الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة مفتوحة الى اتحاد الكتاب العراقيين في لندن: السكوت عن الجريمة، مشاركة فيها!

نادية محمود

2002 / 11 / 16
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


رسالة مفتوحة الى اتحاد الكتاب العراقيين في لندن:  

السكوت عن الجريمة، مشاركة فيها!

 

عقد في لندن نهار اليوم الاحد المصادف 10-11 اجتماعا لاتحاد الكتاب العراقيين حول "المثقف العراقي و قضية الحرب". لم يسفر الاجتماع عن اي موقف واضح من الحرب، و لم يصدر اي بيان بهذا الصدد.

 

لم يكن شيئا خارقا للعادة ان لا يجري الاتفاق على قضية سياسية ساخنة.  فالمثقفون ليس فئة واحدة موحدة، خارج او فوق الصراع الاجتماعي الجاري. بل استنادا الى تموقعهم الاجتماعي و درجة انسجامهم و تطابقهم مع مصالح الجماهير في العراق، ينقسمون و يعبرون عن اتجاهات عديدة و متباينة.

 

الا انه لا بد التذكير للحقيقة و للتاريخ ببعض الحقائق. حيث انه يبدو و بعد احداث 11 سبتمبر و ادعاءات امريكا بانها سـ"تسقط النظام" في العراق، و انها سـ"تجلب الديمقراطية" قد انطلت على البعض، و علق بعض المثقفون اوهاما عليها، في محاولة متعمدة للنسيان و فقدان الذاكرة، حول دور امريكا العالمي لا في ايام الحرب الباردة، بل في "النظام العالمي الجديد بزعامة امريكا".

 

 هل سنحتاج الى التذكير بان امريكا هي الدولة الوحيدة في العالم من استخدم الاسلحة النووية، في هيروشيما و ناغازاكي؟. امريكا التي جلبت و دعمت و قوت و مولت الديكتاتور صدام حسين في وقت كانت الجماهير في العراق تناضل يوميا، ويزج المئات في السجون دفاعا عن الحريات السياسية و حرية التعبير عن الرأي و العقيدة. امريكا التي قامت بفرض ابادة جماعية في عشر اعوام من الحصار، لانهاك و تدمير كل تطلعات الجماهير في العراق. حين كنا نناضل ضد الانفال و استخدام الاسلحة الكيمياوية و ضد القمع و الارهاب الفاشي لحليفهم صدام حسين، كانت امريكا ذاتها، من قدم الدعم للنظام. كما دعموا و مولوا و سلحو مجاهدي طالبان، حتى يوم 11 سبتمبر!

 

لقد جرى التصفيق لحرب الخليج عام 1991  لتغيير النظام ولجلب الديمقراطية و احترام حقوق الانسان. و برر الحصار الاقتصادي  بانه سيضعف النظام و سيشحن الطاقة الثورية لجماهير العراق، حتى باتت هذه الحجة من الهزالة بحيث لا يمكن لاحد الدفاع عنها. و اليوم تأتي تهديدات اميركا بشن الحرب، كوسيلة لانقاذ الجماهير من الديكتاتور صدام! ان هذه الحرب، هي هجمة من قبل ارهابي على اخر، احدهما اكثر قذارة و دموية من الاخر. و على مذبح صراعهما ونزاعاتهما دفعت و تدفع الملايين في العراق ثمنا من حياتها.  و على هذا المذبح، لا يستطيع المثقف العراقي في اجتماع لندن للمثقفين ان يتخذ موقفا، مع من يقف؟!

 

وقف المثقفون في العراق، في ادبياتهم و قصصهم، التي كان يجري استنساخها و توزيعها كمناشير سرية، لتعبر عن ماسي الحرب و اعمق و اجمل تطلعات الانسان بالامن و السلام. كان كتاب رصيف 2000، الجمع الذي اخترق كامل ديكتاتورية، و بقي وزير الثقافة عاجزا عن فهمها و اجهزة الامن عن تطويقها! هم الصوت المعبر عن تطلعات الجماهير المناهضة للحرب.

 

ان فرض حرب جديدة على الجماهير في العراق، لن يدفع ثمنا لها الا الجماهير نفسها. اسقاط مئات الاف من الاطنان من القنابل على المدنيين العزل المبتلين بنظام صدام و سياساته، قصف المدارس و المستشفيات على رثائها الحالي نتيجة الحصار. تعطيل كل ملامح الحياة الطبيعية في العراق، انما جرى  و يجري و سيجري فقط لاجل المصالح الاميركية.

 

ان لم يع المثقف في العراق حجم الكارثة القادمة، و حجم الابادة القادمة من قبل امريكا، لتتم مرحلته الثانية في  حربها الارهابية "ضد الارهاب" لتصفي و تضع فصول الختام لملف مفتوح لاحد عشر عاما. ان لم يع المثقف خطورة المرحلة التاريخية التي نمر بها على الصعيد العالمي، بعد احداث 11 سبتمبر سيئة الصيت، ان لم يعي العنجهية الاميركية المجددة ليس ضد الجماهير في العراق، بل في العالم اجمع، ان لم يعكس في قصيدته وشعره و نثره و خاطرته و موسيقاه و روايته و خطابه موقفا انسانيا لا لبس فيه ضد الابادة المستمرة و القادمة ضد الجماهير. فيا لبؤس ثقافته!

ان جبهة انسانية عظيمة ومترامية الاطراف في العالم تقف ضد حكومة بوش و بلير.هذه الجبهة الممتدة من سيدني الى فلورنسا ومن لندن الى طوكيو، و في العديد من العواصم العالمية، لم نجد المثقف العراقي واقف في قلبها! ان هذه الحركات ليست حركات دونية كما عبر عنها احد الحاضرون. بل حركة عظيمة تعيد الى الاذهان الحركات المعادية للتمييز العنصري في جنوب افريقيا، ضد الحرب الفيتنامية. ان هذه هي جبهتنا التي لا تركع امام سياسة الفاشية اليمينية الاميركية الحاكمة في البيت الابيض. و تتخذ موقفا لا يليق الا بجسارة انسان هذا القرن، ضد الوحشية الغربية و البربرية الاميركية لفرض " نظامها العالمي الجديد" على منافسيها، اوربا الموحدة و اليابان.

 

ان الحرب و الدمار ليست مصيرا حتميا على البشرية. اننا نناضل لاننا نستحق العيش بعيدا عن الفاشية الاميركية. ان نضالنا ابتدأ منذ الايام الاول لمجيء صدام و حزب البعث للسلطة، الذي دشنوه بقمع و قتل عمال الزيوت المضربون بعد اشهر قلائل من وصولهم للسلطة، و النضال متواصل، لجأ النظام الى كل ما لا يمكن ان تتخيله مخيلة البشر من اجل كسرة شوكة نضال الجماهير، الا انه يتواصل. لم يلجأ النظام الى قطع الرؤوس و قطع الالسن من فراغ. انه رد على مقاومة الناس، و التعبير عن رفضهم للنظام. هذا النضال الذي لا تمتلك امريكا لا ناقة و لا جمل فيه.

 

ايها الكتاب و المثقفون في اتحاد الكتاب العراقيين. ان ما يخطط لجماهير العراق، تحت ذريعة تطبيق المواثيق الدولية انما هي جريمة تاريخية كبرى. و لن تقوم امريكا بعملية قيصرية او ستعجل سير التاريخ، بقصفها لجماهير العراق، بقدرما ستفرض سيناريو لا يقل شراسة عن سيناريو الاحد عشر عاما الاخيرة.. ان السلبية و عدم اتخاذ موقف هو موقف بذاته، ترك الحبل على الغارب لكل رأي، و عدم اتخاذ موقف جسور وانساني، انما هو مشاركة في الجريمة. لم يكن هنالك رأي و رأي اخر في الموقف من هتلر، و اصبح الدفاع عنه، امر يثير الاشمئزاز في العالم. وبالدرجة ذاتها يصح على بوش الابن.

 

بامكاننا ان نخط تاريخا جديدا للبشر، بامكاننا ان نقاوم الحروب والارهاب، بامكاننا ان نعيش بامن و سلام. علينا ان نتخذ قرارنا!

 

لنسقط السياسات الاميركية  الداعية للحرب ضد جماهير العراق.

 

 

نادية محمود

 

عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي العراقي.

 

10-11-2002








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا تقر بحصانة ترمب عن أفعاله الرسمية في نطاق صلا


.. الدكتور خليل العناني: ليس هناك رؤية أمريكية واضحة بما يتعلق




.. هاجم من وصفهم بالقيادات “القذرة والإعلام الذي يزيف الحقائق”.


.. مسلحون يقتحمون ويحرقون مقر الوالي التركي في عفرين




.. الإمارات.. قوةٌ استثماريةٌ تُهددُ نفوذَ أوروبا في إفريقيا #ب