الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يحدث في سوريا؟

إدريس نعسان

2013 / 12 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


تنوعت التكهنات حول نهاية الثورة السورية و أختلف المحللون كثيراً حتى ضاعت التحليلات في متاهات التحولات الكثيرة و المفارقات المضللة، لأنها و كما قال عنها أقطابها الرئيسية "المعارضة و النظام" هي لا تشبه غيرها من الدول التي شهدت ثورات قبلها، و لن تشبه ما يليها، لكن لم يقل أحد لماذا لا تشبه غيرها و إن أشاروا إلى بعض ما يميزها، فالحقيقة التي ربما لم يكترثوا لها، أن المعارضة السورية لا تشه معارضات الآخرين و أن النظام لا مثيل له في العالم لا من حيث السلوك و لا من حيث التركيبة الفريدة من نوعها.

فالمعارضة التي تقسم إلى شقين، الشق الداخلي و بمعظمه يملك تاريخاً نضالياً طويلاً و محكوميات مديدة في سجون النظام، لكنها و بمعظمها أيضاً تفتقر إلى القاعدة الجماهيرية المتينة و جلها شخصيات فقط لا تمثل إلا ذواتها أو بضعة أناس حولها، طبعاً حدث ذلك باستراتيجية ممنهجة من ممارسات النظام الشمولي البعثي لإنهاكها و بتر جذورها و أغصانها، و هذا الشق استبعد من أجندات و حسابات الدول الإقليمية المحسوبة في خانة أصدقاء الشعب السوري كما يجري تسميتهم، لأنها لا تشارك في هدم بنيان الوطن كونها تعي عواقب ذلك، لانها تعرف النظام جيداً و تعرف تركيبة المنطقة و لأن تاريخها النضالي يضعها أمام مسؤوليات تاريخية تفرض عليها التحلي بالواقعية لا أكثر و لهذا فهذه المعارضة كانت دائماً خائنة و عميلة في نظر الشعب المحكوم بالتعبئة الإعلامية المواكبة لغايات و اهداف أصدقاء الشعب السوري أنفسهم و الشق الخارجي، بمجمله وليد الثورة، يعتمد على اجندات خارجية و مراهنات إقليمية أو طائفية و إن اجتمعت في أطر جامعة فليس إلا بدفع ممن يمولها، أي أن أطرها هشة و وقتية و ستتلاشى بمجرد اختلاف الممولين فيما بينهم أو تحول الصراع إلى مرحلة الغنائم و المحاصصات، و هذا ما يحدث فعلياً، فالخلافات إما تكون مستوردة أو حيال مصالح تتعلق بحصص السيادة القادمة دون التركيز على إسقاط النظام أولاً كما يدعون عبر وسائل الإعلام و هذا ما يعطل المعراضتين حتى اللحظة الراهنة.

و لذا فإن قوى الثورة العاملة على الأرض و خاصة الشبابية منها، بقيت بلا مقود ناضج، يمتلك خبرة و دراية بقراءة الواقع قراءة صحيحة، فأستطاع النظام الولوج إلى الثورة عبر مندسين حقيقيين أو عبر دفع الأغرار إلى أرتكاب التسليح بإعطاءهم المبرر حين أطلق الرصاص على المتظاهرين العزل مرات عديدة، لأنه كان يعي تماماً أن سلمية الثورة تنخر في عظامه سريعاً و ترسم نهايته خلال فترة وجيزة، فأنزلقت الثورة عن مسارها تماماً و تحولت من هتافات الحرية و الكرامة إلى بازار لتجار الأزمات، و إلى مسرح لصراع الأجندات، ليس للشعب السوري فيها إلا فواتير القتل و الدمار و النزوح و اللجوء الباهظة، و في مقتليه حسرة و حيرة لماذا لا يستنجدني العالم؟

ربما الإجابة على هذا السؤال تتطلب فهم سلوكيات القوى العظمى الصديقة للشعب السوري كما تدعي، فهذه القوى هي التي خانت الشعب السوري و هي التي راهنت على مصالحها و تفاهماتها على حساب النزيف السوري، مرتهنت تحركاتها بتفاهمات المعارضة السورية و توحدها و هي مطمئنة من عدم وحدتهم، لأنها كانت إحدى أسباب شقاقها، لهذا تأخر الحل و أنقلبت الموازين و تأرجحت الشرعية و اللاشرعية مراراً بين النظام و المعارضة لتستقر الشرعية في صالح النظام أخيراً و ليفوز بشار بثقة المجتمع الدولي في النهاية كونه الخيار الأقل سوءاً من بين الخيارات المطروحة لحل الكارثة السورية، و لهذا أيضاً نجدهم مرة يقزمون الثورة السورية في تنازل النظام عن سلاحه الكيماوي و أخرى في ضعف الجيش الحر و سطوة المتطرفين على الساحة السورية، ليشرعنوا إبقاء جزء كبير من النظام في معضلة الحل القادمة، و هكذا نستطيع القول أن الثورة السورية ولدت في الخارج و ستموت بأيادي الخارج، إلا الثمن محلي بأمتياز!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب