الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعا فنان الشعب وداعا ايها المناضل

سندس سالم النجار

2013 / 12 / 21
الادب والفن


رجلٌ ، يطربك بصوته الرخيم بفنه الرفيع ، يطرح قضية امة وتاريخ وطن ْمضرج بالويلات والدماء ، بالبطولات والفداء ، طرق ابواب الكرامة ونوافذ الحرية برذاذ ٍ دامٍ من المشاعرِوايماءات الروح ..،طرق خلال طربه عدة موضوعات على عشق التراب ومقاومة الدكتاتورية والأستبداد ..
الفنان العراقي العملاق ، ابن البصرة الفيحاء (( فؤاد سالم )) ، تمكن ان يرتقي سلالم العلى من السّمو والأبداع والصدق الفني مما عكس اجمل صدى واحلى اثر في اثراء الغناء الوجداني والوطني في عصر كان الشعب احوج اليه ما يكون ..
كان الوطن باهواره وجباله بالنسبة له هو الحبيبة . تناغمت الحانه بمياه الفرات واريج التراب ، وبقي ذلك الأريج نبع دائم الفوران مجنون في داخله لا ينضب ْ...
تــأوهات التوق والحنين والأحساس بالوحدة والغبن ، اشباح دائمة المرعى في مروج لياليه الحالكة ، تحركه الرغبة في تلمس بقايا مَن كانوا طرائد احلامه ِ ..
وهو وحيدٌ غريب ٌ بعيدٌ لمْ ينسَ مكانا ًبل ْ وحدثاً في وطنه الا وبقي عالقا ً على اطراف فؤاده الصغير الكبير مسترسلا ً كل ذاك الكمْ من الحب والرغبة في الأنعتاق ِبالغناء ليقاوم جلطات الحنين المتخثرة في روحه الطيبة وهي ترزخ تحت وطأة ثقيلة من تنازع اشكال اللوعة والتغريب والألم ِ ..


عكس هذا كله حينما كان يصدح ( مشكورة ،وعليمن يا گلب تعتب عليمن ، وردتك تمر صيف ، وحرگت الروح لمن فارگتهم ، ومو بيدينا نودع الحبايب مو بيدينا ، ويا عشگنا فرحة الطير اليرد لعشوشة عصاري ) ، انا لا انسى يوم كنت تصدح بهذه الاغنية مع الفنانة المناضلة شوقية في المسرح الوطني ببغداد بصحبة كافة الرفاق والطيبين ـ واغاني كثيرة فاحت منها "روائح الهـــور والگصب والبردي والشلب والسمج المسگوف والرز العنبر والچاي ابو الهيل بما فيها طيبة اهل العراق وكرمهم " ـ

ابن الكرم والطيبة وابن المناضلين ( فؤاد ) فضّل حياة المهالك والاخطار هاربا من نظام البعث الفاشي ولن تنحن ِ هامته الباسقة يوما ً. كان صوتا ً ولغةً وقامة غريبة ًفي الغناء العراقي والشعبي الأصيل ....



هجر الفنان المخضرم ( أبو حيدر ) بلاده طائرا الى المنفى حاملا ً جرحه المفتوح ،مسخّرا فنه لفترة ليست بقليلة لخدمة بلاده وتحريرها من الحكم الاستبدادي، وبقي في الغربة معارضا ، عنيدا ً، صادقا ً، ومتحديا ً حنينه وشوقه طامحا ً بتحرير وطنه من براثن الفاشية ونيله الاستقلال والحرية التي طالما اغتصبتها الحكومات الاستبدادية المقبورة والحالية ، فغادر الوطن لكن الوطن لم يغادرْه . فعاش جسامة المأساة بثوانيها وايامها ,وسنواتها ، بآهات النورس المكسور الجناح .. !!

لماذا لا تستذكرهم الأقلام ليرحلوا وعلى ثغورهم ابتسامة وعبير القداح في ليال ٍ بغدادية مقمرة ، ليذكروا بان هناك مَنْ ذكَرَهُم ومَنْ سيذكُرُهم فيبتسمونَ شهقة الوداع ؟؟ !!
اليس لديهم الحق كله على الوطن ان يكرّم هؤلاء العمالقة قبل الرحيل ؟
حتى ان الراحل ( علي الوردي ) ـاُقيم له حفل تكريم وهو على فراش المرض ، فكُلِف نجلُه ان ينقل َ للحاضرين ولو بيتا واحدا من شعره لا اكثر فكان :
( جاءت وحياض الموت مترعة ً
وجادتْ بوصل ٍ حيث لا ينفعَ الوصل ُ ) ..

ها انت تموت على سرير المنفى مغتربا ، عشت شبابك مغتربا في وطنك ، وقضيت مغتربا في غربتك ، ولاتملك شئ في وطن افنيت سنين عمرك لاجله ..
لو كنت ببغاءً للنظام المقبور وللنظام الحالي مثل الكثيرين ،لقيموك وكافأؤك بالقصور والمال والمكانة الفنية التي تليق بمقامك ولكنك أيها الابي ارقى واكبر من كل هؤلاء ومن كل ما يمكلون ....

توفي صباح اليوم في مدينة دمشق فنان الشعب ( فؤاد سالم ) ،
لن نبكيك أيها الخالد ( فالعظماء خالدون وان رحلوا ) ..
وداعا يا نخلة العراق ..
وداعا ايها المناضل..
وداعا ايها الكبير..
وداعا فؤاد ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فؤاد سالم الغائب الحاضر ابدا
عامر سليم ( 2013 / 12 / 22 - 04:42 )
ويبقى الفنان والانسان الطيب فؤاد الغائب الحاضر ابدا اتذكر في ثمانينيات القرن الماضي والحرب العراقيه الايرانيه القذره مشتعله كنا جنودا ولانسمع الا اغاني فؤاد في جلساتنا واجازاتنا واحيانا في المعسكر وفي الخنادق رغم ضجيج وزعيق وصياح مطربي النظام الدموي الفاشي الفاسد ففؤاد كان فؤاد كل العراقيين ولم يغب عنهم رغم غيابه عن الوطن
اتمنى ان تحتضن البصره مسقط رأس الفنان تمثالا له بجوار تمثال السياب ومتحف لتاريخه ومهرجان بأسمه فهو فنان الشعب بحق
هنيئا لك ابا نغم فقد دخلت تاريخ العراق بوجه مشرق وذكرى عطره
تحياتي للكاتبه


2 - صوت فؤاد سالم يحملنا من المهجر إلى الوطن
ليندا كبرييل ( 2013 / 12 / 22 - 08:54 )
http://www.youtube.com/watch?v=_afkeFII8fM

لست عراقية أستاذة سندس، وبعيدة عن الوطن، لكني عن طريق صديق مفتون بفؤاد سالم عرفت هذه الأغنية منذ سنتين، وتعلقت بها، صوته دافئ رائع، لا أعرف من الفنانين العراقيين إلا ناظم الغزالي، أحبه جدا، وأضفت إلى أرشيف الأغنيات المرحوم فؤاد سالم
تشكري أستاذة على لفتة الوفاء، الرحمة والسلام على روحه
تفضلي بسماع الأغنية التي أحبها
احترامي


3 - انه ناظم الغزالي الثاني
فؤاده العراقيه ( 2013 / 12 / 22 - 11:25 )
ما يؤلمني إن الفنان فؤاد سالم كان طريح الفراش لعامين وأكثر منها ,فترة غربته الطويلة ولا من يسأل عنه ولا من مجيب له
كيف بعدت المسافات بين العرب وكيف صاروا بهذا الحال المأساوي ؟ رغم عطائه الكثير لم يأخذ الا القليل , ورغم نضاله وغربته لسنوات لكن الجميع مشغول بنفسه وبهمومه
حيث التقيناه يوما في سوريا , يقف في باب الجوازات رغم مرضه دون أي معين ولا حتى كرسي يجلس عليه , وبحال حرج بسبب الروتين وبسبب مخالفة بسيطة له , فقدمنا له العون وكان شاكرا لنا وممنون , فهو لم يجد من يعينه يومها والسنين التي فاتت عليه غريبا ومغتربا في عالم صار يشعر الغالبية فيه بغربته
أما اليوم وبعد رحيله , تذكره الجميع وصار لهم عزيزا , فالبعض يطالب ان يرحل جثمانه الى مدينته البصرة ومن ثم يتم تشييعه الى النجف , والبعض يطالب من ان يعمل له تمثالا , والبعض والبعض , في الوقت الذي فيه او أعطاه كل من يستطيع ان يقدم له أي عطاء , أو حتى تعاضدت الكلمات والطلب له بالأعانة , لما عانى كل ما عاناه في غربته في أواخر عمره
فما نفع التشييع وما نفع الكلمات بعد رحيله ؟ هل ستعيد له بسمته؟؟

اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل