الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراسة : أثر الفكر الماركسي أو الحزب الشيوعي العراقي في ثقافة العراقيين للمدة 1920 - 14 تموز 1958

مؤيد عليوي

2013 / 12 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


لقد امتدتْ تسعة عقود ونيف على دخول الفكر الماركسي للعراق شهدت خلالها الأيام الأولى نشأة الحزب الشيوعي ثم مرحلة تأسيسه في 31 / 3 / 1934 على يد نخبة وطنية ( فهد ،ساسون دلال ،حازم ،صارم )،عرفناها جميعاً حملت مبادئ وطنية وديمقراطية من خلال برمناج الحرب آنذاك، ضمن مشروعها الإنساني الاممي الأوسع ، في مناهضة قوى الاستبداد السياسي والاقتصادي - الاجتماعي في العراق ، بمعنى آخر كان العراق قبل دخول الفكر الماركسي ، كان عراقاً يجتر بقايا مفاهيم الفردانية وتقديس الحاكم – كأنه نصف إله – من مخلفات الدولة العثمانية وخلافتها الإسلامية وما حملته من جهل لمجتمع ، وهذه المفاهيم مبثوثة في شعر تلك الحقبة إلى ما قبل ثورة العشرين تحديداً،مع ما جاءت به جعبة الاستعمار البريطاني من مصطلحات من مثل هذا مثقف، أو هذا ينتمي إلى عائلة مثقفة ....، هذه المصطلحات التي أوجدها البريطاني- بعد ثورة العشرين وتنصيب فيصل الأول ملكا- جاءت لبناء منظومة الطبقات الاجتماعية -الاقتصادية على أساس مصالحه الاستعمارية في نهب منظم للثروات من خلال تلك الطبقات، لكن كان الرد الشيوعي ماركسيا عندما وجه الأنظار اجتماعياً للمعلم أي للعلم وليس المثقف الفردي من الأسر البرجوازية بصناعة البريطانيين 1 .
فما قدمه الفكر الماركسي بعد ثورة العشرين يتجاوز ما أنجزهُ في الفن والأدب، إلى الأثر في البنية الاجتماعية وهو مهمل دائماً في اغلب الدراسات العربية ،على العكس تماماً في الدول المتقدمة اليوم ثقافياً وديمقراطيا بعد جهد وتقدم صناعي ووعي بطريقة عيش الحياة اليومية ،فتهتم بالدرجة الأولى في النسق الثقافي اليومي عند أبناء الشعب مثلما تقرأ وتدرس الفن والأدب على أنه أبداع ،،، إذ النسق الأول نسق ثقافي مُنتج مؤثر في الحياة الاقتصادية – الاجتماعية بشكل أكبر وأوسع في إيجاد قيم اجتماعية ،بيمنا النسق الثاني أقل تأثيراً ينحصر على النخب عندنا .
لذا نعتبر للفكر الماركسي أثرا جلياً في تحريك العقل العراقي والعربي وشعوب المنطقة في إيجادها حالة النسق الثقافي الشعبي وهو المتمرد الاجتماعي والاجتماعي – الاقتصادي على حالتين : على القديم الذي تجتره عقول أهل المنطقة بسبب الدولة العثمانية والدولة الصفوية ،، وتمرد على النمط جديد أوجده المستعمر المستغل الناهب للثروات الوطنية آنذاك وما أشبه الأمس باليوم،، وهذا التمرد الإنساني ضد اللا أنساني خلق وأبدع مفاهيم جديدة للحياة منها يجب تعليم البنات التي حاربها العقل القديم وبشدة ، كما منها حق العمال في تحديد ساعات العمل وحق الفلاح في الأرض وهذه حاربها الحكم الملكي- المرتكن إلى مصالح البريطاني ،، كذلك الحرية الشخصية في الفكر والرأي وهذه الأخيرة حاربها العقل القديم و الحكم الملكي وعلى الرغم من ذلك اندفعت الشعوب تنهل من الفكر الماركسي وتزداد تمسك به حتى تبلورت بعض القيم الماركسية في عراق ثورة 14 تموز 1958 كثورة فجرها أبناء الشعب العراقي من المدنيين والعسكر،، ولم يكن اثر الفكر الماركسي بتأسيس الحزب الشيوعي فقط الذي شاركت جماهيره ورفاقه في الثورة، بل في نشر الأفكار الاشتراكية التي أخذت من الماركسية الكثير لكنها اتخذت من الجانب القومي ركيزة في تكوين الأحزاب بدلاً عن الأممية من مثل حزب الوطن الديمقراطي و الاستقلال ، والاشتراكية العربية وحزب البعث الذي تحول إلى فاشستي حاكم فيما بعد، والسبب لأن هذه الأحزاب قامت على أفكار ترقيعيه في بنائها الفكري واغلب قادتها من الطبقة البرجوازية لكن طبعاً قبل 14 تموز كانت اسر وأصدقاء كل من حمل الفكر الماركسي سواء حزب شيوعي أو متأثرين ماركسياً ،او أحزاب اقتطعت جزءا من الماركسية واتبعت نهجا ترقيعيا في بنائها الفكري .. كل ذلك أوجد دفعة قوية للسلوك العراقي إلى الأمام التقدمي على المستوى الشعبي في بيوت عرفت وتنفست الماركسية ،إذ من اثر تلك المرحلة أن حصل على العراق شباب وجيل مثقف ومتنور أكلته الفاسشت بنظامها القمعي في النظام السابق ،
أن هذه الدفعة التي أحدثها الفكر الماركسي في المجتمع العراقي عموماً جعلت نسق الاجتماعي – الاقتصادي يمثل نسقا ثقافيا في ممارسته اليومية إلى حدٍ ما من مثل الحياة ديمقراطية الاجتماعية ، وكذلك المظاهرات للمطالبة بحقوق الشعب أو رفض معاهدة كما حدث مثلا في رفض معاهدة بورت سموث في كانون 1948 ،، والتي قادها من داخل السجن سكرتير الحزب الرفيق فهد ، وأمثلة كثيرة ، المهم هنا اليوم هل استوعب العراقيين آنذاك - أو اليوم ، الفكر الماركسي في تطوره المادي ونظرته الفلسفية للوجود ككل متكامل ؟ وهل أضاف العراقيين تحليلاً جديدا للماركسية بعد التغير الهائل على وسائل الإنتاج و منها الأتمتة والبيع من خلال الانترنت و....، وكذلك على قوى العمل وبالذات المعرفة التي أصبحت بيد العامل ورفعتْ من مستوى إدراكه عن وقت كتابة الماركسية عند كارل ماركس ؟؟ وهذان السؤالان للفكر في كل مكان اليوم وليس المقصود في العراق فقط
ولأن بعد أن قدمتُ شيئا يسيرا عن أثر الفكر الماركسي أو الحزب الشيوعي في النسق الثقافي العراقي الشعبي تاريخياً إلى ثورة 14 تموز ، اذكر اهتمام الحزب اليوم بالتبشير بمفاهيم ماركسية مهمة قد تبدو أنها قليلة شأن لكن لها الأثر في اليومي المعاش وفي مستقبل الوطن، من خلال مساندة التظاهرات المطالبية السلمية دائما وبياناته بالكف عن الطائفية ووقفه بوجه الرأسمالية المتوحشة التي حاولت تمرير مشاريع الخصصة الناهبة للثروة الوطنية أكثر مما هي عليه الآن ، كذلك المطالبة بتوجيه اقتصاد العراق وجهة محددة ولو كان في ايجاد مصانع من الرأسمال الوطني على شكل قطاع خاص دون اعتماد على الدولة في هذه المرحلة فهو أفضل من بقاء عجلة الاقتصاد ريعي ودون وجهة محددة ؟! ،،ولكن المشكلة تكمن في عدم وجود استجابة شعبية لأكثر الطروحات بسب غياب تام للوعي التي سببها قراءات متعددة للتاريخ في العراق 2 بل يعيش اغلب العراقيين قراءتهم للتاريخ يوميا وفي اغلب حركاتهم وسكناتهم وحتى بعض الشيوعيين يعيشون هذه الحالة وكان الحزب لم يعلن وينظم ويطالب كل تنظيماته بفكرة الديمقراطية والتجديد ،بينما الإنسان في أوربا مثلا يقرأه لأنه تاريخ وربما يأتي للعراق او أي بلد في المنطقة لغرض دراسة حقبة تاريخية لأنها تاريخية وليس غير ذلك ،، والأكثر من ذلك أن اغلب العراقيين ينطلقون من تصورات وأحكام مسبقة على الأشياء فلا يسمع ولا يفكر فيما سمع ،مثلا عندما انقدُ العقلية اليسارية التي لا تمارس تطورا ملحوظا في قراءة مشاكل اليوم وحلها ،
اسمع او - أقرا على الفيس - مباشرة ردا عنيفا دون مبرر وعندما اسأل متفاجئاً عن السبب ؟ أجده يدافع عن اليسار عموما مع العلم أنني لم اقصد اليسار عموما بل قصدت العقلية غير المتطورة تحديداً منه لأنها تحولت بهذا الركود إلى يمين غير معلن ويصح أطلاق مصطلح جديد عليه ( يمين لا يعلم أنه يمين ) على الرغم من تناول مظاهره بكثرة نقدا من الآخرين إلا أنني لم أقرأ أو اسمع أحدا حدد هذه الظاهرة بمصطلح ( يمين لا يعلم أنه يمين ) وإذا كان موجدا فأنني أدعمه ،،
أما اثر الماركسية في الفن والأدب فهو جلي وكثير من المسرح إلى الموسيقى والغناء والنحت إلى القصة القصيرة والرواية والشعر وووووووو ، لا يفوتني أن أنبه إلى وجود المعلومات عن هذا الأثر في الانترنيت من خلال حياة المبدعين وتراجمهم وبعض المقالات والكتب .
.....................................................................................................................................................
* قدمتُ هذه الدراسة في جلسة حوارية بمكتبة سلام عادل العامة قرب مقر الحزب الشيوعي العراقي بالنجف
1 - حوار مع الفنان التشكيلي ذياب أغلام ، المقيم في استراليا
2 - د. حيدر سعيد من قناة الحرة – عراق عام 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصائل المقاومة تكثف عملياتها في قطاع غزة.. ما الدلالات العسك


.. غارة إسرائيلية تستهدف مدرسة تؤوي نازحين بمخيم النصيرات وسط ق




.. انتهاء تثبيت الرصيف العائم على شاطئ غزة


.. في موقف طريف.. بوتين يتحدث طويلاً وينسى أنّ المترجم الصينيّ




.. قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية على مخيم جباليا