطلاق
هم الوسطاء المقبولون
هم المحكّمون المحتملون في الأزمة المزمنة في البلاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الصديق العزيز سنان أحمد حقي
فؤاد النمري ( 2013 / 12 / 18 - 17:55 )
عزيزي أنت تقول ..
- الحفاظ على إستقلاليّة بعض العناصر الوطنيّة يتطلّب شجاعة ووعيا عاليا أعمق بكثير من الإنتماء لأي طرف سياسي -
وأنا أوافقك في النظام الدولي القائم وليس في العراق فقط
لكنني أرى أن المستقلين وكما تفضلت حضرتك لا يتخذون هذا الموقف من فراغ لكن ليس بوعي كامل
النظام الدولي القائم يحول دون تقدم كل البلدان إلى نظام إجتماعي متطور ومستقر
ولذلك ترى الأحزاب الدينية قوية وغير الدينية تتبنى برامج غير واقعية وترى أيضاً المستقلين أكثر وعياً لكنهم يفتقدون أي برنامج تنموي
ليس هناك سبيل للتقدم وستظل مختلف شرائح البورجوازية الوضيعة في عراك لتولي السلطة


2 - إلى الأستاذ الكبير فؤاد النمري العزيز والصديق
سنان أحمد حقّي ( 2013 / 12 / 18 - 19:33 )
تحيّة صادقة وبعد
أوافقكم الراي فيما يخصّ التحليل العام للوضع السياسي وأمّا فيما يخص المستقلّين وموقفهم وخلوّه من موقف تنموي فأعتقد إنه يعود إلى وضع الحريات العامّة والإعلام وما اشرنا إليه في مقالنا المتواضع بشأن ما أسميناه طي خشبة المسرح السياسي من تحت أقدام المستقلين وتعرّضهم إمّا للإحتواء أو التسقيط وبشكل متواصل لسنين عديدة وأظن أن وضعهم سيتغيّر بتغيّر حال الحريّات العامّة وحريّة الراي والمعتقد ، او عند توفّر الشروط الموضوعيّة لإحداث تغيير ولو محدود بهذا الإتجاه ، إنني أطالب بتفعيل الحوار واستشراف النوايا والآراء بشكل عملي وواقعي ولا أقترح أية رؤى جاهزة
تحياتي وتقديري العالي ، ويُشرفني مروركم

اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا