الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوراق توت من نوع خاص

نور الدين بدران

2005 / 6 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


مشهورة حكاية الطبيب الذي لديه دواء واحد لجميع الأمراض، وهو عبارة عن شربة للدود، حتى أن أحد الأولاد الأشقياء، تعرض لكسر في رجله، فأعطاه ذلك الطبيب الشربة عينها، وحين استهجن والد المصاب الأمر، سأله الطبيب :كيف كسرت رجل الولد؟ قال الوالد: طلع إلى شجرة فتعثر ووقع،ضحك الطبيب ضحكة المنتصر :ولو لم يكن الدود يلعب في مؤخرته هل كان سيصعد إلى الشجرة؟!.
الصحفي العتيق غسان الإمام ، في مقلات سابقة عديدة وخاصة في مقالته اليوم في الشرق الأوسط، ذكرني بهذا الطبيب، فليس لدى الإمام سوى علاج واحد، هو شربة الاتهام ، اتهام كحكم قيمة، ليس له علاقة بالمعرفة والتمحيص والتدقيق حتى بأدنى أشكال الاحترام للكلمة والمعرفة، فالشعب العراقي الذي مضى إلى صناديق الاقتراع، رغم تهديدات القتل والتفجير الزرقاوية والصدامية،اتهمه غسان الإمام يومئذ بالقطيع، بعد ذلك في مقال عن المعارضة السورية في الخارج، ودون تمييز بين معارض وآخر، أطلق الإمام اتهاماته رشاً على الجميع ، فكانوا دفعة واحدة، فبركة المخابرات الأمير كية،ولم يترك لنفسه خط الرجعة نحو أي استثناء،ولم يقل لنفسه ، ربما كانت ثمة مخابرات أخرى أوروبية أو آسيوية مثلاً أو حتى افريقية لها حصة!!!
أو ربما كان أحد المعارضين من المساكين الذين لم يجدوا من يرعاهم أو يتعاقد معهم أو يجندوه ، وهل كل الناس لهم حظوة الإمام وأمثاله؟؟؟ ولأني أنطلق من المونولوج الداخلي للإمام ، فلا أفترض أية نية حسنة تجاه المعارضين، أي الاستقلالية والكرامة الشخصية والثقافية والوطنية ، التي على ما يبدو مفقودة أو غير معروفة لدى بطلنا.
ويبدو أن صاحبنا لم يأخذ من أوروبا سوى صقيعها ، فحفظ في ثلاجته الطبيعية ، شيئاً واحداً محدداً،وكأنه عقده الفريد وثروته المميزة، وهو هذه النزعة الواحدية بنمطها السوري الكوري، وقد أفلح في ذلك، فبقيت محفوظة في عقله وقلبه طازجة رغم سنوات إقامته الطويلة في بلدان حرية الرأي والتعبير،ولم يكن ذلك ممكناً لو لم تكن إقامته هناك كموظف وليس كمثقف لأن تلك البلاد ذات أثر على المثقف البعيد وليس المقيم فقط.

ربما كل ما سبق يدخل في مجال التخمين والتحليل والرأي، لكن الإمام اليوم، وكسلطة شمولية غاشمة يعتدي على حقول المعرفة والتاريخ والفكر السياسي وبالطبع كتحصيل حاصل على الأدب، وبكلمة واحدة،يصبح حكم صلاح جديد تروتسكياً،ثم يستمرئ الإمام هذه الكلمة(التروتسكية) فلا يدع حالة متطرفة من أشكال اليسار العمالي أو البرجوازي الصغير، إضافة إلى التنويعة الخاصة من أشكال القومية حتى الشوفينية منها ، إلا ويلصق بها الماركة المسجلة خاصته ، وهي حسب احتفاليته اليوم التروتسكية.

ولا يحتاج الأمر إلى كثير من المناقشة، فلا بد للمرء من الكثير من الجهل والحماقة أو من الأغراض الفاسدة وسيئة النية ، حتى يتحدث عن أية قواسم مشتركة أو نقاط أو حتى فكرة واحدة، من أفكار البعث في كل مراحله ولدى جميع قيادييه
ومنظريه ومستكتبيه، لها علاقة بفكر تروتسكي وسلوكه؟ وإذا افترضت أن الإمام يتكلم صادقاً وبحدود معرفته فلا بد أن معرفته بتروتسكي (لأنه بلا شك يعرف البعث ) لا تتجاوز معرفة جدتي بالانترنيت.

يحلب الإمام ذاكرته، وبعد جهد مصطنع ومفضوح كذبه ( لأن السيد حسين العودات ليس نكرة، ولم ينبعث فجأة في خبر اعتقاله البارحة، وإضافة إلى كتاباته الصحفية وغيرها ، هو أحد المحللين السياسيين الذين تعرفهم الإذاعات المعروفة والفضائيات المشهورة، ولا يحتاج إلى تعريف ولا إلى حلب ذاكرة) فيقطر منها السيد حسين العودات، حين كان مديراً لوكالة سانا للأنباء، ولأني لا أعرف السيد حسين العودات شخصياً، فإن ما أقوله ليس له علاقة بشخصه، ولكن الإمام لم يأت بجديد عن تلك الأيام، لا عن السيد حسين العودات ولا عن غيره، فسلطة البعث ( وجميع الأحزاب والتنظيمات والنوادي والأديان والطوائف والمؤسسات والمجتمع السوري وخاصة بعد عبد الناصر وعبد الحميد السراج) لم تكن يوماً ديمقراطية، ويمكن أن يكون حسين العودات تصرف مع الإمام وغيره بما سرد الإمام وأكثر، و لو تصرف غير ذلك لكان استثناء فريداً وأصلاً لما كان في ذلك الموقع الوظيفي أو الحزبي، لكن كيف لعقل الإمام اليوم وليس منذ ثلث قرن أن ينكر على العودات أو غيره، وبعد كل هذه التحولات المذهلة في العالم أن يتغير ويتبدل؟
يضحكني هذا الإمام حين يحاول خلط الأوراق بطريقة بهلوانية مفضوحة جداً، فحسين العودات التروتسكي يصبح داعية للإخوان المسلمين الذين سيستلمون السلطة في سوريا بعد قراءة ورقة في منتدى الأتاسي.
والإمام مشفق على ابنة الدكتور جمال الأتاسي الساذجة والمستغلة من مجموعة صم بكم عمي ختم غسان الإمام على قلوبهم وأعمارهم فلا يتطورون ولا يتغيرون؟
ولا يكتفي الإمام بالافتراء على السيد حسين العودات، بل يهدم ويعدم دار النشر العائدة للرجل، حيث يقول: إنها دار نشر لا تنشر.ولو لم تنشر هذه الدار سوى مؤلفات سعد الله ونوس، (الذي كان يحلم برؤية كتبه مطبوعة ومنشورة في داخل سوريا)لكان هذا العمل كافياً لمن يفهم ويخجل حتى يسد مجرور افتراءاته واتهاماته المدروسة والمحسوبة بدقة.
ماذا يريد الإمام من هذه المسرحية /المقالة بالذات ؟
هل يريد مثلاً أن يقنع السلطات السورية (ويبدو أنه ذو حظوة ) أن تعيد السيد العودات وزملاءه إلى المعتقل؟ فيشفي غليله، وينتقم ويثأر؟ أم يريد أن يقنع القارئ بأن العودات وزملاءه في وقت واحد هم تروتسكيون وجسر للإخوان المسلمين ليستلموا السلطة في سوريا ويحذر الشعب السوري ، عفواً الحكومة السورية( الشعب لديه قطيع في كل مكان وزمان) من خطر انقلاب تروتسكي يقوده الأخوان المسلمون أو انقلاب أخواني يقوده التروتسكيون؟ أم أنه يرسل إخبارية لمصلحة الضرائب وإتحاد الناشرين، عن دار لا تنشر؟ أم أنه يقوم بفعل خير لوجه الله ، فيوعي ويصحي كريمة الراحل جمال الأتاسي؟ وكل هذا الذي يبدو هلوسة ولغواً وما هو بهلوسة ولا بلغو، كان يمكن لغسان الإمام أن يقوم به منذ زمان، لكن السؤال لماذا اليوم؟
أعتقد أن الجواب يكمن في أن هناك صحفيين كأوراق توت من نوع خاص، ، لا تصلح غذاء لدودة القز، بل ربما لا تصلح إلا لفعل خاص وهو تغطية أماكن خاصة في أوضاع معينة، من هؤلاء الصحفيين مثلاً لا حصراً السيد غسان الإمام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت