الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل على السوريين رؤية ما ليس موجودا؟

محمد جمول

2013 / 12 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


حتى الآن مضى أكثر من ألف يوم على ما يسمى" الثورة" السورية. وخلالها كان علينا أن نرى ما يريد هؤلاء "الثوار" رؤيته فقط حتى وإن لم يكن له وجود على الأرض، أو حتى احتمال تحققه على أيديهم ذات يوم . وكان علينا ان نتحمل كل الاتهامات والعقوبات لأننا لا نرى ما يريدون ولا نردد كالببغاوات ما يقولون. والخطورة تكمن في أن العقوبة هي قتل من يخالفهم واقتلاع قلبه والتهامه أمام الكاميرا بكل فخر واعتزاز، إيمانا منهم بأن من حق أي مبدع أن يفاخر بما أبدع. وقد كانت ماركة القتل بالسواطير وأكل القلوب إبداعا "ثوريا"سوريا بامتياز وسوف تسجل براءة اختراعه باسمهم بكل جدارة. وعلينا أن نرى في ذلك إنجازا حضاريا لا يقل أهمية عن اختراع الحرف وتدجين القمح على الأرض السورية ذات يوم.
منذ البداية كان علينا أن نسلم بأن ثورتهم سلمية مع أن مجزرتهم ضد مبيت الجيش السوري في بانياس حدثت بعد أقل من عشرين يوما على بداية ما يسمونه ثورة ومذبحتهم ضد مفرزة الأمن العسكري في جسر الشغور بعد أقل من شهرين من بداية هذه السلمية. وقبلها كان مستودع أسلحتهم في المسجد العمري قد كشف بعد ثلاثة أيام من هذه البداية وباعترف قادتهم. وهناك العشرات من المذابح والعمليات العسكرية التي لم تكن شهية الإعلام تتقبلها في تلك الفترة فتم إهمالها.
وكان علينا أن نتقبل رواياتهم عن أن جبهة النصرة صنيعة النظام الذي يعمل على تدمير فروعه الأمنية وقتل ضباطه وعساكره. وعندما كنا نرفض تصديق هذه الروايات كانوا يتهموننا بأبشع الاتهامات. وخلال وقت قريب صرنا مطالبين بتصديق روايتهم أن جبهة النصرة هي القوة الضاربة للثورة السورية وأنها الضامن القوي لنشر الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا. وأن ما تقوم به مع شقيقاتها وملحقاتها من قطع الرؤوس وشي البشر أحياء وأكل الأكباد ما هو إلا خطوات لابد منها لخلق الأجواء المناسبة لنشر الحرية والديمقراطية، وبث الطمأنينة في نفوس أبناء سورية ممن يختلفون معهم في الرأي أو العقيدة الدينية.
ومع هذا كله لايزال بعض من يدعون الانتساب إلى التيار اليساري والعلماني، ويزعمون الدفاع عن حقوق الإنسان يصرون على إقناعنا أن هدفهم هو الديمقراطية والحرية والدولة المدنية الحديثة. وفي الوقت ذاته لا يريدون أن نرى أن داعميهم في كل من السعودية وقطر لا يمكن أن يكون هدفهم حرية أو ديمقراطية. فكيف نصدقهم ونحن نرى السعودية تحكم على أحد الناشطين السعوديين بالسجن أربع سنوات و 300 جلدة لمجرد أنه يطالب بملكية دستورية في بلاده؟ وأن الديمقراطية القطرية تحكم على شاعر قطري بالسجن 15 سنة لأنه ألقى قصيدة شعر لم يتأكد أحد بعد إن كانت مفخخة أوتحمل حزاما ناسفا. فهل يستطيع الناطقون باسم هذه " الثورة" من أمثال برهان غليون وميشيل كيلو وفاروق طيفور أن يجعلونا نرى ما ليس موجودا من الديمقراطية السعودية والقطرية؟ وأن يشرحوا للعالم مزايا هذه الديمقراطية وعلاقتها بالسيارات المفخخة وتكفير كل مخالف في الرأي والعقيدة، وان يبينوا لنا مزايا هذه الديمقراطية وبركاتها التي حلت على كل من ليبيا واليمن وقبلهما أفغانستان؟
يريد لنا هؤلاء "الثوار" أن نرى في سواطير جبهة النصر وفؤوس داعش وسكاكين التكفيريين جميعا مباضع جراحين وأقلام كتاب عصر التنوير القادم الذي يقوم على قتل العقل والإنسان وتدمير المدارس والمستشفيات ومحطات الكهرباء. عصر تنوير شرقي همجي يعيدنا إلى زمن الجلد والاستعباد و" ما ملكت أيمانكم".ممنوع أن نرى هذه الهمجية المرعبة وقطعان القتل والتدمير فقط لأن هؤلاء" الثوار" أحبوا أن يسموها "ثورة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توسع الاحتجاجات الجامعية في أنحاء العالم


.. إجراءات اتخذتها جامعات غربية بعد حرب إسرائيل على غزة




.. استشهاد فلسطينيين أحدهما طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزلا شر


.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع




.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر