الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بين فيروز وحسن نصرالله

حسين القطبي

2013 / 12 / 22
الارهاب, الحرب والسلام


لم اكن لالتفت لثمة علاقة بين الاثنين، بين فيروز، التي تحولت في مخيلتي، عبر السنين، الى نغمة كنسية، او ضربة وتر بيانو، مع حسن نصر الله، الذي يتكلم من فوهة بندقية، وكأن مخارج حروفه دوي رصاص على جدران مبان اسمنتية!!

بين من تنثر الوان قوس قزح، لتغري الاخرين بالسلام والمحبة، ومن يجيش للقتال، متلفعا السواد، بحجج ينفض عنا غبار اكثر من الف عام كئيب!!

لم اكن لانتبه اساسا، لولا تركيز بعض وسائل الاعلام على خبر، او جملة وردت في سياق الحديث خلال مقابلة لزياد الرحباني، ابن فيروز، مع موقع "العهد" التابع لحزب الله والتي قال فيها بان امه "تحب حسن نصر الله"، والخبر، او التركيز عليه، فعلا يثير لدي الاستغراب.والدهشة، فما بين فيروز ونصر الله هو كبر البحر، وبعد السما.

وجه الاختلاف بين فيروز، المطربة، ونصر الله، المعمم، هو ليس ان الاخير يحرم الغناء، وهي تحرم القتال، فقط، بل هناك "اختلافات" و"خلافات" اعمق بكثير، ففيروز وقفت بسلاحها "الفن" ضد الحرب الاهلية في لبنان، واستخدام البندقية، وهو "نصرالله"، يقف بسلاحه، البندقية، ضد الفن. هي خاطبت اللبنانيين، والعرب، بلغة الحب، التي ميزت سبعينيات القرن الماضي من اجل نزع السلاح وبناء مجتمعات مسالمة، بينما يستخدم نصر الله، خطابه التحريضي، بلغة الدخان والبارود، التي تسود ثقافة الالفية، لهدم مجتمعات قائمة، وهذا فارق كبير جدا.

كيف تستطيع ان تجمع في مخيلتك صوت فيروز الذي يتغنى بسكون الليل، مع خطاب نصر الله الداعي لصخب المدافع!!

فالفتاة التي تعلقت بطفل، "شادي"، قبل عشرين عاما، وما زالت تتذكر الى اليوم، عند اوائل نزول الثلج في كل شتاء، ركضته الاخيرة نحو الرابية حين ارتفعت اصوات النار، واغتالته رصاصة طائشة (*) وهي احدى ابداعات فيروز لابراز الوجه القبيح للقتال، لابد ان تسأل هذه الفتاة التي قدمت الاغنية، من قتل شادي؟ اليسوا هم دعاة الحروب ومؤدلجي القتل، والمتفاخرين بجمال البندقية؟

نعم، الفارق بين فيروز ونصر الله، هو الفرق بين السلم والحرب، بين كرنفال الالوان في قوس قزح، وكابة السبي بالاسود والابيض.

الدعوة للسلم، كونها تعني محبة الانسان الاخر، فانها تنبع من روح الخير والفضيلة، وهي صنو الجمال، بينما الدعوة للحرب هي فورة احقاد ضد الانسان الاخر، نابعة من روح شريرة عدائية لا مكان فيها لابسط دواعي الشفقة. ولا تكترث بما تخلفه بحق الاخرين من جرائم.

الدعوة للسلم هي وعي لضرورة بناء مجتمع متسامح، يوفر اجواء التقدم العلمي، والتطور الحضاري، ينعم فيه الانسان بحقة الطبيعي في البحث عن مجالات افضل للحياة، وفي الوقت نفسه تنعم فيه المرأة بحرمتها، والطفولة بقسطها، ويستطيع الانسان من خلاله ان يحضى باحترام وجوده، الذي يستحقه.

بينما التجييش، ونشر ثقافة الدخان والبارود، لاعذار فقهية، وتغليب ثقافة الاستعراض العسكري، على مهرجانات بعلبك، وتوسيع الثكنات على حساب الجامعات، تمثل حالة اللاوعي، وتقهقر المجتمعات، واحياء لثقافة حز الرؤوس وتقطيع الاكباد وعض القلوب البشرية النيئة.

احتفلت فيروز قبل شهر بعيد ميلادها الثامن والسبعين، واحتفل معها دعاة السلم في لبنان، من غابات الارز، التي كانت فيروز صوتها، واستغاثتها من النار ايام الحرب الاهلية، الى صخرة الروشة التي تعشق صخب البحر والعوائل حولها، الى الريح التي تنسم من مفرق الوادي.

وطيلة العقود الستة من مسيرتها هذه، غنت فيروز لدمشق، بيروت، بغداد، القدس، وحتى مكة، لكنها لم تغني لملك، او لرئيس او لامير حرب رغم الاغراءات المادية، فهل يخبرنا زياد الرحباني اليوم بان فيروز قد تغيرت، فيروز اصبحت ليست فيروز؟؟ هل يخبرنا بان فيروز ستحمل البندقية؟ ستحرق غابات الارز، وتطرد الصغار والعوائل عن صخرة الروشة؟ تسمم الريح التي تنسم من مفرق الوادي، هل ستقتل شادي؟

(*) رابط اغنية http://www.youtube.com/watch?v=hYo21gxf-qc








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الفنانين يصيبهم النفاق و ما أكثرهم
مريم رمضان ( 2013 / 12 / 22 - 03:23 )

فيروز غنت لمكه الذي خرج منها دين القتل والإرهاب وغنت للقدس وصلب المسيح الذي يعطي المحبه والسلام .فهل ترى نفاق أكثر من هذا

اخر الافلام

.. ماذا وراء سجن المحامية التونسية سنية الدهماني؟ | هاشتاغات مع


.. ا?كثر شيء تحبه بيسان إسماعيل في خطيبها محمود ماهر ????




.. غزة : هل توترت العلاقة بين مصر وإسرائيل ؟ • فرانس 24 / FRANC


.. الأسلحةُ الأميركية إلى إسرائيل.. تَخبّطٌ في العلن ودعمٌ مؤكد




.. غزة.. ماذا بعد؟ | معارك ومواجهات ضارية تخوضها المقاومة ضد قو